صدر حديثًا عن دار العربى للنشر والتوزيع كتاب (تاريخ مصر فى كتابات محمد حسنين هيكل) التى مثلت قلب الرسالة التى ناقشتها جامعة القاهرة فى نوفمبر 2017 وأجازتها بتقدير امتياز، وأثارت جدلًا صحفيًا فى حينها لتطرقها بالدراسة لموضوعية ومصداقية كتابات الأستاذ محمد حسنين هيكل، وكذلك التأثيرات اللغوية لأساليب الكتابة عند الأستاذ هيكل على القارئ، وهى الفصول التى تصدر الآن عن دار العربى فى كتاب بعنوان (كتابات هيكل بين المصداقية والموضوعية) للمؤرخ يحيى حسن عمر، عضو الجمعية المصرية للدراسات التاريخية. جمعت هذه الدراسة- بإجماع الأساتذة الكبار المناقشين- بين جزالة الأسلوب والالتزام بأعلى الضوابط العلمية للمنهج التاريخى والتوثيق، واعتبرت أشمل دراسة عن كتابات الأستاذ محمد حسنين هيكل المتعلقة بتاريخ مصر، وقدمت إسهامًا مهمًّا فى تحليل كتاباته حول محور بعينه هو تاريخ مصر، ومن رحمها جاء هذا الكتاب الذى بين يدى القارئ. وقد استغرق هذا العمل ست سنوات من الجهد والتدقيق الواسع، بدأت عام 2011، وذلك تحت إشراف قامات علمية كبيرة، حيث كانت الرسالة تحت إشراف علم من أعلام المدرسة التاريخية المصرية فى عقودها الأخيرة وهو الأستاذ الدكتور السيد عشماوى، وهو المشهور بتاريخه النضالى والأكاديمى معًا، وحظيت الرسالة كذلك بإشراف مشارك للأستاذ الدكتور عماد عبداللطيف، النجم الأكاديمى البازغ فى مجال تحليل الخطاب السياسى عبر مؤلفاته المهمة فى السنوات الأخيرة. وخلال تلك السنوات عكف المؤلف على جمع المادة العلمية ودراستها وتحليلها، حيث قام بمسح شامل القائم على جمع وتحليل مقالات الأستاذ هيكل التى تتعرض للتاريخ المصرى فى الصحف والدَّوْرِيَّاتِ المختلفة، واستدعى ذلك التَّرَدُّدَ بصِفَةٍ دائمة على دار الكتب، وإدارات أرشيفات جرائد الأهرام والأخبار ودار الهلال وروز اليوسف وغيرها، بالإضافة إلى الأرشيفات الإلكترونية الحديثة، مثل أرشيفات جرائد الأهرام والشروق والمصرى اليوم وغيرها، كما اشتمل الجهد البحثى على العودة لكل كتب الأستاذ هيكل التى تَتَعَرَّضُ لكتابات تاريخية، ودراستها دراسةً تفصيلية، وكذلك الاطلاع على المصادر والمراجع العربية والأجنبية المُعَاصِرَةِ لتَطَوُّرِ هيكل، التى تَنَاوَلَتْ كتاباته ومواقفه، ومن ضمنها الوثائق المصرية، ومنها مَحَاضِرُ اللجنة المركزية للاتحاد الاشتراكى، وكذلك وثائق الخارجية البريطانية والأمريكية. كذلك جمع المؤلف مادة شفهية خصبة من عدد من الشخصيات التاريخية التى عَاصَرَت الأستاذ هيكل، أو شاركت فى مواقف ذَكَرَهَا الأستاذ؛ لتدعم الوثائق المكتوبة. خصص المؤلف الفصل الأول لإلقاء بعض الأضواء عن حياة هيكل وكتاباته، وتناول فيه نشأة الكاتب ومسيرته عبر الحقب المختلفة، وخَصَصَ الفصلين الثانى والثالث لدراسة مدى تطابق محتوى أعمال هيكل مع الواقع الذى ينقله أو يشكله، واختار الفصل بين مفهومى الموضوعية، والمصداقية؛ فخصص الفصل الثانى لإشكالية الموضوعية، والفصل الثالث لإشكالية المصداقية، وتتبع فى هذين الفصلين فجوات التوثيق، وآثار التحيز التى وُجِدَتْ فى أعمال الأستاذ هيكل، وبخاصة ما يتعلق بالصورة التى يبنيها لتاريخ مصر. ويخصص الفصل الرابع لدراسة أساليب الكتابة الشائعة فى أعمال هيكل، وتطورها عبر الزمن، ويحلل كمًّا وافرًا من الظواهر البلاغية والأسلوبية والخطابية المهمة فى أعمال هيكل، واختُتِمَ الكتاب بخلاصة البحث ونتائجه، يتلوها قائمة وافية للمصادر والمراجع.
