تراجع أسعار النفط رغم تمديد أوبك+ خفض الإنتاج    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخير بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الاثنين 3 يونيو    كلاوديا شينباوم مرشحة اليسار الحاكم تفوز برئاسة المكسيك    بينهم 3 أطفال.. استشهاد 8 فلسطينيين في قصف إسرائيلي بخان يونس    متى تفتح العمرة بعد الحج ومدة صلاحية التأشيرة؟.. تفاصيل وخطوات التقديم    حريق هائل يخلف خسائر كبيرة بمؤسسة «اتصالات الجزائر» جنوب شرق البلاد    طقس اليوم.. شديد الحرارة نهارا معتدل ليلا على أغلب الأنحاء    استشهاد 8 بينهم 3 أطفال فى قصف إسرائيلى على منزلين بخان يونس    التعليم: مصروفات المدارس الخاصة بأنواعها يتم متابعتها بآلية دقيقة    متحدث الوزراء: الاستعانة ب 50 ألف معلم سنويا لسد العجز    عماد الدين أديب: نتنياهو الأحمق حول إسرائيل من ضحية إلى مذنب    انعقاد اجتماع وزراء خارجية كوريا الجنوبية والدول الأفريقية في سول    أفشة: هدف القاضية ظلمني.. وأمتلك الكثير من البطولات    ارتبط اسمه ب الأهلي.. من هو محمد كوناتيه؟    أفشة يكشف عن الهدف الذي غير حياته    "لقاءات أوروبية ومنافسة عربية".. جدول مباريات اليوم والقنوات الناقلة    الغموض يسيطر على مستقبل ثنائي الأهلي (تفاصيل)    حماية المستهلك: ممارسات بعض التجار سبب ارتفاع الأسعار ونعمل على مواجهتهم    اليوم.. البنك المركزي يطرح أذون خزانة بقيمة 500 مليون دولار    موعد ورابط نتيجة الشهادة الإعدادية 2024 محافظة جنوب سيناء    السكك الحديد: تشغل عدد من القطارات الإضافية بالعيد وهذه مواعيدها    أمين سر خطة النواب: أرقام الموازنة العامة أظهرت عدم التزام واحد بمبدأ الشفافية    أحداث شهدها الوسط الفني خلال ال24 ساعة الماضية.. شائعة مرض وحريق وحادث    سماع دوي انفجارات عنيفة في أوكرانيا    ارتفاع عدد ضحايا القصف الإسرائيلي على منزلين شرق خان يونس إلى 10 شهداء    زلزال بقوة 5.9 درجات يضرب "إيشيكاوا" اليابانية    «مبيدافعش بنص جنيه».. تعليق صادم من خالد الغندور بشأن مستوى زيزو    خوسيلو: لا أعرف أين سألعب.. وبعض اللاعبين لم يحتفلوا ب أبطال أوروبا    أفشة ابن الناس الطيبين، 7 تصريحات لا تفوتك لنجم الأهلي (فيديو)    تعرف على آخر تحديث لأسعار الذهب.. «شوف عيار 21 بكام»    محافظ بورسعيد يودع حجاج الجمعيات الأهلية.. ويوجه مشرفي الحج بتوفير سبل الراحة    محمد الباز ل«بين السطور»: «المتحدة» لديها مهمة في عمق الأمن القومي المصري    «زي النهارده».. وفاة النجم العالمي أنتوني كوين 3 يونيو 2001    أسامة القوصي ل«الشاهد»: الإخوان فشلوا وصدروا لنا مشروعا إسلاميا غير واقعي    فضل صيام العشر الأوائل من ذي الحجة وفقا لما جاء في الكتاب والسنة النبوية    «رئاسة الحرمين» توضح أهم الأعمال المستحبة للحجاج عند دخول المسجد الحرام    وزير الصحة: تكليف مباشر من الرئيس السيسي لعلاج الأشقاء الفلسطينيين    تكات المحشي لطعم وريحة تجيب آخر الشارع.. مقدار الشوربة والأرز لكل كيلو    منتدى الأعمال المصري المجري