حركة تغيير المحافظين تدل على ان هناك فجوة بين الرأى العام الذى تشكل بعد الثورة و بين صانع القرار السياسى لان القرارات ما زالت غير معبرة عن طموحات المواطنين الثورية و للآسف هناك سوء اختيار لبعض تلك القيادات و أيضا سوء تقدير لحجم رد الفعل الشعبى اتجاه تلك القيادات لان القرار السياسى خاصة فى عملية اختيار القيادات داخل الدولة لابد ان يقيس نبض الشارع المصرى و خط الاتجاه العام داخله و التيار الغالب داخل المجتمع و فى نفس الوقت المحددات التى تحكم عملية اتخاذ مثل تلك القرارات حتى تصدر معبرة عن الارادة الشعبية ولا تقابل بالرفض البات و القاطع لها بل و تصل فى بعض الحالات الى درجة العصيان المدنى بما يعطل مصالح المواطنين لاننا بعد الثورة هناك الكثير من المفاهيم قد تغيرت و على المسؤولين فى الدولة استيعابها جيدا قبل الشروع فى اتخاذ اى قرار حتى لا يخطئ من يعمل فى السلطة تقدير المواقف و تؤدى قرارته الى نتائج كارثية لا يحمد عقباها و عندما يظهر لنا مسؤول كبير لدى الدولة ليعبر عن اندهاشه الشديد لما حدث فى قنا لرفضهم المحافظ الجديد يدل على ان هناك فجوة بين السلطة والرأى العام و تلك الفجوة كبيرة وليست بسيطة لان مشروعية اى قرار يستمد قوته من تقبل الشعب له فلن يستطيع اى مسؤول داخل الدولة سواء محافظ او وزير ان يعمل داخل اطار مجتمعى رافض له و حتى يكتسب القرار مشروعيته لابد ان يعاد صياغته بالطريقة التى يكتسب منها الشرعية من الشعب و يتناسب مع اتجاهات الرأى العام لان الرأى العام أصبح عماد الحكم و مصدر القرارات السياسية فى الدول الديمقراطية و بات يسقط الحكومات والرؤساء و يحاسبهم دون هوادة و من هنا تكمن مشكلة كبيرة عندما يأتى القرار السياسى بإرادة فوقية دون اعتبار لاتجاهات الرأى العام و هنا تأتى المقاومة من قبل الشعب للقرار السيادى لانه لم يأتى معبرا عن آمالهم و طموحاتهم و لم يأخذ فى الاعتبار التغيرات التى حدثت على أرض الواقع و للآسف هذا يعنى عدم و جود ضوابط محددة يستطيع أن يرجع إليها رجل السلطة التنفيذية عند إقدامه على تصرف معين أو إصداره لقرار إدارى وهنا سوف يسعى المواطنين الى الغاء مثل تلك القرارات بكافة الطرق السلمية المشروعة طالما انه لا توجد آلية ضابطة لقرارات السلطة التنفيذية و عدم وضوح الرؤية امامها و لكى تأتى نقطة الالتقاء فعلى السلطة التى تملك القرار ان تعيد صياغته بما يتوافق مع الارادة الشعبية دون التعبير عن اندهاشها لهذا الحراك المجتمعى ضد القرار لان المسؤول غير مستوعب اننا فى مرحلة ثورية تتغير فيها كل المفاهيم و القيم والقوالب الجامدة التى كان يعيش فيها المواطنين فى ظل الحكم السابق إن الرأى العام يسعى الآن فى اتجاه دولة ديمقراطية مدنية وفى سبيله لتحقيق ذلك لابد ان تكون كافة القيادات التى يتم اختيارها ليست ضد تلك الفكرة فالرأى العام يرفض كافة قيادات الحزب الوطنى المنحل لان الشعب لديه اعتقاد سائد ان تلك القيادات تعمل جاهدة لاجهاض الثورة بكل قوة و ان تلك القيادات ان لم تكن مدانة من الناحية القانونية ولكنها مدانة من الناحية السياسية لانها كانت مشتركة فى صياغة التشوهات التى حدثت داخل الحياة السياسية فى ظل الحكم السابق فكيف يكون لها الحق فى صياغة مستقبل البلاد فى تلك المرحلة الانتقالية و هى كانت ضد الثورة و افكارها ومبادئها و مازالت تعمل تحت اجندتها الخاصة و لا تعمل من أجل صالح المجتمع فتلك القيادات مرفوضة شعبيا لدى الرأى العام فعلى صاحب القرار ان يراعى ذلك البعد عند اختيار المحافظين و القيادات المحلية المعاونة لهم و الدولة المدنية تعنى أن تكون القيادات فيها تتمتع بمهارات العمل العام و ليست قيادات شرطية تدير البلاد بالعقلية الامنية فقط دون ان تقدم خدمات حقيقية للمواطنين داخل المحافظات لان القيادات الشرطية فى مثل تلك المرحلة غير مقبولة شعبيا و حتى لو تغاضت بعض المحافظات عن ذلك وقبلت بهم فهناك مشكلة كبيرة يمكن ان تحدث عند اتخاذ قرار يمكن ان يثير غضب المواطنين سيكون رد الفعل ضد تلك القيادات غير محسوب و غير محمود العواقب نتيجة الصورة الذهنية السيئة التى اصبحت لدى المواطنين عن كل القيادات الشرطية لان القصاص العادل من القيادات الشرطية التى عملت على قتل و قمع المتظاهرين لم يتحقق بعد و ايضا حتى نتحول الى دولة مدنية كاملة فلابد من تقليل نفوذ العسكريين من رجال القوات المسلحة فلا يتم اختيار قيادات عسكرية سابقة للعمل كمحافظين لان تكريم العسكريين لا يكون من خلال تعيينهم كمحافظين لان العمل العام يختلف تماما عن الفكر العسكرى الذى يسوده عنصر الحسم و القرارات الفوقية و الانصياع التام للاوامر من قبل من هم تحت اى قيادة عسكرية فالعمل المدنى الميدانى يتطلب مهارات خاصة تختلف تمام الاختلاف عن مهارات العمل العسكرى و هذا ليس قدحا فى القيادات العسكرية و لكن حفاظا على هيبة القوات المسلحة وخاصة فى تلك المرحلة الحساسة لان فشل اى قيادة من تلك القيادات على تحقيق و تلبية مطالب المواطنين داخل محافظته يمكن ان ينسحب ذلك الاثر على كافة قيادات القوات المسلحة إن العمل العام يتطلب قيادات يرتاح لها الشعب و يتعاون معها من أجل تحقيق اهداف الثورة من حرية و عدالة و تحسين مستوى معيشة المواطنين و على السلطة التى اكتسبت شرعيتها من الشعب ان تكون قرارتها تتمتع بالرضا التام من قبل المواطنين حتى تكتسب تلك القرارات مشروعيتها من الشعب و تستمد قوتها منهم لان الرأى العام هو الذى يحدد ضوابط العمل العام و مشروعية السلطة التنفيذية و ليس العكس لان السلطة الآن تعمل وفقا لاتجاهات الرأى العام حتى لا تثير نوعا من الاستياء الشعبى منها لعدم قدرة السلطة غلى قياس نبض الشارع المصرى و العمل من خلال آليات الافكار الثورية الجديدة