يأتى اليوم العالمى لمهنة التمريض فى 12 مايو متزامناً مع ذكرى ميلاد فلورنس نايتنجيل (12/5/1820 - 13/8/1910) رائدة التمريض، حيث تقرر الاحتفال به كل عام فى نفس يوم ميلادها كنوع من التكريم لها وإحياء لذكرى مؤسسة التمريض الحديث. نشأت فلورنس فى عائلة ميسورة الحال، وقررت الاتجاه للتمريض عام 1845، هذا على الرغم من اعتراض والديها، ولم يكن التمريض فى نظرها مجرد مهنة بل رسالة ومهمة إنسانية جليلة، ومن هنا تعتبر فلورنس هى أول من وضع قواعد التمريض الحديث، وأسست مدرسة لتعليم التمريض وتدريب الممرضات. لم تتردد فلورنس للحظة فى المشاركة فى حرب القرم -التى اندلعت بين إنجلترا وروسيا- وذلك عندما توالت التقارير المختلفة فى بريطانيا عن الظروف المروعة التى يعانى منها الجرحى البريطانيون فى هذه الحرب. قامت فلورنس بتمريض الجنود فى الجيش، ونتيجة لمجهوداتها فى الحرب تبرع لها الشعب الإنجليزى بالنقود لتنشئ مدرسة لتعليم الممرضات فى مدرسة «سان توماس» (القديس توما) بإنجلترا.. أطلق عليها لقب «حاملة المصباح»، بسبب جولاتها الليلية وهى تحمل مصباحاً فى ميادين القتال بالقرم باحثة عن الجرحى والمصابين لإسعافهم وتطبيب جروحهم. قامت بزيارة لمصر واليونان فى الفترة (1849 - 1850) بصحبة أصدقاء من أسرتها، وأثناء زيارتها لمصر قامت بزيارة بعض الراهبات اللواتى يعملن فى المستشفيات لمساعدة الفقراء والمرضى من أبناء الشعب.. ففى رسالة لها من الإسكندرية بتاريخ 19/11/1849 -كما يسجلها لنا د.رشاد منير شكرى أستاذ الرياضيات وعلوم الحاسب بالكلية العسكرية الملكية بكندا- ذكرت فيها: (هذا المكان مزدحم براهبات الكنيسة الكاثوليكية، وراهبات الليعازريين، والكنيسة اليونانية، والكنيسة الأرمنية، والمسلمين والبروتستانت.. كان عندهن 19 ممرضة ولكن يقمن بعمل 90 ممرضة.. يقمن بتضميد الجروح وإسعاف الجرحى، ويحضر لهن العرب بالمئات من أجل الإسعافات).. وفى إحدى رسائلها من مصر -التى قامت شقيقتها بارثى بنشرها فى كتاب يحمل اسم «رسائل من مصر» بعد وفاتها- يمكن للقارئ أن يكتشف بسهولة غزارة معلوماتها عن تاريخ مصر القديمة وشغفها بها، فكانت فى كثير من كتاباتها تستعين بتعاليم الحكيم المصرى «تحوتى»، الذى يطلق عليه اليونانيون «هرمس».. ففى رسالة لها أرسلتها من مدينة قنا فى 29/12/1849 كتبت تقول: (إنه بلا شك أن المصريين المتعلمين فى مصر القديمة اعتقدوا فى الإله الواحد..)، ثم فى رسالة أخرى بتاريخ 29/1/1850 أرسلتها من معبد «فيلة» قالت فيها: (إنه لم يسبق لى أن أحببت مكاناً بمثل هذا المكان الذى تشعر فيه بالدفء الأسرى، أشكر الله الذى وضع فىّ هذه المشاعر والأفكار.. إننى لا أستطيع وصف مشاعرى وأنا بداخل معبد فيلة.. فبعد الصلوات الصباحية فى يوم الأحد ذهبت وجلست فى المعبد، فأحسست برهبة المكان وقدسيته). وفى 13/8/1910 رحلت فلورنس نايتنجيل وهى فى التسعين من عمرها، رحلت فى سلام أثناء نومها بعد حياة حافلة قضتها فى رعاية المرضى بعد أن تلقنت أسس التمريض فى مصر، وكنوع من التقدير لهذه الرائدة النبيلة فى التمريض شيد لها تمثال بقصر ووترلو فى لندن، فتحية لها فى ذكرى ميلادها، وفى مئوية ذكرى رحيلها.