د. م. أحمد حشاد يواجه البحث العلمى فى مصر عدة صعوبات كباقى المجالات، ولكن هل يجب أن تدعم الموازنة العامة للدولة البحث العلمى فى مصر كما يطالب الكثيرون أم ينبغى أن يدعم البحث العلمى الموازنة العامة للدولة؟ تكمن المشكلة فى كيفية إدارة البحث العلمى بما يكفل قدرته على النجاح والنمو والمشاركة بشكل فعال فى الناتج القومى. فمنظومة البحث العلمى تتكون من باحثين وأجهزة ومعدات ومشاريع بحثية وتتعرض تلك المنظومة بأكملها فى مصر إلى مشاكل متعددة أهمها: ■ تدنى دخول الباحثين مقارنة بفرص العمل بالقطاع الخاص فى وظائف غير بحثية. ■ عدم ربط قطاع الصناعة والخدمات بالمؤسسات البحثية وذلك لتفعيل قيمة ونتائج البحث العلمى. ■ تعرض الأجهزة والأدوات للأعطال، بسبب سوء الاستخدام أو الحوادث ونادراً ما توجد فى مصر شركة تستطيع صيانة وإعادة تأهيل تلك المعدات. ولتفعيل دور البحث العلمى بشكل يضيف للناتج القومى يجب أن نبدأ بتوعية المواطن بدور البحث العلمى وتأثير ذلك على حياته بشكل إيجابى، حيث إنه فى حالة قيام البحث العلمى بدوره على أكمل وجه يمكن حل العديد من المشاكل فى مدة زمنية من 2-5 سنوات ابتداءً من مشاكل الصحة والتعليم والزراعة وانتهاء بمشاكل الأمن والانتماء والتغييرات الاجتماعية المختلفة. الأمر الذى تستتبعه مشاركة المجتمع ككل فى مساندة منظومة البحث العلمى. وتبدأ هذه المساندة بزيادة المخصصات المالية لميزانية البحث العلمى وذلك عن طريق فرض ضريبة أو دمغة على جميع المنتجات أو الخدمات ذات الطابع الترفيهى أو الثانوى. على أن ينفق هذا الدخل فى زيادة أجور البحثيين للوصول بها إلى الحد الأدنى الدافع للبقاء والانتماء لمنظومة البحث العلمى بدلاً من استنزافهم فى الأعمال الاعتيادية فى القطاع الخاص، مع العلم بأن الدولة قد أنفقت الكثير على إعداد الباحثين دون استفادة حقيقية منهم فى ظل اهتمامها بالمكان وليس الإنسان. يتم الحفاظ على الميزانية الحالية لإعادة توجيهها للإنفاق على المعدات والتجهيزات. يتم ربط كل مجال صناعى بقطاع من البحث العلمى يتخصص باحثوه فى جميع جوانب هذا المجال، ويكون هذا القطاع مسؤولاً عن تلقى مشاكل الإنتاج ومتطلبات تحسين الصناعة والمقترحات المطلوب دراستها أو تطويرها. يتم تشكيل لجنة علمية لكل تخصص لوضع قائمة بالأبحاث العلمية المطلوبة على أن تكون أولوية البحث للأبحاث ذات المردود الاقتصادى المباشر أو التى يمكن تطبيقها محلياً فى المستقبل القريب حيث يمكن تقسيم مواضيع الأبحاث العلمية إلى ثلاثة أنواع: ■ بحث يعمل على مشكلة حالية مطلوب إيجاد حل لها. ■ بحث يعمل على تحسين أداء معين بدراسة عدة متغيرات. ■ بحث يعمل على استحداث مجالات جديدة أو فى فرع علم مستحدث. الدول الفقيرة ينبغى أن تهتم بمواضيع تنتمى للنوعين الأول والثانى لما لهما من مردود اقتصادى سريع . ويفضل أن يكون لها نشاط غير مكثف فى النوع الثالث ذى النظرة المستقبلية، وذلك لإعداد كوادر