وزير العمل يشارك في الملتقى الدولي للتضامن مع عمال فلسطين والأراضى العربية المحتلة    دمج بعض الوزارات.. أحمد موسى يكشف موعد إعلان تشكيل الحكومة الجديدة    الكهرباء ترد على شكاوى زيادة مدة تخفيف الأحمال عن ساعة أو ساعتين في بعض المناطق    السعودية وإثيوبيا تعلنان إنشاء مجلس أعمال مشترك    بوتين: المتاعب القضائية لترامب هي نتيجة تجاذب سياسي داخلي بين الديمقراطيين والجمهوريين    محلل سياسي يوضح تأثير خطاب نتنياهو بالكونجرس على توجه الأمريكيين بالانتخابات الرئاسية    موراتا يقود منتخب إسبانيا ضد أندورا قبل خوض يورو 2024    وزراء مالية منطقة اليورو يؤيدون موقف مجموعة السبع بشأن الأصول الروسية    مدرب بوركينا فاسو: سنقدم أفضل ما لدينا أمام مصر    ضبط سمك منتهي الصلاحية في حملة على سوق السمك بدمياط    أحمد فهمي يروج لفيلم عصابة الماكس: السكة لسه طويلة    مايان السيد بديلة أسماء أبو اليزيد في « قصر الباشا» مع أحمد حاتم    رسائل تهنئة بمناسبة عيد الأضحى 2024    عيد الأضحى 2024: هل يجوز الانتفاع بلبن وصوف الأضحية حتى نحرها؟ «الإفتاء» توضح    بالفيديو.. خالد الجندي: هذا ما يجب فعله مع التراث    تيسير مطر: الجميع متضامن مع القضية الفلسطينية وندعم قرارات الدولة المصرية    خبير اقتصادى: الحكومة المستقيلة حققت تنمية غير مسبوقة فى الصعيد وسيناء    منى زكى تقبل اعتذار "اليوتيوبر" المتهم بالإساءة إليها وتتنازل عن الدعاوى    الحكومة الألمانية تعتزم تخفيف الأعباء الضريبية بمقدار 23 مليار يورو خلال السنوات المقبلة    صالح جمعة يعود إلى العراق للانتظام فى تدريبات فريق الكرخ    السعودية ومصر تعلنان موعد غرة ذي الحجة وعيد الأضحى 2024 غدًا    خطاب التنصيب من الاتحادية للعاصمة الإدارية.. سنوات من البناء    رؤية مصر 2023.. "الأزهر" يدشن وحدة للاستدامة البيئية - تفاصيل    أستاذ قانون دولي: أمريكا تعاقب 124 دولة أعضاء في المحكمة الجنائية الدولية    «درَّة التاج»| العاصمة الإدارية.. أيقونة الجمهورية الجديدة    طرح البوستر الرسمي لفيلم "اللعب مع العيال".. ومحمد إمام يعلق    رئيس جامعة المنوفية يستعرض الخطة الاستثمارية وتعظيم الاستفادة من الموارد الذاتية    رئيس «أسيوط» يشهد احتفال «الدول العربية» بتوزيع جائزة محمد بن فهد    الخشت: تطوير الرياضة الجامعية ودعمها بكافة الإمكانات وتوفير بيئة مناسبة لممارستها    أمين الفتوى بدار الإفتاء: الدعاء مستجاب في روضة رسول الله    «الصحة».. صمام الأمان    نور تحكي تجربتها في «السفيرة عزيزة» الملهمة من مريضة إلى رائدة لدعم المصابين بالسرطان    رئيس الجمعية الوطنية بكوت ديفوار يستقبل وفد برلماني مصري برئاسة شريف الجبلي    وزير الطاقة ونائب أمير مكة يتفقدان استعدادات موسم حج 1445    إنقاذ حياة كهربائي ابتلع مسمار واستقر بالقصبة الهوائية ببنها الجامعي    أمين الفتوى يوضح طريقة صلاة التسابيح.. مٌكفرة للذنوب ومفرجة للكروب    بعد صدور قرار النيابة بشأن التحاليل.. أول تعليق للفنانة هلا السعيد على واقعة التحرش بها من سائق «أوبر»    فوز الدكتورة هبة علي بجائزة الدولة التشجيعية 2024 عن بحث حول علوم الإدارة    السبت أم الأحد؟.. موعد الوقفة