في الشرفة وَقَفَتْ ... فخورة متعالية فهي تعرف أنها جميلة جمالا مبهرا، ساقها رشيقة متمايلة مع هبات النسيم كأنها تتبع نغما لا تسمعه الا هي ... أوراقها خضراء متناسقة، بتلاتها خمس متجاورة، لونها ... زهري يتحول بنفسجيا غامضا ... ملمسها ككف طفل يحبو لأول مرة متحمسا ... يدغدغ القلب طغيان جمالها فيصرفه عن كونها بلا رائحة، فلا يتوقف العقل متأملا بل يعتبر نقيصتها كمالا خالصا ... "جدي أريد الزهرة" ... ويرد جدي "لا ياريم ... دعيها لا تقتليها" فأمتثل، وتظل الرغبة كامنة ... في ذلك المساء تسللت إلي الشرفة غير مبالية بما قد ينالني إن أنا خالفت جدي وقطفتها، وصلت إلي مكانها واقتربت ثم اقتلعتها ... يالسعادتي بها حتي أنني ألصقت خدي بخدها لأشعر بنعومتها التي طالما تمنيت أن أحظي بها، قلت في نفسي "والآن ماذا أنا فاعلة؟!هاهي بين يدي ... لو اني وضعتها في مزهريتي سيعرف جدي بأمرها"، فقررت أن أخفيها عن الأعين "ستكونين لي وحدي!" قلتها في فرحة وانتصار ... فتحت الخزانة ووضعتها علي الرف الأوسط عند الزاوية، كنت كلما اشتقت لها فتحت الخزانة وجلست أراقبها متأملة ... يالجمالها ... في الصباح كنت ذاهبة إلي المدرسة فقررت أن آخذها معي ... في الحقيبة وضعتها وفي الفسحة أخرجتها لكن صدمني حالها "ماهذا الذي أصابك؟ ماذا بك؟ " ... تغير لون بتلاتها وذبلت أطرافها ... "أمريضة هي!" حدثت نفسي ... فقالت صديقتي"انثري عليها بعض الماء حتي تفيق من اغمائها" ففعلت لكن لا فائدة، ساعتها فقط قررت أن أعيدها إلي مكانها فأنا لم أرد أبدا قتلها فقط أردت أقتناءها ... دخلت من الباب مسرعة إلي الشرفة، كنت أسابق الزمن لعلي أستطيع انقاذ حياتها ... في الاصيص وضعتها وبالتربة أحطت ساقها وبالماء رويتها "هيا استفيقي لاتموتي أرجوكي" كنت أكلمها راجية ... فقد تخيلت أنها ستعود للحياة هكذا وكأن شيئا لم يكن ... قضيت بقية اليوم في غرفتي متسائلة متوجسة وماذا لو لم تنجح خطتي في علاجها؟ ... في الصباح اندفعت قافزة لأري ماذا حدث؟ ويا للأسف! ... قد ماتت زهرتي! ... وقفت أتأملها وقد زاد ذبولها وتحول لونها بنيا قاتما ... لون كنت دائما أكرهه ... نزلت دموعي وتكاثرت وصرت لا أري سوي ستارا من لون بني يعزلني عن الشرفة كلها ... التفت لأعود الي غرفتي باكية فوجدت جدي فاتحا ذراعيه وكأنه قد انتظرني من ساعت أن قلت له أنني أريدها ... أويت إلي حضنه وبكيت حتي اكتفيت ...