أوقاف الفيوم تعقد 150 ندوة علمية في "مجالس الذاكرين" على مستوى المحافظة.. صور    وزير السياحة والآثار يُصدر قرارًا وزاريًا بشغل المهندس محمد رضا وظيفة مدير عام الإدارة العامة للسياحة الدينية بالوزارة    بمشاركة ماكرون.. وزير الخارجية يحضر اجتماع باريس لتنفيذ الخطة الأمريكية للسلام بغزة (صور)    الصومال ضد الجزائر.. "محاربي الصحراء" إلى المونديال رسمياً    بالأسماء.. إصابة 6 أشخاص في حادث انقلاب سيارة ملاكي بالبحيرة    سعر الموز والتفاح والبطيخ والفاكهة في الأسواق اليوم الجمعة 10 أكتوبر 2025    استقرار أسعار الحديد والأسمنت في سوق مواد البناء اليوم الجمعة 10 أكتوبر 2025    داليا عبد الرحيم تهنيء الزميلة أميرة الرفاعي لحصولها على درجة الماجستير    صحيفة "إسرائيل هيوم": ويتكوف وكوشنير شاركا في جلسة الحكومة الإسرائيلية    فلسطين.. تجدد القصف الإسرائيلي شمال غربي مخيم النصيرات وسط قطاع غزة    رئيس الأركان الإسرائيلي يحذر قواته في غزة: "اليقظة واجبة.. العدو لم يختفِ"    عبدالمنعم سعيد: زيارة ترامب للخليج كانت نقطة فاصلة في إنهاء حرب غزة    وزير العدل الفلسطيني : ننوي إطلاق اسم مصر على أكبر ميادين غزة بعد إعمار القطاع    نقابة أطباء الأسنان بالدقهلية توضح ملابسات وفاة شاب داخل عيادة أسنان بالمنصورة    مباشر مباراة المغرب ضد كوريا الجنوبية الآن في كأس العالم للشباب 2025    طولان يقرر عودة عمر جابر وكريم حافظ ثنائي المنتخب بعد تعرضهم للإصابة    «لازم تراجعوا نفسكم».. نجم الزمالك السابق يوجه رسائل للاعبي الأبيض    3 مباريات في ختام منافسات الجولة الثامنة بدوري المحترفين    ارتفاع كبير للأخضر عالميًا.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الجمعة 10-10-2025    مصرع شخص وإصابة 3 في حادث تصادم توكتوك وسيارة ملاكي بشربين    الأمطار تضرب بقوة هذه المحافظات .. بيان مهم بشأن حالة الطقس اليوم : «توخوا الحذر»    3 أبراج «حضورهم قوي» .. صادقون نجاحاتهم تتحدث عنهم ويؤثرون في الآخرين    أميرة أديب ترد على الانتقادات: «جالي اكتئاب وفكرت أسيب الفن وأتستت»    بيفكروا قبل ما يطلعوا الجنيه من جيبهم.. 5 أبراج بتخاف على فلوسها    جدول مواقيت الصلاة غدًا الجمعة 10 أكتوبر بمحافظات الصعيد    ويتكوف ل رئيس المخابرات المصرية: أشكرك بدونك ما كنا لنحقق ما حققناه (فيديو)    هند الضاوي: ترامب أخذ اللقطة من نتنياهو    إصابة 3 أشخاص في تصادم سيارتين أعلى محور 26 يوليو بالشيخ زايد    عملوا له كمين بالصوت والصورة، تفاصيل القبض على مسؤول كبير بحي العمرانية متلبسا بالرشوة    المعمل الجنائي يباشر فحص حريق شقة بالنزهة لتحديد أسبابه وحصر الخسائر    تعليم الجيزة تطلق "26 قرائية" لدعم مهارات الطلاب    المغرب يفوز على البحرين بلدغة جواد ياميق وديا    أحمد عبد القادر يطلب 130 مليون جنيه لتجديد عقده مع الأهلي    أخبار الفن اليوم: كاظم الساهر يحيي حفلا في الرياض 30 أكتوبر.. راغب علامة يعلق على إنهاء الحرب بغزة.. هناء الشوربجي تكشف حقيقة خلافها مع محمد هنيدي    شاب من ذوي الهمم يسأل أمين الفتوى: هل الوقيعة بين الناس حرام؟ (فيديو)    نصائح للأمهات، طرق المذاكرة بهدوء لابنك العنيد    تعرف علي موعد أول أيام شهر رمضان 2026 فى مصر والدول العربية فلكيا    وكيل وزارة الصحة بالدقهلية يتفقد إدارة المعامل والمعمل المشترك    الطاهر: الدولة تبنت برنامجًا طموحًا لزيادة إنتاج الطاقة المتجددة وتعظيم قيمتها الاقتصادية    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الخميس 9-10-2025 في محافظة الأقصر    على أنغام السمسمية.. مسرح المواجهة والتجوال يحتفل بانتصارات أكتوبر فى جنوب سيناء    رئيس لجنة رفع الأثقال البارالمبية الدولية: بطولة مصر الأفضل في التاريخ    بيت الزكاة والصدقات يثمّن جهود الوساطة المصرية لوقف إطلاق النار في غزة    خبيرة أمن: ترامب واضح في التزامه بجلب السلام للشرق الأوسط    جهاز تنمية المشروعات ينظم معسكر للابتكار ضمن معرض «تراثنا 2025»    جامعة قناة السويس ضمن تصنيف التايمز البريطاني لعام 2026    «الجمهور ممكن يحب الشخصية».. سليم الترك يكشف عن تفاصيل دوره في لينك    محافظ كفر الشيخ: تجربة مصر في زراعة الأرز نموذج يُحتذى إفريقيا    إعلان عمان: ندين ما خلفه الاحتلال من أزمة صحية كارثية بقطاع غزة    بتكليف من السيسي.. وزير الصحة يزور الكابتن حسن شحاتة للاطمئنان على حالته الصحية    أطعمة تضر أكثر مما تنفع.. احذر القهوة والحمضيات على معدة فارغة    النيابة العامة تصدر قرارًا عاجلًا بشأن المتهمين بقتل البلوجر يوسف شلش    الثلاثاء المقبل.. أولى جلسات اللجنة الرئيسية لتطوير الإعلام بمقر الأكاديمية الوطنية للتدريب    لترشيد استهلاك الكهرباء.. تحرير 134 مخالفة لمحال غير ملتزمة بمواعيد الإغلاق    كوارث يومية فى زمن الانقلاب…حريق محل مراتب بالموسكي ومصرع أمين شرطة فى حادث بسوهاج    محافظ البحيرة تشهد ورشة نقل وتبادل الخبرات بالإدارة المحلية    محمد ثروت: أرحب بديو مع ويجز أو توليت.. وأسمع كل الألوان الفنية    دينا أبو الخير: قذف المحصنات جريمة عظيمة يعاقب عليها الله    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رحلة العثور على «كيس سكر»
نشر في المصري اليوم يوم 13 - 10 - 2016

على مدار الأيام الماضية، تفاقمت أزمة السُكر فى منافذ البيع بالمحافظات، سواء فى المتاجِر الخاصة أو السلاسل التجارية الكُبرى، أو المُجمعات الاستهلاكية، وتمثلت الأزمة فى قلة عدد المعروض من أكياس السُكر، مع تزايُد الطلب، وبخاصّة عند ملاحظة الجمهور لبوادِر شُح المعروض، مُبادرين تجاه تخزين كميّات زائدة عن الحاجة تحسباً لاختفاء السلعة الحيوية. «المصرى اليوم» قامت برِحلة استمرت ثلاث ساعات للحُصول على كيلو واحِد من السُكر، متداخِلة مع الهستيريا الجماهيرية إزاء الأزمة.
