مسيرة صحفية حافلة وثرية شهدت فصولا من المواقع والمعارك كان فيها فارسا بارزا بقلمه ومواقفه وفوق هذا فقد كان واحدا من الصحفيين القلائل الذين وثقوا لذاكرة أمة فكان مؤرخا متفردا تميزت حكاياته بالجذب والثراء والتدقيق والدراما التي جعلت كتاباته فى متناول عموم القراء ومصدر جذب لهم ولم تكن حكرا علي النخبة من المتخصصين فى المجال ذاته، وكأن مايكتبه يمثل دعوة لعموم القراء من المصريين أن يعيدوا قراءة وفرز تاريخهم وعلي هذا يمكن اعتبار جمال بدوي أحد حراس التاريخ المعاصرين. استحق بدوى لقب «شيخ الصحافة المتحرر وجبرتى العصر».. وتراوحت كتاباته بين الشأن العام والتاريخ والسياسة والفكر، كما قدم البرامج ليعمق تأثيرة فى جذب القراء للإحاطة بخفايا تاريخهم وإعادة قراءته بعين محايدة. كان برنامجه قطايف من أكثر البرامج جذبا رغم تخصصها خاصة لما تميز به بأسلوب حكى بسيط وجاذب و«قطايف» هو نفس عنوان مقاله الذى كان يكتبه فى «المصرى اليوم» جاء هذا خلال مسيرة صحفية دامت قرابة النصف قرن. اسمه كاملاً محمد جمال الدين إسماعيل بدوى وهو مولود فى 12 فبراير 1934 فى بسيون بالغربية، ونشأ وتعلم فى كتاتيبها ومدارسها الأولى، وتخرج فى كلية الآداب قسم الصحافة عام 1961، وأثناء دراسته اختاره مصطفى أمين للعمل فى أخبار اليوم، وانتدب فى عام 1972 مع آخرين إلى دولة الإمارات لإصدار صحيفة «الاتحاد» وعاد فى 1981 لأخبار اليوم، وفى 1984 شارك فى تأسيس صحيفة الوفد مع الراحل مصطفى شردى وعمل مديرا للتحرير، ثم رئيسا للتحرير فى 1989 إلى أن استقال وكتب فى أخبار اليوم. وقد أسس جريدة «صوت الأزهر» الناطقة باسم الأزهر الشريف فى عام 1999، ودخل العديد من المعارك الصحفية، منها معركته الشهيرة ضد الصحافة الصفراء، وما تنشره من أخبار كاذبة تضر بسمعة كثيرين، ومعركته ضد قانون اغتيال حرية الصحافة رقم 93 لعام 1995التى انتهت برفض مبارك التصديق عليه. ونال على عطائه الغزير وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى من الرئيس المصرى حسنى مبارك عام، 1995 كما حصل على الجائزة الأولى من صحيفة «الشرق الأوسط» عن أفضل مقال نشر عام 1996 وحاز كتابه «أنا المصرى» على أوسكار أفضل كتاب فى معرض القاهرة الدولى للكتاب عام 2004 وكان له أكثر من برنامج تليفزيونى تاريخى على القناة الأولى وآخر فى القناة الثقافية، ول«بدوى» حوالى عشرين كتابا فى الفكر والتاريخ، منها كتاب مصر من نافذة التاريخ ونظرات فى تاريخ مصر وفى محراب الفكر، محمد على وأولاده، مسلمون وأقباط من المهد إلى المجد، فى دهاليز الصحافة، والمماليك على عرش فرعون ومسرور السياف وإخوانه، والطغاة والبغاة، الوحدة الوطنية بديلا عن الفتنة الطائفية، معارك صحفية، حكايات مصرية، أنا المصرى». كان بدوى عضوا فى الهيئة العليا لحزب الوفد ورئيس لجنة الثقافة والفكر. توفى المؤرخ المصرى «جمال بدوى» عن عمر يناهز (74 عاماً) إثر أزمة قلبية مفاجئة توفى جمال بدوى فى 31 ديسمبر2007 تاركًا أعمالا أدبية عديدة لجمهوره فى أنحاء العالم العربى. نفذت أسرته وصيته بإهداء مكتبته للمكتبة المركزية لجامعة القاهرة، وقد عكست مكتبة جمال بدوى موسوعيته المعرفية فى جميع المجالات فجمعت بين العلوم والآداب والتاريخ، ولقد كان شخصية مؤثرة وحافظة للتراث والتاريخ المصرى، والذى كان واحدا من أهم حراسهما كما كان أفضل من تحدث فى التاريخ، ولقد أضافت مكتبته الكثير لمكتبة الجامعة، خاصة فى الموسوعات والتاريخ.
