رئيس جنوب أفريقيا يتنحى استجابة لضغوط الحزب الحاكم

وضع رئيس جنوب أفريقيا، جاكوب زوما، حدا للأزمة السياسية فى بلاده، بإعلانه استقالته، مساء أمس الأول، من رئاسة البلاد، استجابة لضغوط ومطالب حزب المؤتمر الوطنى الأفريقى الحاكم له بالتنحى، ليضع بذلك نهاية لحكمه الذى امتد 9 سنوات، وأحاطت به الفضائح والفساد وتراجع القوة الاقتصادية لبلاده، فيما اختار الحزب نائبه، الرئيس الحالى للحزب، سيريل رامافوزا خلفاه له، وكان الرئيس السابق، ثابو مبيكى تلقى فى 2008 إنذارا بالطريقة نفسها بالاستقالة، وامتثل للطلب دون اعتراض.
وقال زوما، 75 عاما، فى خطاب الوداع، الذى استمر 30 دقيقة: «إنه يختلف مع الطريقة التى دفعه بها الحزب لترك السلطة مبكرا بعد انتخاب سيريل رامافوزا رئيسا للحزب فى ديسمبر الماضى»، وأضاف: «لهذا اتخذت قرار الاستقالة من رئاسة الجمهورية بمفعول فورى»، وقال: «على الرغم من اختلافى مع قرار قيادة منظمتى فإننى كنت دوما عضوا منضبطا فى حزب المؤتمر»، وكان الحزب أكد أنه سيجرى تصويتا بسحب الثقة لعزل زوما فى البرلمان، أمس، إن لم يستجب لمطالب التنحى، وقال زوما: «ينبغى ألا تزهق أرواح باسمى، ويجب ألا ينقسم حزب المؤتمر باسمى»، وأضاف: «يجب على أن أقبل بأنّ حزبى ومواطنىّ يريدون رحيلى»، مشددا على أنه «لطالما كان عضوا منضبطا فى الحزب»، وأضاف: «عندما أغادر منصبى، سأواصل خدمة شعب جنوب أفريقيا وكذلك حزب المؤتمر، المنظمة التى خدمتها طوال حياتى».
وبرّر زوما استجابته للضغوط، موضحا أنه اتفق مع رامافوزا على الانسحاب بهدوء من السلطة «بعد يونيو المقبل»، لكنّ القيادة الجديدة للحزب أكدت أن أعضاء بالحزب يرفض هذا الاتفاق، وأن عليه الاستقالة قبل هذا التاريخ.
وبعد أسابيع من مشاورات عبثية أغرقت البلاد فى أزمة سياسية كبيرة، قررت قيادة المؤتمر الوطنى مطالبة زوما التخلى عن منصبه، الثلاثاء الماضى.
وجاءت استقالته بعد ساعات من مداهمة الشرطة منزل حليفيه الأخوين «جوبتا» فى إطار تحقيق يتعلق بمزاعم فساد ضد زوما ودائرته المقربة، بتهمة الفساد واستغلال النفوذه للسيطرة على شركات والحصول على عقود حكومية، فيما نفى زوما والأخوان جوبتا ارتكاب أى مخالفات. وقال مصدر قضائى بارز إنه من المتوقع أن تلقى الشرطة القبض على 7 آخرين من أسرة جوبتا. وأكد المؤتمر الوطنى الأفريقى الذى يتمتع بأغلبية مطلقة فى البرلمان اختيار رامافوزا الرئيس الحالى للحزب ونائب رئيس البلاد، ومنذ وصوله لرئاسة الحزب الحاكم فى ديسمبر الماضى، سعى رامافوزا إلى الضغط على زوما للاستقالة قبل انتهاء ولايته الرئاسية العام المقبل، ويعتبر الرئيس الجديد سياسيا ورجل أعمال ونقابيا، وشغل منصب نائب الرئيس منذ مايو 2014، واختير فى ديسمبر 2017 لتزعم حزب المؤتمر الوطنى الأفريقى.
وأصدر حزب المؤتمر بيانا قال فيه إن استقالة زوما «منحت الثقة لشعب جنوب أفريقيا». وقال نائب الأمين العام جيسى دوارتى إن «زوما يظل عضوا أساسيا فى الحزب، ويريد الحزب أن يشكر إسهاماته البارزة».
وتنهى استقالة زوما مشوار المناضل السابق الذى كافح ضد التمييز العنصرى، برفقة الزعيم الراحل، نيلسون مانديلا، وشاب فترة حكمه التورط فى فضائح فساد واختلاس سببت حالة من الاستقطاب فى البلاد. وبرز زوما فى صفوف الحزب ليصبح رئيسا للبلاد وكان عضوا فى الجناح العسكرى للحزب إبان فترة الفصل العنصرى، ويقيد دستور البلد الولاية الرئاسية فى مدتين؛ كل واحدة منها 5 سنوات، وتحول زوما، 75 عاما خلال عقد، من رئيس أحبه شعبه إلى شخصية تحوم حولها الشبهات، ويشار إليها بالإصبع، حتى أجبر على الاستقالة من منصبه على مضض بعد مهلة 48 ساعة أعطاه إياها حزبه، تحت طائلة التصويت على حجب الثقة عنه.
ويرى المراقبون أن قوة وسمعة الحزب الحاكم، تراجعت على خلفية فساد زوما واستقالته، وحذروا من انعكاسات ذلك على الانتخابات المقبلة، بعد نجاح الحزب الباهر وإقصائه نظام الفصل العنصرى، ويعرف عن زوما، تعدد زوجاته إذ لديه 8 زوجات، من بينهن 5 فى العلن، وواحدة تولت حقيبة وزارية هامة فى عهد مانديلا، ولديه 18 من الأبناء، وكان طالب بتشريع تعدد الزوجات فى جنوب أفريقيا.
بدورها، أعربت المعارضة التى تطالب منذ سنوات برحيل زوما، عن ارتياحها لقرار قبوله الاستقالة، وقال فلويد شيفامبو رئيس كتلة «المناضلين من أجل الحرية الاقتصادية»: «اعتبارا من اليوم سيصبح جاكوب زوما من الماضى».