للاتصالات يستعرض فرص الشراكات بين البلدين    إنفوجراف.. مشاركة وزير العمل في اجتماعِ المجموعةِ العربية لمؤتمر جنيف    جهات التحقيق تستعلم عن الحالة الصحية لشخص أشعل النيران في جسده بكرداسة    العثور على جثة طالبة بالمرحلة الإعدادية في المنيا    الإفتاء تكشف عن تحذير النبي من استباحة أعراض الناس: من أشنع الذنوب إثمًا    دعاء في جوف الليل: اللهم افتح علينا من خزائن فضلك ورحمتك ما تثبت به الإيمان في قلوبنا    مصرع 5 أشخاص وإصابة 14 آخرين في حادث تصادم سيارتين بقنا    إصابة 5 أشخاص في حادث تصادم دراجتين ناريتين بالوادي الجديد    تنخفض لأقل سعر.. أسعار الذهب والسبائك بالمصنعية اليوم الإثنين 3 يونيو بالصاغة    دراسة صادمة: الاضطرابات العقلية قد تنتقل بالعدوى بين المراهقين    إصابة أمير المصري أثناء تصوير فيلم «Giant» العالمي (تفاصيل)    الفنان أحمد ماهر ينهار من البكاء بسبب نجله محمد (فيديو)    سعر المانجو والبطيخ والفاكهة في الأسواق اليوم الإثنين 3 يونيو 2024    رئيس الأمانة الفنية للحوار الوطني يعلق على تطوير «الثانوية العامة»    محمد أحمد ماهر: لن أقبل بصفع والدى فى أى مشهد تمثيلى    حالة عصبية نادرة.. سيدة تتذكر تفاصيل حياتها حتى وهي جنين في بطن أمها    وزير العمل يشارك في اجتماع المجموعة العربية استعدادا لمؤتمر العمل الدولي بجنيف    التنظيم والإدارة: إتاحة الاستعلام عن نتيجة التظلم للمتقدمين لمسابقة معلم مساعد    اللجنة العامة ل«النواب» توافق على موزانة المجلس للسنة المالية 2024 /2025    مفتي الجمهورية: يجوز للمقيمين في الخارج ذبح الأضحية داخل مصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



المرأة ليست أرضًا ولا هي الحياة..
نشر في المصري اليوم يوم 27 - 12 - 2019

منذ أيام كنت أعد إحدى الدراسات النقدية حول مجموعة قصصية، وبعد قراءتى لأحد نصوصها الذي يتشكل وفق طابع ملحمى تاريخى، وتنهض بنيته على مجموعة من الرموز، شعرت بالظلم العميق كامرأة، هناك شىء منافٍ للطبيعة والمنطق في اللغة ومنظومة المجاز والرمز. وورد إلى ذهنى تساؤل أحسب أنه من الأهمية بمكان: هل أضرّت الرموز المستخدمة في الأدب بالمرأة، بوعيها عن ذاتها، ووعى الآخرين في المجتمعات بها؟ أعنى هل أضرَّ الرمز الذي وُظفت فيه المرأة في النسق الثقافى العام في الغرب والشرق بالنساء، وطريقة تفكيرهن في ذواتهن، وتفكير الآخرين بهن؟ فحين ترد المرأة في الأدب منذ البدايات البعيدة تكون رمزًا للأرض أو الحياة أو الوطن أو البيت، أو غيرها من تلك الرموز التي لا تكون فيها فاعلة بنفسها، بل مستقبلة لما يفعله الرجل والمجتمع، لا تأتى في موضع الكيان الذي يريد ويفعل ويفكر، وغالبا ما تأخذ موقع المفعول به، كما أنها موضع يهب معنى الخصوبة والعطاء، ولذا فهى عادة متنازع عليها.
كما لاحظت أن التساؤل حول قضايا الوجود والميتافيزيقا غالبًا ما يصدر من الذكر، وكأن المرأة لا تتساءل ولا يعنيها بتلك الدنيا سوى رعاية ما أنتجته، وغرائزها التي حددتها لها الثقافة الذكورية، فهى ليست مرسلاً بل مستقبل في الغالب.
