الإرث العثمانى

تلقيت العديد من التعليقات على مقال «ممالك النار»، الذى اعتبرت فيه أن توظيف مسلسل فى هذه المعركة لن يؤدى إلى حسمها لصالحنا، لأن معركتنا مع الحاضر وليس الماضى، كما أنها مع نظام أردوغان وليس الشعب التركى.
وقد تلقيت تعليقًا مخالفًا من الأستاذ أحمد فايد، الخبير الاقتصادى والمالى المصرى، المقيم فى الولايات المتحدة، جاء فيه:
(الدكتور المحترم عمرو الشوبكى..
قرأت مقالك «ممالك النار»، وبالرغم من اتفاقى معك على أهمية التركيز على عدم السماح لتركيا بأن تهدد أمننا القومى بالتواجد فى ليبيا، أختلف معك فى التحذير من تحويل صراع سياسى مع تركيا أردوغان إلى صراع مع حقبة من التاريخ الإسلامى تتعلق بالدولة العثمانية.
تركيا أردوغان تعيش وَهْم استعادة أمجاد الدولة العثمانية، وتعمل بكل الطرق الشرعية وغير الشرعية لإعادة هذا النفوذ الذى ولّى إلى غير رجعة. يتلاعب هذا السلطان المزعوم بالمشاعر الدينية للبسطاء، كما يفعل الإخوان المسلمون، لبلوغ مقصده من النفوذ السياسى. أُذكّرك بخطاب أردوغان فى 10 فبراير 2018، حيث أعلن أن تركيا ستعيد نفوذها العثمانى عنوة، ومهما كلفها الأمر. هذا الرجل ادّعى زورًا أن الموصل وكركوك أراضٍ تركية ضُمّت إلى العراق بواسطة بريطانيا بعد الحرب العالمية الأولى وطالب باستعادتها. حدث هذا «الاستهبال» فى بداية القرن الماضى، ونجحت تركيا الأتاتوركية فى استقطاع إقليم الإسكندرونة العربى، ومازال سكان هذا الإقليم هويتهم سورية ويتحدثون العربية. هذا الرجل الطائش يمثل خطرًا على أمننا العربى، خاصة المصرى، ويستدعى التصدى لمشروعه الاستعمارى بكل الطرق الممكنة، لأن جوهر مشروعه هو الخلافة العثمانية البائدة. لابد من تذكير شعبنا العربى بالاستبداد والقهر والظلم والمجازر العثمانية التى تمت فى أراضينا باسم الدين وحماية المسلمين.
ونظرًا لعدم شيوع عادة القراءة فى بلادنا، فلابد من أن يقوم الفن بهذه المهمة الوطنية. أتمنى إنتاج أكثر من عمل فنى مماثل ل«ممالك النار»، وتسليط الضوء على إسهام تلك الدولة العثمانية فى تخلفنا الحضارى وسرقة شعبنا، واحتقار العثمانيين لكل ما هو عربى حتى أصبح أمرًا متوارثًا حتى الآن. إن تركيا مصطفى كمال أتاتورك لم تختلف كثيرًا عن تركيا أردوغان، كلاهما له أطماع فى أراضينا وثروتنا، وكلاهما كان ومازال يعمل ضد التضامن والوحدة العربية. أعترف بأن ضعفنا كعرب حاليا مكّن هذا التركى من تبجحه، ولكن حتى تركيا الخمسينيات والستينيات عملت قصارى جهدها ضد الوحدة العربية. أذكرك بحلف بغداد الذى تزعمته تركيا ضد مصر الناصرية، وكذلك اعتراف تركيا بإسرائيل خلال شهور من إعلان قيامها، ودعمها سياسيًا وعسكريًا.
خلاصة القول، إن على مصر والعرب التكاتف لمواجهة هذا العدوان والطمع التركى المتوارث بشتى الطرق، سواء سياسيًا أو عسكريًا أو اقتصاديًا، والأهم فنيًا).
amr.elshobaki@gmail.com