جاء اختفاء الحفلات الغنائية التى كان ينظمها قطاعا الإذاعة والتليفزيون، المتمثلة فى حفلات أضواء المدينة وليالى التليفزيون، منذ سنوات، ليزيد من الضغط الجماهيرى على حفلات دار الأوبرا المصرية التى أصبحت المتنفس الحقيقى لعشاق الموسيقى والغناء الأصيل. ظلت دار الأوبرا ومهرجاناتها وحفلاتها فى عام 2019 هى القبلة الأولى والأخيرة لمن يبحث عن الطرب والألحان العربية والعالمية، من جانبها واجهت الأوبرا هذا الضغط بمزيد من الحفلات والفعاليات التى أطلقتها على مسارحها المختلفة فى القاهرةوالإسكندريةودمنهور، ومن خلال مهرجاناتها الغنائية فى القلعة بالقاهرة، وفى الإسكندرية فى مسرح سيد درويش وقلعة قايتباى وفى المسرح الرومانى، بهدف الارتقاء بالذوق العام. خصصت الأوبرا هذا العام ليكون عاما للشباب الذين شغلوا المسارح بحفلاتهم وتكريماتهم، التى تمثلت هذا العام فى تكريم المطربة ريهام عبدالحكيم فى مهرجان الموسيقى العربية، إلى جانب ذلك عاد نادى سينما الأوبرا بعروض للأفلام التى حققت شهرة عالمية كبيرة، كما واصل صالونها الثقافى نشاطه بمزيد من اللقاءات لكبار الشخصيات الفنية والأدبية ليخلق حالة من الجدل الإيجابى داخل المجتمع. د. إيناس عبدالدايم وزيرة الثقافة ل «المصرى اليوم»: برامجها منظمة وليست مجرد حفلات موسمية أكدت الدكتورة إيناس عبدالدايم، وزيرة الثقافة، أن دور الأوبرا كمنبر ثقافى تنويرى فنى كان ومازال قويًا جدًا على مستوى الوطن العربى، موضحة أن السبب يرجع لكون برامجها ممنهجة ومنظمة وتم إعدادها وفق دراسة لتقديم تنوع فنى وثقافى للمجتمع، وليست مجرد حفلات أو فعاليات موسمية كمعظم دور العرض والأوبرات فى المنطقة العربية. وقالت ل«المصرى اليوم»: «بالتأكيد هى تحافظ على تراثنا وهويتنا فى الموسيقى العربية ومواهبنا من الشباب المتميزين فى تخصصات عدة، ولولاها ما خرج العديد من المواهب للنور، أضف إلى ذلك أن فعالياتها انتقلت حاليًا للعديد من محافظات مصر ليس لمجرد تقديم أنشطة ولكن للعمل على النمو واستراتيجية مستدامة، وأن المكاسب والإنجازات التى حققتها الأوبرا فى 2019 عديدة وتحسب الحقيقة لكل من تولى دار الأوبرا، لأن هذا المكان يُدار بفلسفة فنية مدروسة، وبما أن معظم من تولى هذه المسؤولية دارسو فن فدائمًا هناك منهجية لإدارته». وتابعت: «بعدما تقلدت منصب وزيرة الثقافة أعمل على الإسراع فى إنجاز العديد من الأفكار والمقترحات والإنجازات لمعظم القطاعات لأننا جميعًا نتحدث لغة واحدة، وهدفنا واحد هو النجاح والتطور وإفساح المجال للإبداع، وكانت النتيجة أننا أضفنا الكثير من الأفكار والفعاليات وطورنا بشكل كبير فى مهرجان القلعة، وأيضاً مهرجان الموسيقى العربية الفريد من نوعه فى الوطن العربى رغم زخم الحفلات المنتشرة فى المنطقة، ولكن هذا المهرجان له هدف وله خصوصية بما يقدمه». وعن مستقبل الأوبرا فى 2020 قالت: «سوف تستكمل الأوبرا فى العام الجديد البرنامج الموضوع بعناية شديدة حتى آخر الموسم على جميع المسارح التابعة لها، وبداية من شهر يناير سوف تنظم الأوبرا حفلًا شهريًا لعدد كبير من النجوم المصريين ومن الوطن العربى كله، وسوف تفتتح بإذن الله بتكريم الفنان على الحجار بمناسبة حصوله على جائزة السلطان قابوس، وسوف