قبل أيام من انطلاق ماراثون الدراما الرمضانية، جددت منظمة الصحة العالمية، والمؤسسات المعنية بمكافحة التبغ والتدخين، الدعوة إلى الحكومات لتصنيف الأفلام والمسلسلات التى تتضمن مشاهد تعاطى التبغ، وذلك لمنع الأطفال والمراهقين من الشروع فى تدخين السجائر وتعاطى سائر أشكال التبغ. وأكدت المنظمة أن الذين يستخدمون التبغ فى سن المراهقة ويستمرون لعقدين أو أكثر من الزمن، سيموتون مبكرًا عن الذين لم يبدأوا فى استخدامه، بمقدار يتراوح بين 20 و25 سنة، وهو ما يستدعى إطلاق تحذيرات فى مسلسلات الدراما والأفلام السينمائية. وقالت المنظمة إنه تماشيًا مع المادة 13 من اتفاقية المنظمة الإطارية بشأن مكافحة التبغ، فإنها توصى بفرض تصنيف تبعًا للسن على الأفلام التى تحتوى على مشاهد تبغ للحدّ من تعرّض الشباب لمشاهد التبغ فى الأفلام، مع الإقرار فى مقدمة العمل الفنى بأن المُنتج لم يتلق أى شىء ذى قيمة من أى شخص، مقابل استخدام منتجات التبغ أو عرضها، فضلًا عن وضع حد لعرض علامات التبغ التجارية فى الأفلام، وعرض إعلانات قوية مناهضة قبل الأفلام المتضمنة مشاهد للتدخين. ووفقًا لدراسة حكومية لصندوق مكافحة وعلاج الإدمان، فإن الدراما لها تأثير كبير فى تشكيل وعى واتجاهات الأطفال والنشء تجاه قضية التدخين والمخدرات، واحتلت الدراما المرتبة الأولى كمصدر معلومات عن التدخين والمخدرات بين الطلاب، وكشف المرصد الإعلامى لصندوق مكافحة وعلاج الإدمان، أن تحليل التناول الدرامى لمشكلة التدخين وتعاطى المواد المخدرة لعدد 24 عملًا دراميًّا العام الماضى، وجد أن أبرز أنواع التدخين التى ظهرت فى الدراما هى السجائر بنسبة 60% والشيشة 38% وسيجار 18% والتدخين الإلكترونى بنسبة 1% والبايب 1% حيث يتضمن المشهد الواحد أكثر من منتج. وفقًا لمصادر مسؤولة فإنه من المتوقع أن تشهد دراما رمضان هذا العام، زيادة فى نسبة مشاهد التدخين نظرا لتنافس عدد كبير من الأعمال الدرامية مقارنة بالعام الماضى، حيث وصلت إلى 32 عملا دراميا حتى الآن، مما جعله يعد الأقوى منذ سنوات كثيرة، نظرًا لمشاركة أسماء كبيرة داخل المنافسة، ولهذا بدأ المرصد الإعلامى لصندوق مكافحة الإدمان الاستعداد لمتابعة تلك الأعمال وإعداد تقرير بشأنها وتسليمه إلى لجنة الدراما بالمجلس الأعلى للإعلام، لاتخاذ الإجراءات اللازمة والعقوبات حيال الأعمال المخالفة. وكان العديد من نشطاء مكافحة التدخين قد طالبوا بوضع معايير تضمن تناولًا رشيدًا من الأعمال الدرامية لمشكلة التدخين، وأكدوا أن كافة الجهود الوطنية وحملات التوعية بقضية التدخين لن تؤتى ثمارها الحقيقية دون مساندة الدراما، ومن المهم رصد التناول الدرامى ظاهرة التدخين ورفض الأعمال الدرامية التى تتضمن مشاهد تدخين دون التطرق لتداعيات هذه الظاهرة والآثار السلبية المترتبة على التدخين، وأن هناك أدوات كثيرة يستطيع الفنان إيصال فكرته من خلالها دون اللجوء إلى التدخين، والفشل فى ذلك يعتبر عجزًا منه. وبحسب تقرير مؤشر تدخلات شركات التبغ فى مصر لعام 2020، الذى أعدته جمعية مكافحة التدخين والدرن، بدعم من مكتب منظمة الصحة العالمية فى مصر، فإنه على الرغم من تنفيذ حظر الإعلان المباشر عن التبغ، لكن الإعلان «غير المباشر» منتشر على نطاق واسع من خلال تصوير استخدام التبغ فى الدراما السينمائية والتليفزيونية. وشددت الجمعية على أن انتشار مشاهد التدخين فى المسلسلات يهدم كل الحملات الإعلانية التى تقوم بها الجهات المعنية لمحاربة التدخين، لأن الشباب يعتبرون الممثلين مثلهم الأعلى وقدوة حسنة بالنسبة إليهم كما أن صانعى الدراما يتعمّدون إظهار الأفراد المدخنين فى أفضل حالاتهم الصحية والمزاجية، وذلك يشجّع الشباب أكثر على تقليدهم. وترى منظمة الصحة العالمية أن التدخين فى الأفلام والمسلسلات يُمكن أن يكون شكلًا قويًّا من الترويج لمنتجات التبغ، غير أن الأطراف فى اتفاقية المنظمة الإطارية بشأن مكافحة التبغ، وعددها 180 طرفًا، ملتزمة طبقًا للقانون الدولى بحظر الإعلان عن التبغ والترويج له ورعايته، وقال تقرير للمنظمة إن الأفلام التى تُظهر منتجات التبغ قد أغرت الملايين من الشباب فى مختلف أنحاء العالم على الشروع فى التدخين. كانت دراسات أجريت فى الولاياتالمتحدةالأمريكية أظهرت أن التدخين فى الأعمال الفنية مسؤول عن اجتذاب 37% من جميع المدخنين المراهقين الجدد، وطبقًا لتقديرات مراكز مكافحة الأمراض والوقاية منها فى الولاياتالمتحدة عام 2014، أدّى التعرض لمشاهد التدخين فى الأفلام، فى الولاياتالمتحدة وحدها، إلى حشد أكثر من 6 ملايين مدخن شاب جديد من بين الأطفال الأمريكيين فى عام 2014، منهم مليونان سيلقون حتفهم فى نهاية المطاف بسبب أمراض ناجمة عن التبغ.
