محمود عبد المنعم القيسونى يكتب: «الدبابية».. محمية مجهولة فى انتظار «قبلة الحياة»

إن نشاط السياحة البيئية الجيولوجية يتضاعف محبوه ومريدوه حول العالم بشكل كبير، هذا النشاط المرتبط بزيارة الكهوف والمغارات وعندنا منها الكثير الموجودة بالصحراء الغربية والمكتظة بالرسومات الملونة للإنسان المصرى الأول وواحة الفرافرة، تخطف أنظار جميع سائحى العالم من مختلف الجنسيات.. لكن تبقى محمية واحدة لا يملك الجميع أمامها سوى الإعجاب بلا حدود وهى محمية «الدبابية». ومن بين أهم التشكيلات الطبيعية والقطاعات الجبلية التى جمعت تتابعا طبقيا نادرا يسجل تاريخ الكرة الأرضية المحمية رقم 27«محمية الدبابية». ومنذ أن صدر قرار رئيس مجلس الوزراء باعتبار منطقة «الدبابية» بمحافظة الأقصر محمية طبيعية بالقرار رقم 109 لسنة 2007 فى إطار القانون رقم 102 لسنة 1983 فى شأن المحميات الطبيعية، ظلت هذه المحمية مهملة ومجهولة رغم ثقلها العلمى والدولى الهائل.
قصة هذه الجوهرة الجيولوجية، والتى تبلغ مساحتها كيلومتر مربع، حدثنى عنها العالم الجيولوجى الدكتور البهى عيسوى - أطال الله فى عمره - الذى يتطرق إلى منظومة المحميات الطبيعية التى بدأت فى مصر منذ 1983 بناء على اتفاقيات ومعاهدات دولية وقعت عليها مصر عن قناعة كاملة لصالح مستقبل بيئة ومناخ الكرة الأرضية.
يدأت قصة هذه المحمية الفريدة عام 1998 قبل إعلانها رسميا محمية أثر طبيعى، فقد كانت هناك حقبة من تاريخ الكرة الأرضية أحداثها الجيولوجية مفقودة تماما، ما دفع علماء جيولوجيا العالم إلى البحث طوال الخمسين سنة الأخيرة من القرن الماضى فى أنحاء الكرة الأرضية عن موقع يضم تتابعا طبقيا نموذجيا يحوى أكمل الطبقات التى ميزت الفترة بين عهدى حقبة الباليوسين وحقبة اليوسين فى الفترة (55- 50 مليون سنة) نظرا لأهميتها فى إحداث تغييرات جيولوجية وحياتية ومناخية دولية فى الكره الأرضية.
وتوصل الباحثون إلى تسعة وعشرين موقعا منها بإسبانيا وفرنسا وإسرائيل ومصر، وبفضل جهود علماء جامعة أسيوط واستبسال الدكتور خالد عودة اجتمع نحو 67 عالما من أكثر من 17 دولة لدراسة جبل صغير فى قرية الدبابية جنوب شرق الأقصر بحوالى 35 كيلومترا وتلى ذلك فى 17 فبراير 2002 التصويت الدولى بالإجماع على اعتبار قطاع الدبابية بمصر أكمل التتبعات الرسوبية على وجه الكرة الأرضية. وبعد 5 سنوات وبناء على تقارير علمية موثقة محليا ودوليا، أعلن رئيس مجلس الوزراء محمية الدبابية لتطبق عليها كامل القوانين المرتبطة بالحماية والحفاظ على المحميات بمصر، وهذا القطاع يقع فى منطقه فقيرة. ولا شك أن الدبابية ستجذب عددا غير قليل من علماء العالم للدراسة، ما يتطلب إبراز أهمية هذه الجوهرة الجيولوجية النادرة.ويلزم على الجهات المعنية الاهتمام بها، لذا يتوجب أن يتم إقامة بنية تحتية مناسبة فى البيئة المحيطة بها، والنهوض بالمجتمع الفقير الذى يعيش حولها، والحفاظ عليها من أي ممارسات، خاصة من أصحاب المحاجر.
* المستشار السابق لوزيرى السياحة البيئية