تستكمل الحفلات شهريًا». وتابعت: «سوف نستمر أيضًا فى تحقيق حلم خروج جميع الأنشطة الفنية والثقافية إلى كل محافظات مصر، وهو ما يتم بالتنسيق بين دار الأوبرا المصرية وهيئة قصور الثقافة، وسيتم للمرة الأولى تنظيم مهرجان قنا للموسيقى بمعبد دندرة بالتنسيق مع وزارة السياحة والآثار ومحافظة قنا وجامعة جنوب الوادى». وأكدت أنها من موقعها فى الوزارة استطاعت وتسعى دائمًا لدعم كل القطاعات وليس دار الأوبرا فقط بالتنسيق مع وزارة المالية. وشددت «عبدالدايم» على الحفاظ على الكوادر المصرية باعتباره أمرًا مهمًا جدًا، وقالت: «فى الحقيقة المنطقة معظمها تقدم وتستعين فى أنشطتها بالكوادر المصرية، وهذا بالتأكيد شىء عظيم لأنه يؤكد ريادتنا فى الفنون والثقافة، ووجهة نظرى فى هذا الأمر من واقع خبرتى أن ما يحدث هو موسمى، ومعظم هؤلاء الفنانين معينون فى الدولة ما بين كوادر أكاديمية وأيضاً فى قطاعات أخرى، وبالتالى فإن الارتباط الدائم بالخارج غير مطروح بشكل كبير، ولكن أيضا بمجرد بدء تفعيل نشاطات مكثفة بشكل منتظم فى مصر والارتباط بأجندة ثقافية وفنية سيكون هناك التزام فنى، وتابعت: «صحيح أن مقاومة الإغراءات فى بعض الأحيان صعبة لأن ما يُقدم فى بعض الدول يكون ربحه تجاريا أكثر منه مجتمعيا وثقافيا، لكنى مؤمنة أن مصر ولادة وهو ما اكتسبته من خبرة العمل فى الأوبرا والأوركسترا وتوافد أجيال وأجيال». وقالت: «بالنسبة لمشروع واحة الثقافة الذى من المقرر أن يكون الفرع الجديد للأوبرا فى السادس من أكتوبر، هو يخطو خطوات إيجابية جدا وبإذن الله سيكون هناك تحرك قريبًا جدًا خارج الصندوق الروتينى لإنهاء هذا المشروع العظيم». وتابعت: «بدأنا بالخطوات الإيجابية فى ظل الالتزام بالقوانين فى تسويق الأنشطة الفنية، وهذا الأمر لا يخص دار الأوبرا فقط ولكنه يتعلق بكافة قطاعات وزارة الثقافة، لأن ما تقدمه من محتوى فنى وثقافى ثرى جدًا، وأنا مؤمنة بأن هذا المحتوى كفيل بأن يكون ميزانية مضافة للدولة». د. مجدى صابر: معظم فرقنا تغطى 75٪ من تكاليفها قال د. مجدى صابر، رئيس دار الأوبرا، إن نجاح الأوبرا فى تنظيم 1500 حفل فى 2019 أمر لم يكن سهلاً على الإطلاق، وتطلب مجهودا كبيرا من كل العاملين فيها وبدعم ضخم من الوزارات المعنية، سواء الثقافة والمالية، إضافة إلى تنظيم مهرجانين هما الأعرق والأضخم فى الوطن العربى، مهرجان القلعة ومهرجان الموسيقى العربية، ومعظم الحفلات كانت كاملة العدد. وأضاف: استقطبنا فرقًا أجنبية مميزة، ورغم الصعوبات التى تواجهنا من فكرة اتجاه الموسيقيين للعمل فى السعودية إلا أننا مازلنا قادرين على إسعاد المصريين، ولدينا فرق باليه مميزة وموسيقى عربية وأوبرا، ونظمنا عروضا جديدة فى كل المجالات كان لها مردود كبير، وأنتجنا عايدة وكليوباترا جديدة، والعام الجديد سيشهد عروضا أوسع بشكل كبير. وتابع: إيرادات الأوبرا فى 2019 ازدادت بشكل ملحوظ خاصة بعد رفع أسعار التذاكر، ورغم ذلك مازالت مدعمة بشكل كبير مقارنة بأسعار تذاكر الحفلات فى الخارج، ولدينا منشآت جديدة نعمل على تحضيرها فى العام الجديد، مثل واحة الثقافة فى أكتوبر وتم الانتهاء من 70% منها كإنشاءات خرسانية، ومتوقع أن يتم افتتاحها نهاية 2020 إن شاء الله بمجرد