الجناين والهاجوج والإصلاح.. آخر معاقل العشوائية في بورسعيد

قبل عقود، عرف مواطنو بورسعيد منطقة الجناين كمصدرهم الأول للخضراوات اليومية التي تحقق للمدينة أحد أشكال الاكتفاء الذاتي من الخضر والزهور ووجهة للتنزه في الأجازات والأعياد، لاحقًا بدأت أفئدة من الناس تأوي لفلاحي المنطقة المتطرفة لتبدأ الحياة هناك تأخذ مُنحنى عشوائيًا، خاصةً بانضمام أهالي منطقتي الهاجوج والإصلاح القريبتين من هُناك وتكوين ما يشبه المُستعمرة العشوائية جنوب بورسعيد خارج منفذ الرسوة، وباتجاه مُحافظة بورسعيد في العامين الأخيرين للتخلص من عشوائيتها منطقة خلف الأخرى، أصبحت الجناين وهاجوج والإصلاح معقل العشوائية الأخير بالمحافظة الذي ينتظر التطوير في غضون أيام قليلة.
بمجرد النفاذ من «الرسوة» تمتد عشش عزبة الجناين إلى يمين الطريق السريع، متلاصقة وبدون أمارات حضارية تُذكر، مناشف وقطع من القماش تحل محل الأبواب، رفع الصوت بالنداء الطريقة المُثلى لتنبيه الموجودين بالحضور، وهو الوضع الوقت للبعض قبل هدم العشش ونقل الأسر إلى وحدات سكنية، يخشى، مُحمد حامد، وهو رجل خمسيني ألا يكون من بين هؤلاء المستفيدين، إذ لم يُدرج اسمه بقوائم التخصيص، على الرغم من سُكناه المنطقة حسبما تشير بطاقته الشخصية «الترعة الحلوة ك4 بالرسوة» فيقول: «أنا بشتغل في القابوطي الجديد، ووقت الحصر كنت في شغلي على باب الله، قالولي أروح المُحافظة ومن المحافظة للحي والحي قال اسمك مش في البحث».
خطوات قليلة فقط تلزمك للعبور من الجناين للهاجوج، لاتختلف الحياة كثيرًا هناك، مياه الشرب عملة نادرة والترعة هي مصدر المياه اللازم للاستحمام وغسيل الأواني والملابس، والصرف البلدي الوسيلة الوحيدة للتخلُص من المخلفات العضوية، والوحدة الصحية مهجورة في أغلب الأحيان، يؤرخ الحاج على عبدالغني قاسم، عميد 27 أسرة أتوا للمنطقة قبل عقود بأوامر اللواء محمد هاجوج رئيس حي الضواحي الأسبق «قبل النقل، كنت ملاحظ الري في المنطقة، واتنقلنا هنا عشان توصيل خط مياه حلوة للمنطقة اللي كان هيعدي على مساكننا»، غير أنه وبمرور الوقت، تضاعف عدد الأسر الموجودة، ليخرج كشف المُستحقين متبوعًا بهلع الأهالي وعشرات الأسر غير المذكورة أسماؤهم، والذين يقدرهم البعض بثلاثة أرباع السُكان الفعليين، فيما يؤكِد هاني محمد، أحد سُكان الهاجوج، أنه تواصل مع المحافِظ عبر خدمة واتساب المحافظة لنقل شكوى الأسر، فيما تعهّد سليمان وهدان، وكيل مجلس النواب عن المحافظة، بمُتابعة تظلماتهم مع المحافظة.
على بعد أمتار محدودة من نطاق عزبتي «الجناين وهاجوج» يمكن ملاحظة الأدوار العُليا من منطقة ال 44 عمارة، الموقع المرتقب انتقال أهالي العزبتين إليه بعد إزالتهما، على أرض الواقع، لا تزال أعمال التجهيز النهائية قائمة في المنطقة حسبما يشير أحمد محمد فرحات، أحد المهندسين المسؤولين في الموقع، بعدما تم إيصال أغلب المرافق عدا الغاز الطبيعي، فيما يحمي البنايات المكسوة باللون الأزرق الهادئ أقفال وبوابات حديدية من السرقة.
يحدد فرحات أن صافي مساحة الوحدة 72 متر، وتحمل كل بناية 20 وحدة، والمنطقة بشكل عام مزودة بوحدة صحية ومركز شباب ومدرسة لمراحل التعليم الأساسي الابتدائي والإعدادي والثانوي، فيما تفصل البنايات عن بعضها البعض مناطق مكسوة بالخضرة وأخرى تصلح لصف السيارات.