منذ عامين بالتمام والكمال، تحديدا في فبراير 2018، كان المسرح القومي يعرض آخر أعمال لينين الرملي المسرحية وهي «إضحك لما تموت» بطولة نبيل الحلفاوي والراحل محمود الجندي، وبالطبع كثيرون اعتبروا هذه المسرحية أستكمالا للثلاثية المسرحية للكاتب لينين الرملي «أهلا يابكوات» و«وداعا يابكوات» ومن هؤلاء كان مخرج العرض عصام السيد. إلا أن الرملى آنذاك نفى ذلك ليس ردا على عصام السيد فقط، بل أيضا ردا على وصف مدير المسرح القومى آنذاك يوسف إسماعيل، وقال الرملى: «الحقيقة أننى حينما كتبت هذه المسرحية منذ عامين ونصف العام، لم أتعامل معها على أنها جزء ثالث من أهلا يا بكوات، فالفارق الزمنى بين هذه المسرحية وأهلا يا بكوات ووداعا يا بكوات كبير للغاية». وكان عرض «إضحك لما تموت» قد مثل عودة جديدة للكاتب الكبيرلينين الرملى لخشبة المسرح القومى بعد غياب عدة سنوات، وهذا العرض كان يطرح فكرة غياب الحواربين الأجيال وانغلاق كل جيل على مشاكله الاجتماعية والسياسية والاقتصادية من خلال صديقين يلتقيان بعد سنوات ويكتشفان أنهما منفصلان عن الزمن الحالى، كما تقاطع هذا العرض ككل مع الحياة وتفاصيلها وحامل لملامح بشر يعيشون بيننا، خاصة حينما تكون شخصيات «مهزوزة» ويلحق بعقولها وأفكارها وقناعاتها خلل بسبب تسرب «فيروسات» تفشت في العصر الحديث. وكان المخرج المسرحى عصام السيد قد أخرج الكثير من النصوص للكاتب الكبير لينين الرملى وشكلا ثنائيا متميزا في أهلاً يا بكوات ووداعاً يا بكوات، وزكى في الوزارة، وفى بيتنا شبح وأخرها «اضحك لما تموت» والعرض لا يراجع حصاد ثورة 25 يناير بل إنه بالأساس يراجع ويناقش العلاقة بين الأجيال جيل يمثله الأستاذ الجامعى وعلاقته بابنه وابنته ومن خلالهم يظهرالتباين والفارق الكبيربين فكرجيلين وقناعاتهما وطريقة تعاطيهما مع الحياة، إذن فالعلاقات بين الأجيال هي أساس النص، رغم وجود مراجعات لحصاد ثورتي 23 يوليو و25 يناير. لم يكن لينين ناصريا أبدا ولا يساريا ولا يراجع قناعاته في هذا النص أبدا، إنما هي قناعات بطل العرض الذي ينظر في السياسة والقضايا الوطنية وابنه كان في ثورة يناير والشخصيتان الرئيسيتان (يحيى) نبيل الحلفاوى و(طاهر) محمود الجندى كانا امتداد للشخصيتين اللتين ظهرتا في أهلا يا بكوات، ومهما يكن من أمر فإن الكاتب المسرحى لينين الرملى يظل أحد رموز الجيل الثاني بعد الجيل الذهبي في مسرح الستينيات بعد ثورة 23 يوليو، وظل لينين الأبرز خلال نصف القرن الأخير وتعددت إسهاماته بين المسرح والسينما والدراما والتليفزيونية، وله أكثرمن 50 عملا، وقد أسهمت أعماله المسرحية في تقديم مجموعة كبيرة من الشباب المتميزبين الإخراج والتمثيل للمشهد المسرحى وصاروا نجوما كبارا. ولينين الرملي مولود في 18 أغسطس عام 1945 في القاهرة، وحصل على بكالوريوس المعهد العالى للفنون المسرحية قسم النقد وأدب المسرح عام 1970، كما شكل ثنائيا ناجحا مع الفنان محمد صبحى في عدد من المسرحيات والمسلسلات التليفزيونية ومن مسرحياته تخاريف وانتهى الدرس يا غبى، أنت حر، والهمجي، وتخاريف، ووجهة نظر، وعفريت لكل مواطن وسعدون المجنون وبالعربى الفصيح ووجهة نظر والهمجى والمهزوز و«علي بك مظهر»، كان من الكتابات المميزة التي قدمها لينين للمسرح نص مسرحية «سك على بناتك» التي قام أستاذ الكوميديا المهندس ببطولتها. في حين لم يكتب لينين للفنان