«العيوب الخلقية» لدى الأطفال تتم معالجتها جراحيًا.. ولا تؤثر على الذكاء أو الوظائف العقلية

الشفة الأرنبية، شق سقف الحلق، التحام عظام الجمجمة، ضمور نصف الوجه، وغيرها من التشوهات، هى بعض العيوب الخلقية التى يُولد بها بعض الأطفال حديثى الولادة، وتسبب لهم مشاكل عديدة، والوفاة فى بعض الأحيان، والتشوهات الخلقية تسبب مشاكل عديدة للطفل، ولا علاج لها سوى التدخل الجراحى، لكن مع سرعة التوجه إلى الطبيب وسرعة التشخيص يستطيع هؤلاء الأطفال الحياة بصورة طبيعية.
وفى هذا الصدد، يقول الدكتور كرم علاء، أستاذ جراحة تجميل الأطفال بكلية الطب، جامعة سوهاج، إن العيب الخلقى أو الاختلاف التكوينى، مشكلة تحدث أثناء نمو وتطور الجنين داخل الرحم، وبشكل أساسى فى الشهور الثلاثة الأولى من الحمل، وتظهر فى صورة اختلاف شكلى أو وظيفى فى الأنسجة عن الشكل والوظيفة الطبيعيين، ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، يصيب تقريبا من 3% إلى 5% من المواليد الأحياء، ويعتبر السبب الرئيسى لإجهاض الحمل فى شهوره الأولى وولادة طفل ميت، ولذلك من الأفضل بمجرد ما يتم التشخيص عادة بعد الولادة بأيام وأحيانًا أثناء الحمل، تتوجه الأم فورًا إلى الطبيب.
وتابع: الهدف من التشخيص وزيارة الطبيب المبكرة، هو الشرح والتوضيح والاطمئنان، لإزالة حالة الهلع من الأسرة، نتيجة الجهل بطبيعة العيب الخلقى، ومن المهم أيضا بعد الولادة توضيح بعض المعلومات المهمة، مثل طريقة التغذية والنوم وفحص بقية أجزاء الجسم لاستبعاد عيوب خلقية مصاحبة، وشرح المخطط الزمنى للعلاج، والإجابة عن أية استفسارات للأسرة مثل احتمالات تكرار الحالة فى حمل قادم.
وأشار أستاذ جراحة تجميل الأطفال بكلية الطب، جامعة سوهاج، أن من أشهر العيوب الخلقية التى تصيب منطقة الوجه والرأس، الشفة الأرنبية وشق سقف الحلق، يليه عيوب خلقية أخرى مثل الالتحام المبكر لعظام الجمجمة، وضمور نصف الوجه، والعيوب الخلقية للأذن والأنف والجفون وغيرها، وكل عضو أو نسيج فى الوجه والرأس يمكن أن يتأثر بعيب خلقى فى صورة زيادة أو نقص أو تشوه فى الشكل أو خلل فى الوظيفة، كما أن الوحمات الدموية والصبغية شائعة الحدوث وتصيب الوجه ويمكن أيضا أن تصيب بقية الجسم.
وعن كيفية اكتشاف الأم إذا كان طفلها يعانى من عيب خلقى من عدمه، أوضح الدكتور كرم علاء أن معظم العيوب الخلقية الظاهرية مثل الشفة الأرنبية وتشوهات الفكين والجمجمة والأنف والأذن والجفون يمكن تشخيصها أثناء الحمل، باستخدام الموجات فوق الصوتية (السونار) بداية من الشهر الرابع، لكن بعضها يصعب تشخيصه أثناء الحمل (مثل شق سقف الحلق غير المصحوب بشفة أرنبية والتصاق الفكين واللسان)، لكن غالبية العيوب الخلقية يمكن تشخيصها عند الولادة بالفحص الطبى المناسب، وبعض التشوهات رغم كونها عيوبًا خلقية إلا أنها لا تتضح إلا خلال الأسابيع أو الشهور الأولى بعد الولادة، مثل بعض أنواع الوحمات الدموية والالتحام المبكر لعظام الجمجمة، فى لحظة الولادة حجم مخ الطفل يكون ربع حجم المخ عندما يصل لمرحلة البلوغ، ثم يتضاعف الحجم خلال السنة الأولى ويصل ل90٪ من حجمه النهائى على سن 5 سنوات، وعظام الجمجمة وظيفتها حماية المخ وفى نفس الوقت تساعد على نمو المخ السريع فى شهور وسنوات العمر الأولى، لذلك لا تتكون الجمجمة من عظمة واحدة مصمتة، لكن مجموعة عظام مرتبطة ببعضها بمفاصل لينة تسمح بنمو المخ ونمو عظام الجمجمة، وإذا التحمت العظام قبل موعدها الطبيعى يتشوه الشكل الطبيعى للجمجمة وقد يحدث ضغط على المخ وتأثر لوظائفه.
