شهد نهاية الأسبوع الماضى حالة من الارتباك فى السياسات النقدية للعديد من الدول، وذلك نتيجة قرار مجلس الاحتياطى الاتحادى «الفيدرالى الأمريكى»، الأربعاء الماضي، برفع أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس لتصل إلى نطاق يتراوح بين 1.5% إلى 1.75%، ليُعد ذلك الرفع الأول للفائدة خلال العام الجارى، عقب الثلاث زيادات الأخيرة خلال العام المنقضى 2017. جدد المجلس توقعاته برفع أسعار الفائدة 3 مرات إضافية خلال 2018 بدلاً من تقديره السابق برفعها مرتين فقط، كما توقّع أن تصل أسعار الفائدة إلى 2.9% فى 2019، مقارنة ب2.7% فى تقديراته السابقة، على أن تقترب من 3.4% بنهاية 2020. وعلى إثر هذا الارتفاع قام عدد من البنوك المركزية العربية برفع أسعار الفائدة بمقدار 25 نقطة أساس، أبرزها البنك المركزى الكويتي ليسجل معدل الفائدة مستوى 3% بعد التعديل، ومصرف البحرين المركزى ليسجل مستوى 2%، ومصرف قطر المركزى ليصبح معدل الفائدة 1.75%، كما اتخذ مصرف الإمارات المركزى خطوة مماثلة، وكذلك مؤسسة النقد العربى السعودية قررت رفع معدل اتفاقيات إعادة الشراء من 200 نقطة أساس إلى 225 نقطة أساس، وزيادة معدل اتفاقيات إعادة الشراء المعاكس من 150 نقطة أساس إلى 175 نقطة أساس، وذلك كخطوة استباقية فى 15 مارس لقرار الفيدرالى الأمريكى. وجاءت هذه الخطوات من العديد من البنوك المركزية المتأثرة بقرار الفيدرالى، تجنبا للوقوع فى أزمة اقتصادية نتيجة هبوط قيمة عملاتها بشكل حاد، نتيجة ارتباطها القوى بالطلب على الدولار. وفى ظل هذه التطورات، ستعقد لجنة السياسة النقدية بالبنك المركزى المصرى اجتماعها الدورى، الخميس المقبل، لتبحث مستويات أسعار الفائدة الحالية التى وصلت إلى 17.75% و18.75% على الإيداع والإقراض بعد تخفيضها لأول مرة منذ بداية الإصلاح الاقتصادى خلال الاجتماع السابق للجنة السياسة النقدية، حيث قررت اللجنة تخفيضها بنحو 50 نقطة أساس. وبإلقاء نظرة تحليلية على القرارات المتاحة أمام لجنة السياسة النقدية، سنجد أنه من الناحية النظرية يمكن للبنك المركزى أن يستكمل سلسلة الانخفاضات التى بدأت الاجتماع الماضى فى فبراير، وذلك فى ظل نجاح البنك المركزى بسياسته النقدية فى حربه ضد التضخم والسيطرة عليه ليحقق انخفاضا إلى 11.8% خلال الشهر الماضى، ومن الناحية الأخرى فرضت التطورات الأخيرة قرار تثبيت أسعار الفائدة الحالى كبديل جديد ضمن اختيارات «المركزى المصرى» خلال مناقشاته بشأن أسعار الفائدة المستقبلية. إلا أن بقاء أسعار الفائدة فى مصر عند تلك المستويات المرتفعة قد يرجح لجوء لجنة السياسة النقدية لقرار التخفيض على اعتبار أن الفارق بين سعر الفائدة على الجنيه المصرى، وسعر الفائدة على الدولار الأمريكى سيظل كبيرا للغاية، ومربحا بالنسبة للمدخرين، حتى ولو قررت اللجنة تخفيض سعر الفائدة على الجنيه بنحو 100: 200 نقطة أساس كما هو متوقع.