وأول أيام عيد الأضحى المبارك 2024    «الأطباء» تعلن موعد القرعة العلنية ل«قرض الطبيب» (الشروط والتفاصيل)    بفرمان كولر.. الأهلي يستقر على ضم 3 لاعبين في الصيف الجاري    تعليق مثير من مدرب إشبيلية بشأن ضم أنسو فاتي    رحلة البحث عن الوقت المناسب: استعدادات وتوقعات لموعد عيد الأضحى 2024 في العراق    القومي لحقوق الإنسان والأعلى للثقافة يناقشان تعزيز قيم المواطنة    الامارات تلاقي نيبال في تصفيات آسيا المشتركة    الجريدة الرسمية تنشر قرار محافظ الجيزة باعتماد المخطط التفصيلى لقرية القصر    "معلومات الوزراء": التقارير المزيفة تنتشر بسرعة 10 مرات عن الحقيقية بمواقع التواصل الاجتماعي    وزير الري يبحث مشروعات التعاون مع جنوب السودان    مندوب فلسطين الدائم ب«الأمم المتحدة» ل«اليوم السابع»: أخشى نكبة ثانية.. ومصر معنا وموقفها قوى وشجاع.. رياض منصور: اقتربنا من العضوية الكاملة بمجلس الأمن وواشنطن ستنصاع لنا.. وعزلة إسرائيل تزداد شيئا فشيئا    محافظ القليوبية: تطوير ورفع كفاءة 15 مجزرًا ونقطة ذبيح    حزمة أرقام قياسية تنتظر رونالدو في اليورو    تكريم الطلاب الفائزين فى مسابقتى"التصوير والتصميم الفنى والأشغال الفنية"    النشرة المرورية.. خريطة الكثافات والطرق البديلة في القاهرة والجيزة    محافظ كفر الشيخ يتفقد موقع إنشاء مستشفى مطوبس المركزي    بتقرير الصحة العالمية.. 5 عناصر أنجحت تجربة مصر للقضاء على فيروس سي    رئيس إنبي: اتحاد الكرة حول كرة القدم إلى أزمة نزاعات    صحة الوادى الجديد: تنفيذ قافلة طبية مجانية بقرى الفرافرة ضمن مبادرة حياة كريمة    عبدالله السعيد: تجربة الأهلي الأفضل في مسيرتي لهذا السبب    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العمدة
نشر في المصري اليوم يوم 23 - 03 - 2021

وكأنه اختفى من ذاكرة الفن المرئى وذاكرة الإعلام الفنى والثقافى.. فلا أحاديث صحفية ولا أخبار ولا برامج تليفزيونية ولا تكريمات ولا احتفاء فى مهرجانات سينمائية.. ذلك لمجرد أن احتواه الصمت والعزلة قهرًا تحت وطأة المرض.. رغم أنه كان يملأ الدنيا وجودًا مضيئًا وزخمًا إبداعيًا متفردًا.. وحضورًا وهاجًا يضمه والأصدقاء والأحباب من المفكرين والمبدعين والمثقفين فارسًا مغوارًا فى جمهورية الكلام خلفًا لشقيقه الأكبر «محمود السعدنى»، الحكواتى البديع، زعيم المملكة ورائدها، الكاتب الكبير والساخر القدير..
أتحدث عن «صلاح السعدنى» أو «العمدة» كما أحببنا أن نناديه، والذى إذا ما تحدث فإنه يستولى على العقول والأفئدة ويصنع البهجة ويفيض بالإشراق بخفة ظل لا متناهية وقوة تأثير طاغية وسرعة بديهة حاضرة وجسارة سخرية لاذعة..
كان لقائى الأول معه فى منتصف سبعينيات القرن الماضى من خلال مسلسل «المصيدة»، الذى كتبت قصته والسيناريو والحوار له، وهو مسلسل كوميدى تدور أحداثه فى عشر سنوات من حياة زوج وزوجة، يعكس التطورات والتغيرات العاطفية والإنسانية التى تطرأ على هذا الحب، الذى يبدأ ملتهبًا وينتهى بحالة من الرتابة والملل والاعتياد.. والحقيقة أنه قدم دورًا ساخرًا من أجمل أدواره دون مبالغة، فأثار الضحكات من خلال طبيعة الموقف الدرامى وليس عن طريق ابتزاز المتفرج بافتعال الضحك الخشن والزغزغة..
