اندلعت أعمال العنف في المدن والبلدات الانجليزية، مساء الثلاثاء، ولكن لندن كانت هادئة إلى حد كبير بعد نشر الآلاف من رجال الشرطة في أعقاب ثلاث ليال مضطربة عاث فيها شبان غاضبون في أنحاء العاصمة دون رادع تقريبا. واشتبكت مجموعات من الشبان الملثمين مع الشرطة في معارك في مدينة مانشستر في شمال غرب إنجلترا وحطموا واجهات المتاجر ونهبوها. وأضرمت النار في متجر لبيع الملابس. وفي سالفورد بالقرب من منطقة مانشستر الكبرى ألقى مثيرو الشغب الحجارة على الشرطة وأشعلوا النيران في المباني. وتعرض مصور تلفزيوني يعمل بهيئة الإذاعة البريطانية (بي.بي.سي) لهجوم. وأظهرت لقطات تلفزيونية النيران تخرج من المحال التجارية والسيارات وشوهدت اعمدة من الدخان الأسود الكثيف يتصاعد عبر الطرق. وقال جاري شيوان مساعد رئيس الشرطة «خلال الساعات القليلة الماضية واجهت شرطة مانشستر الكبرى مستويات غير عادية من العنف من جانب جماعات لها نوايا اجرامية لارتكاب اضطرابات واسعة النطاق». وأضاف «لا يوجد لدى هؤلاء الناس شيء للاحتجاج عليه - لا يوجد أي احساس بالظلم أو أي شرارة أدت إلى هذا. فهذه ببساطة وبشكل واضح أعمال سلوك إجرامي وهي الأسوأ التي رأيتها على هذا النطاق». وقالت الشرطة إنه في وست بروميتش وولفرهامتون أحرقت سيارات وجرت مداهمة المتاجر وألقت مجموعة تضم من 30 إلى 40 شخصا قنابل حارقة على مركز للشرطة واحرقوه في نوتنجهام ولم يصب أحد بأذى. وفي حي توكستيث بليفربول قالت الشرطة إن مثيري الشغب أضرموا النار في سيارتي إطفاء وسيارة أحد ضباط مكافحة الحرائق. وفي وقت سابق قالت الشرطة إن حوالي 200 شاب يلقون القذائف حطموا المتاجر ونهبوها مما تسبب في الفوضى واحداث اضرار. وقالت الشرطة انها اعتقلت 47 شخصا في مانشستر وسالفورد و37 شخصا في توكستيث. وهناك تقارير عن اضطرابات طفيفة في برمنجهام وليستر في ميدلاندز وميلتون كينز شمالي لندن وجلوستر في الجنوب الغربي. وفي لندن سارع الناس إلى منازلهم مبكرا وأغلقت المتاجر أبوابها واغلق كثير من أصحاب المتاجر واجهات متاجرهم بينما تستعد المدينة لمزيد من أعمال العنف التي اندلعت في أحياء لندن وامتدت إلى مدن أخرى. ونهبت العصابات متاجر الملابس والأحذية والسلع الالكترونية وأحرقوا السيارات والمتاجر والمنازل مما تسبب في أضرار بعشرات الملايين من الجنيهات وسخروا أيضا من الشرطة. وسعى زعماء بعض الطوائف إلى تفسير أسوأ أعمال عنف في لندن منذ عقود بأنها ترجع إلى الفوارق المتزايدة في الثروات والفرص في المدينة التي يسكنها مزيج من الأعراق المختلفة لكن كثيرين رفضوا فكرة أن أي شيء سوى الجشع دفع مثيري الشغب إلى ذلك. وقال رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون للصحفيين بعد أن قطع عطلة كان يقضيها مع أسرته وعاد لمواجهة الأزمة «هذا إجرام صرف ويجب مواجهته ودحره». وأضاف بعد اجتماع مع لجنة حكومية لإدارة الأزمة «لا يساور الناس أي شك في أننا سنفعل كل ما يلزم لإعادة النظام إلى شوارع بريطانيا». ومن المقرر عقد اجتماع آخر مماثل اليوم الأربعاء. ودعا كاميرون البرلمان للانعقاد من عطلته الصيفية في إجراء نادر الحدوث. وقالت الشرطة إن 16 ألفا من أفراد الشرطة سينتشرون في الشوارع