توفير التمويل والدعم. وقال «صابر»: «فيما يتعلق بالموازنة الجديدة المخصصة لدار الأوبرا من جانب وزارة المالية فسيتم زيادتها أيضًا والوزارة توفر لنا كل الدعم الذى نطلبه صراحة دون تأخير، والأمور تسير فى الاتجاه الصحيح، لدينا طموحات أوسع فى المزيد، وطلبنا دعما مرتين فى العام الماضى وتم توفيره». وأضاف أن البرنامج الجديد للأوبرا يجرى الإعداد له فى مارس المقبل استعدادًا للموسم الجديد وسيشهد زيادة فى عدد الحفلات، وكذلك فى عدد الفرق الأجنبية العديدة التى ستتم استضافتها لتكون سفيرة لنا فى بلادنا، ويكون ذلك وفق استراتيجية ندرس ما إذا كانت ستغطى تكاليفها أم لا، والحمد لله معظم الفرق تغطى 75% من تكاليفها والبعض الآخر يغطيها بالكامل، ونحقق منها مكاسب كذلك». وسمى «صابر» 2019 بأنه عام الشباب والإنجازات والنجاح، وقال: العروض والمهرجانات كانت ناجحة، واستطعنا أن يصبح 75% من جمهورنا من الشباب وجذبنا أجيالا جديدة، الحمد لله إضافة إلى فصول تنمية المواهب المشرفة والناجحة التى قدمت وأبرزت مواهب شبابية هائلة، طموحاتنا فى العام الجديد أن ننعم بمزيد من الاستقرار والنجاح والعمل لأن ذلك يدفعنا للمزيد من العمل. وأكد أن أهم المشاكل التى يواجهونها هى التهجير الموسمى للموسيقيين بعد انطلاق موسم الرياض، وأضاف: نحاول أن نخلق أجيالًا جديدة فى سبيل الإحلال الجزئى، لأن الأوبرا لن تستطيع مجابهة الأجور الخليجية للعازفين والموسيقيين لأنهم يحصلون على ما قيمته 40 ضعفا زيادة فى أجورهم، ووضعنا منظومة جديدة لمكافآت العروض، ومعظم فنانينا وطنيون يحاولون توفيق الأوضاع والتنسيق بين عملهم فى فرقهم بالأوبرا والعروض الخارجية. وتابع: «حفلات الموسيقار عمر خيرت مستمرة فى 2020، وندرس حاليًا فكرة تسويق المحتوى الخاص بالأوبرا لتحقيق مكاسب من خلاله، لكن ليس هناك خطوة فى هذا الشأن، الطرف الآخر من العروض غير جادة، وماسبيرو من وجهة نظرى الشخصية يبث الحفلات للشعب البسيط وهو حق من حقوق الناس، ولكننا نطمح فى تطوير وإنجاز خطوة فى هذا الشأن». 1153 فعالية و600 ألف مشاهد وعودة «منير» للغناء على مسارحها الأبرز خلال العام واصلت درا الأوبرا المصرية فى 2019 رسالتها فى تقديم ألوان فنية جادة ومتنوعة تعمل على الارتقاء بالذوق العام والتعريف بالتراث الفنى الإنسانى من الإبداعات المحلية والأجنبية الراقية وإتاحة الفرصة لشباب المبدعين للتعبير عن أنفسهم وجذب شرائح عمرية واجتماعية متنوعة من الجمهور لتحقيق أحد أهداف الوطن لبناء الإنسان وتطوير المجتمع. منذ يناير وحتى ديسمبر 2019 تم تقديم 1153 فعالية فنية وثقافية حضرها ما يزيد على 600 ألف مشاهد منها 214 على المسرح الكبير، 210 على المسرح الصغير، 133 على مسرح الجمهورية، 155 على مسرح سيد درويش (أوبرا الإسكندرية)، 81 على المسرح المكشوف، 68 بمسرح أوبرا دمنهور، 111 بمعهد الموسيقى العربية، إلى جانب 34 بمهرجان الأوبرا الصيفى الذى امتد على مدار شهرى يوليو وأغسطس بالقاهرةوالإسكندريةودمنهور، 42 فى الدورة 28 من مهرجان قلعة صلاح الدين للموسيقى والغناء، بالإضافة إلى 44 صالونًا وأمسية وندوة ثقافية، 61 معرضا للفنون التشكيلية منها 30 بقاعة الفنون التشكيلية «صلاح طاهر»، 31 بقاعة زياد