ثم جمعنى به الفيلم التليفزيونى الشهير «فوزية البرجوازية»، عن قصة للساخر الكبير «أحمد رجب»، ويتناول الصراع السياسى بين أنصار اليمين واليسار فى حارة بحى شعبى.. والاتهامات المتبادلة بينهما بالتنابز بالألفاظ المتحذلقة، التى لا يفهمون مدلولها ومعناها الحقيقى.. فهذا يمينى رجعى أو برجوازى رأسمالى متعفن.. وذلك يسارى «أيديولوجى» ديماجوجى حنجورى.. وهكذا..
نجح الفيلم نجاحًا كبيرًا وأثار ضجة واسعة بين المثقفين أصحاب الانتماءات المختلفة بين مؤيد ومعارض، ولكنه أعجب العامة إعجابًا بالغًا، حتى إن رجل الشارع كان يردد مكررًا تلك المصطلحات المعقدة والغريبة عليه فى سخرية وتندر.. وقدم «السعدنى» من خلاله إبداعًا متفردًا لشخصية «عبدالواحد»، اليسارى الدَّعِىّ، الذى يردد الشعارات الجوفاء، فى تحذلق يثير السخرية وتراشق بالمصطلحات يفجر الضحكات..
وكان اللقاء الثالث بينى وبين «صلاح السعدنى» فى مسلسل «عمارة يعقوبيان» فى شخصية «عزام»، الذى بدأ حياته ماسحًا للأحذية.. اختفى سنوات طويلة.. ثم ظهر فى الثمانينيات فى زمن الانفتاح، وقد أصبح ثريًا يمتلك كثيرًا من محال الأحذية فى شارع «طلعت حرب»، وقد حفل المسلسل بعدة مفارقات وضّحت التباين الكبير بين ماسح الأحذية الذى يجلس بصندوقه فى الشارع ينظف حذاء الباشا.. ليدور الزمن دورانه.. وعندما يثرى «عزام» ليسكن الشقة المواجهة لشقة الباشا فى عمارة يعقوبيان.. وتصبح المواجهات بينهما تجسيدًا حيًا لانقلاب السلم الطبقى الاجتماعى... باشا مفلس ضائع يتصيد العاهرات من البارات المتواضعة.. وثرى انفتاحى أمى محدث نعمة ينحدر من أصول وضيعة استفاد من قوانين الانفتاح الاقتصادى التى صدرت فى منتصف السبعينيات لتفتح الباب أمامه وأمام موجات من الفساد الاجتماعى وجدت الفرصة سانحة لها لتقلب موازين المجتمع المصرى..
والحقيقة أن «صلاح السعدنى» كشأنه فى أعماله المختلفة يُعتبر نموذجًا رائعًا للممثل الذى يدرك الفارق الكبير بين الفن الحقيقى والتمثيل الآلى.. ويُذكِّرنى فى ذلك بما سبق أن أكده.. «استانسلافسكى»، الذى يرى أنه لا يمكن أن يكون هناك فن حقيقى دون أن يعيش الفنان فى فنه.. ولا يتأتى ذلك إلا من خلال الدراسة العميقة من جانب الممثل لكل ما يتصل بالشخصية التى يؤديها بأبعادها المختلفة.. ظروفها الاجتماعية.. عاداتها.. سلوكها العام.. أحوالها النفسية.. علاقتها بالواقع المحيط.. قدرتها على التكيف أو التمرد المجتمعى.. بدون أن يقع فريسة القوالب الجامدة أو النمطية التى صارت تقليدًا ممجوجًا ينتقل من جيل إلى جيل..
لذلك، فقد استغرق «صلاح السعدنى» فى مناقشات طويلة معى أثناء كتابة حلقات المسلسل.. يتفق ويختلف فى الكثير من التفاصيل الخاصة بالبناء الدرامى.. والسرد وحتمية الصراع.. ودلالات المحتوى. ويطرح الأسئلة حول تفاصيل تاريخ الشخصية التى يجسدها.. وجذورها والتعبير المناسب حول التحولات الدرامية التى تطرأ عليها.. والمراحل المختلفة التى تمر بها اجتماعيًا وإنسانيًا.. وظل حائرًا يعانى معاناة حقيقية حتى بداية التصوير ليمتلك مفاتيح أداء الشخصية.. وساعدته موهبته الساطعة وثقافته العريضة وخبرته الحياتية وقدرته المبهرة فى التلون الأدائى على خلق الإحساس المناسب والانفعال المطلوب تجسيده لإبراز المغزى أو المضمون الذى يسعى له المؤلف..
إنه ممثل فريد لا نظير له.. ندعو له بجماع مشاعرنا وبنبض قلوبنا أن يمن الله عليه بالشفاء العاجل والعودة القريبة..
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.