عانت البشرية - طوال عصورها - من الأوبئة والأمراض الفتاكة.. ولم يمر قرن واحد دون انتشار وباء يفتك بالملايين، حتى قيل إن ضحايا الجدرى - فى الحرب العالمية الأولى- أكثر من عدد الذين قتلوا بسبب العمليات الحربية!!. وقديماً كان الطاعون هو الوباء الأكثر شراسة حتى قيل إن 60 مليون شخص ماتوا بسببه فى أوروبا وحدها فى العصور الوسطى.. والسبب البراغيث، التى كانت تنقل هذا الوباء.. من الفئران.. وقد اجتاح الطاعون مدينة لندن عام 1665 وتوفى خلال أسبوع واحد 7165 وبلغ عدد من ماتوا به 70 ألفاً تم دفنهم فى حفر كبيرة جماعية وظهر بعدها مرض طاعون البقر!! أما الجدرى فكان أكثر الأوبئة التى يخشاها العالم، حيث قتل مئات الملايين من البشر، كما شوّه ملايين غيرهم، وكان يموت 20٪ من المصابين به إلى أن تمكن إدوارد جنر من اكتشاف أول لقاح للجدرى عام 1796 وتم القضاء عليه فى أوروبا وأمريكا الشمالية، وفى عام 1980 أعلنت منظمة الصحة العالمية القضاء تماماً على الجدرى.. وكان لحم جسد المريض يتساقط كلما اشتد عنف الجدرى.. وكان ينتشر بين البشر عن طريق الهواء. وعرف العالم، وعانى من وباء الكوليرا الذى اجتاح الأحياء الفقيرة، وعرفته مصر مرات عديدة، ونجح الطبيب الفرنسى كلوت بك فى مواجهته أيام محمد على باشا، وآخر عهد مصر بالكوليرا كان عام 1947، ولم تجد مصر علاجاً إلا عزل المناطق المصابة به.. ثم عاد إلى مصر فى الستينيات.. وفى بعض الفترات عانى العالم من مرض الحصبة، وتحول إلى وباء شديد أصاب الكبار والصغار معاً. ولكن لا يمكن أن ينسى البشر مرض السل وغيره من الأمراض الصدرية، وكان ينتشر بين العمال بسبب سوء المسكن وضعف الطعام.. وعدم النظافة العامة.. وهذا ما دفع محمد على إلى شق العديد من الطرق بين الأحياء الشعبية ليتخللها الهواء النقى وهو نفس ما فعله حفيده الخديو إسماعيل.. بل إن شلل الأطفال تحول فى القرن الماضى إلى مرض قاتل.. وليس فقط مرضاً عالمياً إلى أن توصل العلماء إلى علاج يواجه هذا المرض، الذى ترك عديداً من الضحايا، ربما أشهرهم الرئيس الأمريكى روزفلت الذى أصابه - وهو كبير - فكان يتحرك على كرسى متحرك. وجاء عصر عانت فيه البشرية من الأمراض التناسلية وأشهرها كان السيلان والزهرى «السفلس»، أما الكارثة الكبرى فكانت تتمثل فى مرض نقص المناعة المعروف شعبياً باسم «الإيدز»، الذى بدأ من إفريقيا.. وفى القرن الماضى انتشر فيروس سى وسببه البلهارسيا والانكلستوما وغيرهما من الديدان.. وهذا الوباء يقتل فى الإنسان القدرة على العمل والحركة. ■ ■ وإذا كان العالم عانى - ومازال - من مرض السرطان وعانى من أمراض العيون بأنواعها، إلا أنه عانى من الإنفلونزا، سواء من الطيور أو الخنازير.. ولكنه الآن يعيش فى رعب دائم بسبب كورونا، الذى انطلق من الصين ويحصد الآن العشرات خلال أيام محدودة.. ولكننى أرى الأكثر خطورة ما يكمن فى المخدرات الطبيعية أو المخلقة مثل الكوكايين والهيروين، حمانا الله من كل هذه.. فهى الأوبئة بعينها.