بكير بالمكتبة الموسيقية. وفى إطار التبادل الثقافى بين مصر والعديد من الدول الأجنبية استضافت الأوبرا مجموعة من الفرق العالمية منها فرقة كايرو ستيبس (ألمانيا)، أوركسترا لياوينيج السيمفونى (الصين)، باليه أساطير تانجو (الأرجنتين)، عرض كارمن وفيستا فلامنكا لفرقة فلامنكو دى مدريد - عرض فلامنكو اورسولا لوبيز (إسبانيا)، عرض أليس فى بلاد العجائب - نجوم البولشوى ومسرح مارينسكى - فرقة باليه دياجالييف (روسيا). واستمر صالون الأوبرا الثقافى فى طرح الرؤى والقضايا الفكرية والإبداعية إلى جانب تكريم العديد من الرواد والقامات المصرية البارزة فى مختلف المجالات بالإضافة إلى صالون مصر المبدعة والأمسيات الشعرية والندوات الثقافية العامة على مسارح الأوبرا بالقاهرةوالإسكندريةودمنهور. احتفل اوركسترا القاهرة السيمفونى هذا العام بموسمه ال61 تحت إشراف المدير الفنى والقائد الأساسى المايسترو أحمد الصعيدى وقدم 37 حفلًا موسيقيًا متنوعًا على مختلف مسارح الأوبرا تضمن مجموعة من أشهر المؤلفات الموسيقية الكلاسيكية العالمية إلى جانب تقديم أعمال المؤلفين المصريين التى تنتمى إلى القوالب الكلاسيكية. أما فرقة أوبرا القاهرة فقدمت هذا العام 4 أوبرات عالمية هى الخادمة السيدة، أكسير الحب، الحفل التنكرى وإنتاج جديد للأوبرا الخالدة عايدة، كما شارك جميع المغنين بالفرقة فى حفلات غنائية مع الأوركسترا وخلال احتفالات أعياد الكريسماس والعام الجديد، إلى جانب استضافة العديد من القادة والسوليستات العالميين. وقدمت فرقة باليه أوبرا القاهرة 5 عروض من ريبورتوارها الفنى هى لابايادير – كارمن – تانجو – جيزيل – كسارة البندق، بالإضافة إلى العرض الجديد الذى ظهر للنور لأول مرة كليوباترا وشهد حضورا جماهيريا كبيرا ونال الإعجاب والاستحسان. أما فرقة الرقص المسرحى الحديث فقدمت عرضين جديدين هذا العام هما سيرينا حورية البحر ودموع حديد، كما قدمت فرقة فرسان الشرق للتراث مجموعة من العروض منها (البرديات المصرية الجبتانا، شجرة الدر، الهلالى) والإنتاج الجديد ريا وسكنية وشهدت جميع العروض إقبالا جماهيريا كبيراً بالقاهرةوالإسكندرية. وقدم أوركسترا أوبرا القاهرة 14 حفلا تضمنت مقتطفات من أشهر الأعمال الغنائية والموسيقية العالمية إلى جانب الاحتفالات بالكريسماس ومصاحبة عروض الباليه والأوبرا. وللعام العاشر على التوالى نجحت دار الأوبرا فى تجديد رخصة البث الحصرى والمباشر لعروض أوبرا المتروبوليتان الأمريكية بهدف إيجاد حالة من الرواج الفنى والثقافى فى مصر وللتعريف بثقافات العالم المختلفة لإثراء الحياة الفنية فى مصر، حيث تم نقل 7 أوبرات عالمية هى مدام بترفلاى لبوتشينى – ادريانا لوكوفرير لفرانشيسكو سيليا – حوارات الكرميليت لفرانسيس بولانك، كارمن ل بيزيه، توراندوت ل بوتشينى، الفالكيرى ل فاجنر ومانون ل ماسينيه. استضافت الأوبرا عددا من الفعاليات الخاصة ببرنامج وزارة الثقافة للاحتفال برئاسة مصر للاتحاد الإفريقى وأنشطة عام مصر فرنسا والاحتفالات بمئوية ثورة 1919 ومئوية الزعيم جمال عبدالناصر والرئيس محمد أنور السادات، مرور 60 عاما على تأسيس وزارة الثقافة، 31 عاما على افتتاح دار الأوبرا المصرية، 150 عاما على تأسيس الأوبرا فى مصر.
