كانت الإسكندرية منذ الأربعينيات المصيف الرسمى للمصريين من كل المحافظات وكان لكل طبقة مصيفها الذى تعشقه، وما يتناسب مع ميزانيتها ومقامها فى المجتمع. وكان معظم الفنانين يمتلكون فيلات أو شاليهات فى منطقة العجمى غرب المحافظة، التى كانت تدخل فى منافسة آنذاك مع المعمورة، التى يقطنها معظم المشاهير من لاعبى كرة القدم، حتى إن المواطن البسيط كان يعتبر هذه الشواطئ مجرد فسحة لا أكثر ليرى الفنانين ولاعبى الكرة الكبار. وفى منتصف الثمانينيات كان رسم دخول المعمورة 3 جنيهات والمنتزه 4 جنيهات وكان يمكن لمن يدخل أيا منهما أن يتجه للآخر، ولكن بعد وقت ليس بكبير تحولت المعمورة وتبعها العجمى وأشهر شواطئه «بيانكى» إلى شاطئ شعبى فهجره المشاهير مع بدء أول قرية سياحية فى الساحل الشمالى «مراقيا»، ومع مرور الوقت زحفت القرى السياحية بطول الساحل الشمالى وهرب معها الكبار والفنانون ومشاهير الكرة ورجال الأعمال وتركوا الشواطئ فى الإسكندرية للغلابة خاصة بعد أن أصبحت العجمى هى الأرخص فى ثمن الشقق وأصبحت فى متناول الجميع وتحولت شواطئها لما يشبه الكساء الشعبى. مع ابتكار رحلات اليوم الواحد أصبح من السهل على المصطافين الفقراء احتلال شاطئ البيطاش والهانوفيل وما بهما من عدة شواطئ مثل شهر العسل والزهراء وأبويوسف وأبوتلات والصفا وغيرها. وكان عدد كبير من الإسكندرانية يعشق شاطئ الأنفوشى خاصة سكان منطقة بحرى أشهر مناطق الأسكندرية وأعرقها، بينما فى شرق الإسكندرية كان سكان المنطقة عاشقين للبحر فى شاطئ سيدى بشر منذ أن كانت كبائنه من الخشب، وبين الأنفوشى وسيدى بشر كان عشاق ستانلى يستمتعون به وبأقل تكلفة كان المواطن أو المصطاف من خارج الإسكندرية يحضر معه الكراسى والأكل والشمسية ولم يكن يحتاج شيئاً يمكن أن يرفع تكلفة مصيفه أو يمنعه من التمتع بالصيف وروعة الاستحمام والاستجمام. وفى وسط الإسكندرية كان الشاطبى هو الشاطئ الأشهر على مر العصور، ويتوسطه الكازينو الأشهر من الشاطئ كازينو الشاطبى، فيما تبدل الآن كل شىء.. أحد مسؤولى الشواطئ - رفض ذكر اسمه - قال ل«المصرى اليوم» إن مستأجر كازينو الشاطبى والذى حصل عليه بعد طرحه فى مزايدة علنية بنظام «حق الانتفاع» صب خرسانة على رمال الشاطئ ليختفى الشاطئ تماما، ويصبح كتلة خرسانية تلامس مياه البحر دون حاجز رملى، وتستخدم كموقف للسيارات تابع لمشروع تطوير واستغلال كازينو الشاطبى. المهندس صلاح هريدى، منسق حملة «أنقذوا شاطئ الإسكندرية» أكد أن ما حدث على شاطئ الشاطبى يعتبر كارثة، مشيرا إلى أنها منهجية من المحافظة لتقليص الشواطئ المجانية مثل الشاطبى. اللواء أحمد حجازى، رئيس الإدارة المركزية للسياحة والشواطئ ألقى عن كاهله المسؤولية قائلا إن العقد موقع مع المستغل للكازينو فى 2010 قبل أن يتولى المسؤولية، وأكد أن المالك لم يخالف شروط التعاقد، موضحًا أنها تنص على تطوير المكان بالكامل وتحويله إلى مشروع سياحى يضم الجراج. والآن أصبحت الإسكندرية بلا شواطئ مجانية بعد أن تقلص عددها منذ تولى اللواء عادل لبيب محافظ الإسكندرية الأسبق فى 2010، حيث قسمها لشواطئ مميزة وأخرى سياحية وثالثة مجانية عندما خصص 20 شاطئا مجانيا ومع مرور السنوات تقلصت الشواطئ إلى أن أصبحت فى 2017 خمسة شواطئ فقط هى جليم، شهر العسل، الهانوفيل، المكس، سيدى كرير ويسمح فيها للمصطاف بدخول الشمسية والكراسى الخاصة، وفى حالة رغبته فى التأجير يكون سعرها 3 جنيهات للشمسية وجنيه واحد للكرسى من منفذ البيع الخاص بالمحافظة مع استخدام جميع الخدمات مجانا من وحدات خلع الملابس ودورات المياه. أحمد الغرباوى، موظف عاصر تجربة الشاطئ المجانى عملياً، قال: «المصاريف الآن ارتفعت بشكل كبير وكل ما هو معلن غير حقيقى وكل ما هو مخالف غير معلن والفقير ممنوع من المصيف والمسؤولون لا يفكرون فى رواد شواطئ الغلابة لكن تفكيرهم يقتصر على رواد القرى السياحية والساحل الشمالى والشواطئ المميزة».