وتابع: قد تحدث العيوب الخلقية فى أى عضو فى الجسم، بما فى ذلك العظام والمفاصل والعضلات، إلا أن بعضها تكون أكثر شيوعا، مثل العيوب التى تحدث فى الوجه، فلها خصوصية معينة أو شكل خاص من أشكال الخطورة، حسب تأكيد الدكتور كرم علاء، والسبب لأنها موجودة فى بوابة تواصل الإنسان مع المحيط الخارجى، فالوجه هو مركز الاتصال الرئيسى ومحط أنظار الآخرين، وأيضا يحتوى على أعضاء الإحساس العليا (سمع- بصر- كلام- شم- تنفس وتغذية) بالإضافة لوظائف المخ، لذلك لا تكون المشكلة شكلية فقط ولكن تؤثر على بعض ما سبق من الوظائف الحساسة، ويضاف إلى ذلك التكوين الدقيق للأنسجة الملىء بالتفاصيل المتنوعة فى الوجه، بما يقتضى حرصا شديدا فى الحفاظ على الأنسجة وتخطيط شديد الدقة لعمليات الترميم، وتعويض المفقود بأنسجة مماثلة أو مشابهة للمفقود قدر الإمكان للوصول إلى أفضل نتيجة ممكنة.
وعلى سبيل الاطمئنان لذوى تلك الحالات، قال أستاذ جراحة تجميل الأطفال إن غالبية العيوب الخلقية للوجه والرأس، لا تؤثر على الذكاء والوظائف العقلية باستثناء عدد من المتلازمات المرضية المعروفة، أما عن العلاج المتاح لتلك العيوب، فليس لها سوى التدخل الجراحى، وأشار أستاذ جراحة تجميل الأطفال إلى عدم وجود تدخل جراحى فعال أثناء الحمل، وبعد الولادة مباشرة تكون التدخلات المحدودة، لعلاج أمر طارئ يهدد حياة الطفل، مثل انسداد فى قنوات التنفس، وبعض الجراحات تتم مبكرا على عمر 3 شهور، مثل الشفة الأرنبية إذا كان الطفل وصل لوزن مناسب وحالته الصحية لائقة لإجراء العملية، وبعضها مرتبط باكتمال نمو منطقة معينة من الوجه، مثل تطويل عظام الفك الضامرة، وتكون فى عمر 7 سنوات، وإصلاح الأذن الخفاشية (5 سنوات)، وبناء الأذن الخارجية بغضاريف ذاتية (10 سنوات) وغيرها، وأيضا عامل الوظيفة ودرجة تأثرها بالعيب الخلقى، فعملية إعادة تشكيل عظام الجمجمة فى حالات الالتحام المبكر يتحدد وقتها بشكل كبير بناء على وجود ضغط على المخ من عدمه.
وأضاف: تتحدد عدد الجراحات المطلوبة وفقا لطبيعة العيب الخلقى، وكفاءة الإجراء الجراحى، وطبيعة أنسجة المريض ونموها، فبعض حالات شق الشفة البسيط يتم إصلاحها فى عملية واحدة، ولو مصحوبة بشق فى سقف الحلق تحتاج مرحلة ثانية أو أكثر حسب درجة نقص الأنسجة العظمية والرخوة وطبيعة نموها، وكلما ازداد تعقيد العيب الخلقى كلما كان من المتوقع احتياجه لعدد من العمليات، مرتبطة بإطار زمنى يلائم مراحل نمو الوجه.