«إذاعة القرآن الكريم»: 58 عامًا من الذكر الحكيم

بينما تنثر الشمس خيوطها فى الساعات الأولى من كل صباح، ينبعث صوت المذياع مدويًا «إذاعة القرآن الكريم.. من القاهرة» ليُعلم المستمعين أنهم باتوا على موعد مع تلاوة عطرة لآيات الذكر الحكيم؛ فمنذ أن أطلقت إذاعة القرآن الكريم أول بث لإرسالها الإذاعى فى مثل هذا اليوم 25 من مارس قبل 58 عامًا باتت طقسًا يستهل به البيت المصرى؛ بل العربى يومه، مصحوبًا بأصوات كبار المقرئين والمبتهلين ومقدمى البرامج الإسلامية.
تلك الأصوات تتغلغل كموجات البث الإذاعى لتتردد على الأسماع نافذة إلى قلوب مستمعيها كل صباح حتى باتت مدرسة التلاوة المصرية المتمثلة فى قرائها «الطبلاوى، ومحمد صديق المنشاوى، وعبدالباسط عبدالصمد، ومصطفى إسماعيل، وطه الفشنى، ومحمد رفعت، ومحمود البنا» تمثل رمزًا أيقونيًّا لترتيل آيات الله، ورغم أن معظم هؤلاء القراء رحلوا؛ بقيت أصواتهم تصحبنا فى كل صباح إلى رحلة يومية تغمر نفوسنا بالسكينة رفقة آيات الله المحكمات.
جاءت «إذاعة القرآن الكريم» انطلاقًا من دور مصر وأزهرها الشريف؛ بعد أن ذاع خبر حول انتشار طبعة مذهبة من المصحف الشريف، بلمسة جمالية تزينت بورق فاخر وتنسيق متميز جاذب للأنظار تحوى بعض التحريفات، لتقرر وزارة الأوقاف المصرية وضع آليات لتوثيق القرآن، بهدف حمايته من التحريف عبر تسجيله صوتيًّا.
من هُنا سجل القارئ الشيخ محمود خليل الحصرى أول مصحف مرتل برواية حفص عن عاصم، ولصعوبة توزيع النسخة المسجلة تقرر إطلاق «إذاعة القرآن الكريم» عبر تسجيلات يدققها المجلس الأعلى للشؤون الإسلامية، وهى إذاعة بدأت عبر موجتين قصيرة ومتوسطة بمدة إرسال قدرها 14 ساعة يوميًّا، من ال6 حتى ال11 صباحًا، ومن ال2 حتى ال11 مساءً.
و فى تمام ال6 من صباح 25 من مارس 1964، صدح صوت الشيخ محمد رفعت نافذًا إلى الملايين من مستمعى الإذاعة، ليتجدد موعدنا مع إذاعة القرآن الكريم يوميًّا.