الكثير يمكن أن يقال فى أوضاع -أو بالأدق سوء أوضاع- أعضاء هيئات تدريس الجامعات المصرية الحكومية، ولكن ما أود أن أسلط عليه الضوء هنا هو شريحة معينة منهم وهم أعضاء هيئات تدريس الجامعات من غير المقيمين بمدن جامعاتهم وهى ظاهرة تغلب على الكثير من الجامعات الإقليمية مثل جامعة المنيا، حيث أغلب أعضاء الهيئات التدريسية ومعاونوهم من القاهرة ووجه بحرى، أو من بعض مدن الصعيد، ومن ثم فمثل هؤلاء يضاف إلى معاناتهم المعروفة من تدهور الأوضاع المالية والضعف الشديد فى الرواتب أشكال أخرى من المعاناة منها: (1) مصاريف السفر والإقامة والإعاشة فى مقار عملهم والتى تقتطع الجزء الأكبر من الراتب الهزيل أصلاً، يكفى أن تعلم أن جامعة المنيا مثلاً تصرف بدل سفر 150 جنيهاً سنوياً فى حين أن مصاريف السفر الفعلية بين المنياوالقاهرة كمثال بمتوسط 40 مرة تغطى 30 أسبوع دراسة وأسابيع الامتحانات والكنترولات..إلخ، حوالى 2000 جنيه باعتبار أن ثمن تذكرة الدرجة الأولى هو 48 جنيهاً ويقل بفارق طفيف فى حالة استخدام الاشتراكات!! (2) عضو هيئة التدريس المغترب محروم اختيارياً من المشاركة فى نظام الجودة لرفع رواتب أعضاء هيئات التدريس، وذلك لأنه يقتضى عليه التواجد 4 أيام فى الأسبوع وهو ما يعنى هنا اغترابه عن أسرته وربما عمله طوال هذه الفترة أسبوعياً وهو أمر شبه مستحيل، خاصة لعضوات هيئات التدريس وأصحاب الأعمال الخاصة!! (3) أما ثالثة الأثافى وإن لم تكن آخرها، فهى المعاملة المهينة والعذاب الذى يتعرض له الدكتور الجامعى حتى يصل إلى مقر عمله!! ففى الوقت الذى تحرص فيه وزارة العدل وكذلك الداخلية على راحة أعضائها فى مرفق السكة الحديد فتنسق مع هيئة السكة الحديد على عمل تسهيلات، وتخصيص تذاكر لأعضائها مثل أعضاء النيابات والهيئات القضائية، فإننا بالمقابل نجد أن الأستاذ الجامعى بعد وقوف طويل أمام شباك التذاكر يمنح تذكرة تسمى (واقف جامعة) وهى تعنى -ويا للمهانة- أن سيادته لا يوجد كرسى مخصص له.. وما لم يجد كرسياً متاحاً بعد ركوب القطار والبحث فى العربات فإنه مسموح له بالوقوف رغم دفعه ثمن التذكرة كاملاً!! أليست تلك إهانة ما بعدها إهانة؟! لهذا الذى يترك منزله وأسرته وغالباً عمله الخاص ليسافر إلى محافظة أخرى ليؤدى عمله بها فى بناء أجيال جديدة!! هل يعلم السيد وزير التعليم العالى هذه الحقائق عن شريحة كبيرة من أعضاء هيئات التدريس التابعين لوزارته؟.. وهل يتدخل لينصفهم ويوفر لهم البدلات المناسبة والمعاملة اللائقة المماثلة للقاضى وعضو النيابة وغيرهما؟! كلى أمل لأن ذلك بحسب اعتقادى واحد من مهامه الوظيفية بعد أن أضحت هذه العوامل طاردة للكفاءات من الأساتذة، وسبباً للنفور من العمل بالجامعات الإقليمية!! [email protected]