عادل أيا من مسرحياته ولكن كتب مجموعة من الأفلام الناجحة في فترة التسعينيات، وأشهرها فيلم الإرهابي عام 1993، وفيلم بخيت وعديله بجزأيه وفيلم هاللو أمريكا، كما كتب للفنان سمير غانم المسلسل التلفزيوني الناجح «حكاية ميزو» وفيلم «الرجل الذي عطس»، وكتب في السبعينيات للفنان الكوميدي محمد عوض عملين أولهما مسرحية «راسب مع مرتبة الشرف» وثانيهما المسلسل التلفزيوني الناجح «برج الحظ» والذي اشتهر بمسلسل شرارة، ومن مسلسلاته هند والدكتور نعمان وحكاية ميزو ومبروك جالك ولد. وللرملى تجربة مهمة مع المخرج السينمائى صلاح أبوسيف وبخاصة في فيلم البداية وأخرج له جلال الشرقاوى مسرحية إنهم يقتلون الحمير حين كان عمر (لينين الرملى)، 28 سنة، كم اكتب لمسرح القطاع الخاص سك على بناتك وتكسب يا خيشة، وأسس فرقة استديو 2000 بعد انفصاله عن صبحى معتمدا على الشباب، ويحظى الرملى بمكانة عربية ودولية وتم تكريمه في كندا ثلاث مرات ووفق شهادة زوجته الدكتورة فاطمة المعدول أنه في إبداعاته منحاز للناس. وتتأكد شهادة السيدة فاطمة المعدول من خلال إبداعات لينين الرملي فقد أستطاع بأسلوبة أن يحبب الجمهور في المسرح بربطه الكوميديا والدراما معًأ في عمل واحد. وعمد إلى تبسيط الخطاب المسرحي دون تخل عن عمق الفكرة دون تفلسف وقد قدم أعمالا كوميدية ودرامية، كانت دوما مزدحمة بالأفكار التي تحمل في سياقها رسائل فكرية وسياسية واجتماعية تقاطع مع هموم راهنة. وكان كثير من المصريين بعتقدون أن الرملي مسيحي بسبب اسم لينين، لكن الحقيقة أنه مسلم وهو دين والده وأمه، وكان السبب وراء هذا الاسم والده الصحفي فتحي الرملي، الذي كان معجب بشخصية الزعيم الشيوعي فلاديمير لينين. وكان لينين الرملي قد تحدث عن هذا الأمر في إحدى النداوت قائلًا: «والدي أطلق علىّ هذا الاسم لإعجابه بالزعيم الشيوعي فلاديمير لينين، فقد ولدت لأب وأم ينتميان للحركة الشيوعية ويؤمنان بأفكارها وأمي كانت كادرامهما من كوادرالحركة الشيوعية المصرية وكان والدى صحفيا ومناضلا شيوعيا، ومن هنا جاء حبهما للزعيم الروسى لينين، وسميت بهذا الاسم الذي أعتز به كثيرا واسمي بالكامل لينين فتحي عبدالله فكري الرملي». لقد كان لينين الرملى كاتبا مختلفا ويمكن وصفه بأنه فليسوف ومفكر مسرح، كما كان حريصاطوال مسيرته على متابعة بروفات أي عمل له من البداية للنهاية، وكان المسرح القومى قبل العرض الأخير للكاتب الكبير قد أقام احتفالية لتكريم الكاتب الكبير، وكان لينين الرملى تم تكريمه من قبل الهيئة العربية للمسرح والمهرجان القومى للمسرح والمهرجان التجريبى وفى كندا أكثرمن مرة، كما ألف وأخرج، وأنتج مسرحيات تجريبية بالشباب مثل مسرحية الكابوس والعار والحادثة وغيرهما، وهى من إنتاجه ووفق وصف خالد جلال فإن لينين الرملي قد غامر بكل ماكسبة من المسرح لينفقه على المسرح الذي كان مؤمنا به كمنبر مهم وصاحب رسالة إنسانية. «ومما يذكر أن الكثير من أعماله ترجمت إلى الإنجليزية والفرنسية، وكتب أكثرمن 50 مسرحية، تم تنفيذ معظمها، وكان آخر أعماله اضحك لما تموت التي تعاون خلالها مع المخرج عصام السيد وكانت من بطولة النجمين محمود الجندي، ونبيل الحلفاوي، وابتعد لينين الرملى لفترة طويلة عن السينما، ولم يقدم أي عمل سينمائي منذ 18 عامًا، وكان آخر أعماله السينمائية هو سيناريو فيلم «النعامة والطاووس» بطولة مصطفى شعبان.