بدأت الرِحلة من مجمع الفلكى الاستهلاكى. خِلاف منافِذ توزيع السلع التموينية لحاملى البطاقات، توفِر المُجمعات الاستهلاكية السلع الغذائية لحاملى البطاقات والتوزيع الحُر على حدّ سواء. لدى الساعة الواحِدة ظهرًا، بلغ الإقبال على مُجمّع الفلكى الذروة، إذ يتزامَن مع موعِد خُروج ربّات البيوت العامِلات. وعلى هامِش النشاط الشرائى الدائر، سؤال مُحدد يتردد مع كل دالِف إلى المُجمّع «فى سُكر؟!»، يُجيب عنه الأستاذ هانى، مسؤول المُجمّع بميكانيكية من يجيب نفس الجواب من ثلاثة أيام بصفة مُستمِرة «لا والله».
يُبرِز الأستاذ هانى إذن صرف آخر طلبيّة سُكَر وصلت للمُجمّع الاستهلاكى، لإنعاش ذاكِرته بشأن طول مدة آخر اختفاء، الثامِن من أكتوبر «بقالى تلات أيام بقول معنديش سُكر». يضطلع مُجمّع الفلكى الاستهلاكى بمهمة توفير السُكر لسُكان المنطقة، فضلاً عن سبع وزارات بمنطقة قصر العينى، أفنوا الطلبيّة المُوزّعة فى الثامن من أكتوبَر فى يومها. يُحدد مسؤول المنفذ الاستهلاكى حجم المطلوب توفيره أسبوعيًا بخمسة أطنان من السُكر فى منفذ الفلكى وحده، فى غير وقت الأزمة، فيما تسترعى إدارة الأزمات المُماثِلة، حسب هانى، توفير كميات أكبر من السلعة المُختفية؛ لوأد التوتُر الشعبى. وعن استراتيجيته كمسؤول منفذ استهلاكى فى إدارة ما يوزّع عليه من وزارة التموين فى وقت الأزمة، يُعطى هانى الأولوية لحاملى البطاقات التموينية ليوفِر لهم السلعة، فيما يؤكِد أنه فى الأحوال العادية، توزّع وزارة التموين كميات من السُكر لحاملى البطاقات، مُقابِل كميّات أخرى للتوزيع الحُر، بنفس السعر (خمسة جنيهات). فيما يأتى تاليًا فى استراتيجية الرجُل محاولة إثناء المُشترين المُستحقين للسلعة المدعومة حكوميًا عن التبضُع بكميات كبيرة بغرض التخزين «بقول للناس 2 كيلو بس أو تلاتة بالكتير»
على النقيض من الزحام داخِل المُجمّع الاستهلاكى بمنطقة قصر العينى، تنعم بقالة «على عبدالعال» بمزيد هدوء لا تقطعه سوى أسئلة المارة الذين رُبما لا يمتلكون نوايا جديّة فى التبضُع، بقدر رغبتهم فى استطلاع حجم أزمة السُكر. يتحدث على عبدالعال، موجه أول لغة فرنسيّة، ومالك البقالة، بلسان عُموم تُجار التجزئة فى أزمة السُكر فيقول «تفتيش التموين ما ينفعش يحاسبنى على سعر السُكر، وإنما يحاسِب تاجر الجُملة اللى بيدينى الكيلو بتمانية ونُص ويقوللى منك للزبون وانت وشطارتَك». يُعلل علىّ إحجام تُجار التجزئة عن المُتاجرة فى السُكر منذ بروز الأزمة «مابشتغلش فى السُكر من شهرين»، بمحاولته تجنُب حملات التموين التفتيشية لضبط الأسعار، والتى يعتبرها تستهدِف مواقِع مغلوطة لضبط الأسعار، فيما يُعد تُجار الجُملة، فى نظره، هم المسؤولين عن الأسعار المخالفة للتسعيرة، ويدُلل على ذلك بعزوفهم عن توثيق المعاملات الشرائية الخاصّة بهم بفواتير رسميّة من شأنها أن تضعهم تحت طائلة القانون.
