نقلًا عن صحيفة «الشرق الأوسط» هل تعرفون كم تبعد إدلب السورية التى تتعرض للمذابح والدمار عن الحدود التركية المغلقة فى وجوه النساء والأطفال الفارين؟.. 29 كيلومترًا فقط. وكم تبعد طرابلس الليبية عن أنقرة التى تعهد وزير خارجية تركيا بالدفاع عنها؟ 1920 كيلومترًا!. وعلى كثرة النفاق فى منطقتنا لم أسمع مثل ما قاله مولود جاويش أوغلو، وزير خارجية تركيا، الذى يقول إن هناك من يريد تحويل ليبيا إلى سوريا أخرى!. فى الوقت الذى يتحدث فيه عن أنهم سيتدخلون فى ليبيا عسكريًا حتى لا تصبح مثل سوريا، كما يقول، هناك أكثر من ربع مليون سورى، معظمهم أطفال ونساء، يقفون على بوابات حدود بلاده يتضرعون لهم للدخول هربًا من الدمارين الروسى والإيرانى. طوال سنوات الحرب رفضت تركيا حماية جيرانها السوريين فى إدلب وحلب وغيرهما، حتى عندما ضُربت خان شيخون بالسلاح الكيماوى.. والآن تعلن التدخل فى ليبيا، وقبلها ترسل قواتها لمقاتلة السوريين الأكراد فى الجزء الشرقى من سوريا. نفاق ما بعده نفاق ونحن نرى أنقرة تحذر من تحويل ليبيا إلى سوريا أخرى، وهى ترسل السلاح والمقاتلين من سوريا إلى ما وراء البحر الأبيض المتوسط، إلى طرابلس، تاركة جيرانها السوريين يواجهون الإيرانيين و«حزب الله» والروس وغيرهم. وبقية النفاق أن أوغلو ينتقد منظمة التعاون الإسلامى، قائلًا إنها لا تملك القوة الكافية لحل الصراعات فى العالم الإسلامى، فهل رأينا فى منظمته البديلة التى يريد تأسيسها مع الإيرانيين فى ماليزيا تدخلًا لوقف جرائم النظام الإيرانى فى العراقوسوريا؟ أليست تركيا هى التى أسهمت فى تحويل ليبيا إلى سوريا أخرى، حيث كانت من أوائل المشاركين بالسلاح والتدريب والآن بإرسال المرتزقة؟ أليست تركيا من أولى الدول التى شاركت فى حرب سوريا، والفارق بينها وبين إيران أن الإيرانيين، على الأقل، جاءوا ودافعوا ووفّوا بتعهداتهم لحليفهم النظام السورى، أما السلطات التركية فقد عرفها العرب والعالم الإسلامى مجرد ظاهرة صوتية فى فلسطينوسوريا وبورما وغيرها.. وعلى مدى ثمانى سنوات لم تخُض معركة واحدة ضد النظام السورى، ولم تدافع بالقوة عن مدينة أو قرية سورية؟!. الذى فعلته أنقرة أنها استغلت اللاجئين وحولتهم إلى سلاح تهدد بهم أوروبا، ودفعت بأكثر من مليون سورى مشرد نحو اليونان وألمانيا وبقية أراضى الاتحاد الأوروبى. وهى الآن تهدد بإرسال مزيدٍ ما لم يدفع الأوروبيون لها مقابل عدم فتح حدودها من جديد. إنها تتاجر باللاجئين ولاتزال تساوم عليهم، وهى غاضبة من دول الخليج والولايات المتحدة، لأنها رفضت تمويل مشروع توطين مليون لاجئ سورى فى مناطق سورية كردية غير آمنة ضد رغبتهم. جريمة تركيا فى سوريا أنها سبب فى المأساة من البداية، وعدت الثوار بالوقوف معهم، وها هى تجلس مع الإيرانيين والروس وتعقد الصفقات التجارية والعسكرية. حتى الهجوم الأخير على إدلب هو جزء من التسوية، حيث وافقت أنقرة على السكوت عن «تطهير» إدلب من أهلها لقاء السماح لها بالتوغل فى الشمال الشرقى ومحاربة الأكراد!.
