الدستور أولاً

عندما نضع العربة أمام الحصان هل نتوقع أن تدور عجلاتها أو تحدث فيها حركة؟ أعتقد الإجابة معروفة للجميع لأنه يعتبر وضعاً مقلوباً وغير منطقى بالمرة، وإذا أردنا دوران عجلات العربة فيجب تصحيح وضعها، أتعجب كثيراً للذين يصممون على إجراء الانتخابات التشريعية أولاً قبل وضع الدستور، مع أن العقل والمنطق يحتم وضع دستور ينظم الحياة السياسية فى مصر ثم يتم إجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية وتكون متماشية مع هذا الدستور، وهذا ما يحدث فى كل بلاد العالم، وحدث فى تونس مؤخراً التى سبقتنا وألهمتنا فى الثورة. لكن أن ننتخب البرلمان ثم نضع الدستور كأننا نقوم ببناء المنزل ثم نضع الرسم الهندسى له.
إنه شىء فى غاية الخطورة، يجب من الجميع التنبه له، فالدستور لابد أن يكون من أولويات المرحلة القادمة وبعد ذلك يتم بناء الحياة السياسية، يتم تكوين المؤسسات البرلمانية والرئاسية برؤية واضحة ومتفق عليها من الجميع، وأقول لمن يدعو إلى عكس ذلك أنكم بدعواكم هذه تفضحون أنفسكم أمام الجميع، لأنكم تريدون السيطرة على الحياة السياسية فى مصر، وبعد ذلك تكتبون الدستور كما يحلو لكم، لنعود إلى نفس النقطة التى كنا فيها وتعود إلينا الديكتاتورية، وهذه المرة بلمسة فاشية!!
وأقول لهم أيضاً ما يهمكم هو أنفسكم وليس أى شيىء آخر سواها، لأن الذين يخرجون بهذه المطالب ليس لهم هدف إلا مصر، وأذكركم بأن هؤلاء الذين تنتقدونهم الآن هم الذين قاموا بالثورة، الثورة التى أعطتكم وضعا ما كنتم تحلمون به، فنداؤنا لكم الآن عودوا إلى الجماهير وارفعوا مصلحة الوطن فوق أى اعتبارات أخرى، لأننا نمر بمنعطف مهم وخطير. فليكن فيه كل تركيزنا على مصر وصالحها.
zakaria_ramzy@yahoo.com