وأحسب أن بتكرار تلقى المرأة لنفسها على هذا النحو تُدجن قدراتها وفق هذا التصور ويستقر بوعيها، فترى نفسها في حدود الإطار الذي يضعونها فيه، وهو ما يجب أن يفككه متخصصو النقد واللغة، وعلماء الاجتماع، وعلم النفس، ويعاودون مناقشته وإبراز العوار به، كما يجب أن تنتبه له الحركات النسوية والكاتبات، فالأساطير والرموز فانتازيا خلاقة، ولذا تكتسب أهمية كبرى في سيكولوجيا اللاشعور، ويمكن اعتبارها تمثيلا للذات في العمليات النفسية، تجسيدًا رمزيًا لا يمكن أبدًا حل شفرته بصورة كاملة، كما أنه من الصعوبة بمكان الإحاطة بجوهر الخلفية اللاشعورية لكائن، حيث لا تظهر تأثيراتها الشعورية إلا في الأحلام والفنون، ومن طبيعة الرمز الأصيل أن يكون دلاليًا، أن يوصل معلومات لا يمكن القبض عليها بالكامل في اللغة الاستطرادية، يقول هنرك زيمر: من يود مناقشة الرمز يكتشف قصوره وانحرافه، خاصة إذا انفعل بمعنى الرمز بدلا من أن يسبر أغوارها.
على الأدب الذي يتناول المرأة بعد الوعى بتلك المنزلقات الحضارية الموروثة، غير العادلة، أن يطلق إمكانات المرأة كيانًا بشريًا كامل الطاقات، صاحب إرادة وفكر، يفعل ويختار وتتسع إمكاناته، لا الاقتصار على تجسيدها أرضا وحياة ووطنا وبيتا، فالمرأة كائن بشرى مكتمل الجوانب الإنسانية، والحياة ليست امرأة، وليست عاهرة كما يحلو تصويرها.
فالأدب تجسيد تتفاعل فيه الواقعية والرمزية لثقافة المجتمع وأفكاره ومزاجه وتصوراته، ولقد حفلت الكتابة الأدبية في التراث العربى بالتعبير عن المرأة ومكانتها في الوعى الذكورى، لا سيما أن معظم ما كُتب عن المرأة- إن لم يكن كله- سُطّر بأقلام الرجال. ولقد سَعَت هيمنة العقلية الذكورية الأديبة إلى تكريس انتقاص المرأة في تصورات الوعى الجمعى، عبر السيطرة على «اللغة» وسيلة الفكر وأداة التواصل، بما تتضمنه من رموز وإحالات وتأثيرات في تصورات الآفاق الذهنية والوعى الجمعى، كما أن القراءة والكتابة قد حُرِّمت على المرأة طويلا. لقد كانت اللغة الأدبية في التراث العربى، ومن قبله التراث العالمى الإغريقى والرومانى حتى في أوائل عصر النهضة الأوروبية، وفى الرسالات منذ اليهودية، والمسيحية نسبيًا، وبدرجة أقل في الإسلام، أحد أهم مكونات التصورات الجنسانية عن المرأة في عقلية المجتمعات، بحيث كرست هذه اللغة لوجود مدونة أدبية لا تحتفى بالمرأة إلا في نطاق معين، وهذه قضية محورية لا يستهان بها، حيث ظلت لغة التواصل، واللغة الفنية التي تحمل الطابع الذكورى المهيمن، ملهمة لسيادة خيال الرجل الجنسى ونهمه الذكورى الغرائزى حين يتناول المرأة، وعندما شرعت المرأة تكتب لم يكن أمامها سوى هذا الموروث اللغوى والمجازى الذي تلبسها فأعادت منتج الرجل الأدبى عنها إلا فيما ندر من حالات. لقد غصّت المكتبة العربية قبل عصر النهضة بالمؤلفات التي تراهن على جسدنة الوعى بالمرأة، وتُكرس لتجريد المرأة من القيمة بتسليط الضوء فقط على حضورها الجسدى، وبمطالعة هذه الكتب والمرويات لا يكاد يشك قارئ بأن جسد المرأة وما يتعلق به من مفاتن وملذات كان هاجس مؤلفيها الأول، بحيث اختزلت رؤية هذه الكتب المرأة في وظيفتها التي تلبى حاجات الذكورة، بما تواريه هذه الأقلام من نزعة ذكورية متأصلة وراسخة، تنصبغ بثقافتها ووعيها واحتياجها النوعى.
إذ يراها الكُتّاب أداة للمتعة، مجردًا من العقلانية والحضور الإنسانى، فكرة وشعورًا، روحًا ومعنى. ولعله من الإنصاف أن نقول إن هناك أقلامًا في تراثنا تجاوزت مفهوم الجسد، واستطاعت أن تفرق بين الاشتهاء والمحبة، مثل كتابات ابن حزم، ولكنها تمثل خطاب الهامش والنادر في مواجهة الخطاب السائد والرسمى للعقل الجمعى العربى... ونستكمل...


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.