لها تستوعب العلوم التكنولوجيا أو للعلم المستقبلى ويمكن أن يقوم بتلك الأبحاث المبعوثون إلى الخارج. تقوم هذه اللجنة بترتيب الأولويات وتحويلها إلى عدة نقاط بحثية بما يتلاءم مع الميزانية البحثية وأعداد الباحثين، وتقوم اللجنة بتوزيع تلك النقاط على الأساتذة البحثيين ليقوموا بدورهم بتوزيع تلك النقاط على مجموعاتهم البحثية من طلبة الدراسات العليا أو الباحثين طبقاً لقدراتهم وميولهم العلمية وتخصصاتهم، كل فى مجال تخصصه الدقيق. نتائج الأبحاث ذات المردود الاقتصادى يتم توزيع عائدها الاقتصادى بنسبة 25% لمنظومة البحث العلمى، يستقطع منها 5% للمجموعة البحثية، والباقى يُضم إلى ميزانية البحث العلمى. تحتوى معظم الجهات البحثية ومعامل الجامعات فى مصر على إمكانيات لا بأس بها من المعدات والتجهيزات، إلا أن تلك الأجهزة والأدوات غير مستغلة بشكل اقتصادى سليم، وبعضها يوجد بشكل تكرارى فى معامل الجهات المختلفة، وأيضاً قد تتعرض لخطر الأعطال سواء من سوء الاستخدام أو الحوادث أو أى ظرف طارئ، ونادراً ما توجد فى مصر شركة تستطيع صيانة وإعادة تأهيل تلك المعدات والأجهزة، الأمر الذى يتسبب فى خسائر باهظة إذا أخذنا فى الاعتبار جميع المعامل والأجهزة على مستوى مصر، والأمر نفسه ينطبق على المعدات والتجهيزات الطبية. يمكن تقسيم مصر إلى ثلاثة قطاعات جغرافية فى البحث العلمى (الدلتا - الصعيد – القاهرة )، يمكن إقامة معامل مركزية فى كل منطقة جغرافية تحتوى على جميع الأجهزة العلمية المستمدة من الأجهزة الحالية فى بعض الكليات والمعاهد البحثية وتقوم بتدريب فنيين مهرة على استخدام تلك الأجهزة لتقدم هذه المعامل خدمة استغلال الأجهزة العلمية لجميع الباحثين فى نطاقها الجغرافى، على أن تقوم بالتنسيق بينهم للوصول إلى أقصى كفاءة ممكنة لاستخدام الأجهزة. وتقتصر معامل الكليات على الأجهزة البسيطة المناسبة لبعض الأعمال التقليدية. ولضمان صيانة الأجهزة والقدرة على إصلاحها يمكن اختيار عدد قليل من الشركات العالمية فى مجال الأجهزة والمعدات، يفضل شركة يابانية وأخرى ألمانية وشركة أمريكية، على أن يتم عمل مناقصة بين شركات تلك الدول لإعطاء الحق الحصرى فى توريد المعدات والأجهزة العلمية فى مصر، على أن يتم الاتفاق معها على: ■ تأهيل عدد من الشركات المصرية يتم اختيارها وفقاً لنشاطها السابق وإمكانياتها وتوزيعها الجغرافى، بحيث تستطيع صيانة جميع الأجهزة المنتجة من قبل الشركة. ■ إقامة مصنع لها فى مصر (فى حالة وجود مؤشرات اقتصادية إيجابية لذلك). ■ أقل سعر توريد للأجهزة وقطع الغيار وفترة الضمان. يتم عمل شبكة لربط جميع الجامعات والمراكز البحثية (كل فى تخصصه) للوقوف على الموضوعات البحثية الجارية والتى تمت خلال فترة السنوات الخمس الماضية لعدم التكرار. وبهذا يمكن الاستفادة القصوى بإمكاناتنا المتاحة سواء كانت البشرية أو المادية لدفع منظومة البحث العلمى لأداء دورها كقاطرة للتنمية والازدهار.