ليل الثلاثاء وهو نحو ثلاثة أمثال عدد أفراد الشرطة الذي نشر مساء الاثنين وبلغ ستة آلاف فرد. ويبلغ عدد سكان لندن 7.8 مليون نسمة. وتضع الاضطرابات كاميرون أمام تحد إضافي في وقت يكافح فيه الاقتصاد البريطاني لتحقيق نمو بعد أن قلصت حكومته الإنفاق العام وزادت الضرائب للمساعدة في سد عجز بالميزانية. لكن محللين يقولون إن تلك الإجراءات فاقمت محنة الجيل الجديد في أحياء لندن وضواحيها. وتكشف أحداث الشغب للعالم عن جانب قبيح في لندن قبل عام من دورة الألعاب الأولمبية 2012 التي ستستضيفها العاصمة البريطانية والتي يأمل المسؤولون أن تسلط الأضواء على المدينة على نحو مماثل للزفاف الملكي في أبريل الماضي. وقال ستيف كافانا نائب مساعد قائد الشرطة «ينبغي الا يستيقظ أحد ليرى في هذه المدينة الرائعة مثل هذه المشاهد للدمار والعنف». وقالت الشرطة إنها اعتقلت 685 شخصا في لندن منذ بدء عمليات النهب يوم السبت. وأصيب أكثر من 100 ضابط شرطة. وقتل رجل عمره 26 عاما رميا بالرصاص في كرويدون جنوبي لندن وهي أول حالة وفاة خلال أعمال الشغب. وخرج بعض سكان لندن خوفا من ليلة أخرى من المتاعب إلى الشوارع للدفاع عن ممتلكاتهم. وفي ساوث هول غرب لندن احتشد نحو 100 شخص خارج معبد للسيخ تحسبا لتجدد أعمال الشغب. واستضافت اللجنة المنظمة لدورة الالعاب الأولمبية في لندن 2012 وفدا من اللجنة الأولمبية الدولية «كما كان مخططاً» يوم الثلاثاء وقالت إن أعمال العنف لن تضر الاستعدادات للدورة الأولمبية. لكن أحداثا رياضية أخرى تضررت حيث ألغت انجلترا مباراة دولية ودية في كرة القدم كان مقررا إقامتها اليوم الأربعاء مع هولندا كما ألغيت ثلاث مبارات للأندية. وعلى جسر وستمنستر التقط السياح صورا بعضهم لبعض أمام البرلمان على النحو المعتاد برغم أن الأعداد كانت أقل من المعتاد لأمسية في شهر أغسطس. وقال سائح برازيلي عمره 23 عاما يدعى بيدرو «هناك المزيد من ضباط الشرطة في الشوارع لاحظنا ذلك لكن لم نشهد أي شيء آخر ونحن نعتاد العنف في الشوارع على أي حال... قضينا يوما طيبا وذهبنا للتسوق». واندلعت أعمال الشغب لأول مرة يوم السبت في منطقة توتنهام بشمال لندن عندما تحولت مظاهرة سلمية احتجاجا على مقتل مشتبه به إلى أعمال عنف. ومن المرجح أن تتعرض الشرطة لضغوط جديدة بسبب هذا الحادث بعد ان قالت لجنة يوم الثلاثاء إنه لا يوجد دليل على أن مسدسا التقط من مكان الحادث قد أطلقت منه أي أعيرة نارية. وكانت تقارير أشارت في باديء الأمر إلى أن الضحية مارك دوجان أطلق النار على الشرطة. وتضم توتنهام مناطق بها أعلى معدلات البطالة في لندن. ولها أيضا تاريخ من التوترات العرقية وحنق الشباب المحليين وخاصة السود من سلوك الشرطة. وقال أحد الشباب من منطقة سكنية في هاكني مركز أعمال الشغب ليل الاثنين «نحن في مواجهتهم الشرطة والنظام.. يصفون الامر بالنهب والإجرام. الامر ليس كذلك. هناك كراهية حقيقية ضد النظام»، وأشار أصدقاؤه الملثمون بالموافقة على قوله. وفي وقت سابق احتشد سكان لندن لتنظيف الاحياء التي تضررت في أعمال الشغب. وتجمع مئات المتطوعين حاملين مكانس ومجارف وأكياسا سوداء وارتدوا قفازات من المطاط في كلابام جنوبي نهر التيمس للمساعدة في إزالة الفوضى.