حُسام محمد، مُدير مقهى شعبى فى مُحيط سوق الإثنين يؤرِخ لتعذُّر تحصُّل مقهاه على السُكر بصفة اعتيادية «من أسبوعين تقريبًا». يشير حُسام إلى رف السُكر الذى يحتوى على «باكتة سُكر» وحيدة، يعتبرها حُسام مخزونًا حرِجًا من السُكَر، حيث يطلُب المقهى أسبوعيًا 40 كيلو سُكر فأكثر، الأمر الذى يجعله حريصًا دائمًا على تأمين مخزونه من السُكر من عدد من تُجار الجُملة. منذ بداية الأزمة، يتعذّر على حُسام تأمين احتياجاته من السُكر بنفس الكيفية والكمية «بجيب بالعشرة والخمسة كيلو من المحلات العادية يوميًا بحاول أمشى حالى بيهم»، يؤكِد حُسام على شُح المتوفِر من السُكر فى السوق بمغامرته اليومية فى تبضُّع بضعة أكياس من السُكر، فيما لا يعتقد أنما سيلجأ لرفع أسعار المشروبات «بدعى ربنا بس مع كُل زبون بيدخُل يكون سُكره خفيف».
يُرشِح المارة أحد منافَذ إحدى السلاسِل التجارية الشهيرة فى مُحيط السيدة زينب كالمتجَر الوحيد الذى صمَد مخزونه من السُكر وظل متوفِرًا حتى ليلة الخميس، يُدلل أحد حُراس العقارات على توفُر السُكر فى السلسلة الشهيرة بزحام يُرى على مدى النظر أمام متجر السلسلة الشهيرة «بقالنا أسبوع بنعرَف السُكر فين من الزحمة حوالين المحلات اللى بتوفره»، اعتاد الرجُل أن يدِل المُتسائلين عن السُكر فى الجيرة بهذه الحيلة على مدار أسبوع هو عُمر الأزمة فى منطقة السيدة زينب. فى المتجر الشهير، يضطلع أحد العُمال بإخبار الداخلين أنه لا يوجَد سُكر فى الفرع، ليوفِر عليهم عناء البحث عليه على الرفوف، فيما احتلّت الرفوف والمساحة المخصصة لتشغلها أكياس السُكر عادةً بشكائر وأكياس من الأرز الذى يوفِره الفرع بخصمٍ خاص، فيما تعلو المساحة لافتة تفيد بأنها كانت محجوزة سابقًا للسُكر.
مدام بيلّا، أم خمسينيّة، تتقاطَع رحلتها للبحث عن كيس سُكر، مع رحلة «المصرى اليوم»، تُرشِح محمصة البُن للعثور على كيس سُكر، حيث اعتاد صاحِب المحمصة ادخار بضعة أكياس من السُكر على رفوف محمصته لاسترزاق غير مُنظَم. وعلى ذلك، بوصول بيلا إليه، كانت أكياسُه المحدودة قد نفدت بدورها. فى الطريق من محمصة البُن إلى أحد المحال التجارِية الكُبرى بمنطقة السيدة زينَب تُجزِم بيلّا بتوافر السُكر فى مخازِنه، تُشرح حيل ربّات المنازِل المصريّات فى التكيُف مع الأزمات المُماثِلة «كُل ما بلاقى سلعة حيوية موجودة فى السوق بسعرها العادى، وأنا معايا فلوس، بشيل منها كيس ولا اتنين»، تشى بيلا بدوافِع سلوك تخزين السلع «أنا معنديش بطاقة تموين»، الأمر الذى يجعل الأولوية التالية للمُجمّعات الاستهلاكية بعد حاملى البطاقات التموينيّة، بخاصة فى أوقات الأزمات. فى منفذ الأمن الغذائى يعتذِر مُدير المحلّ من بيلّا «للأسف والله مفيش سُكر»، لتنتهى رحلة بحثها عند هذا الحدّ، بعدما تأكدت بخبرة ربة منزِل مخضرمة أن السوق لن تبيعها ملعقة سُكر اليوم، على حد تعبيرها.
فى زُقاقٍ موازٍ لحارة السقايين بسوق الإثنين، يوجد منفَذ توفير السلع التموينيّة لحاملى بطاقات التموين. تختلف هذه المنافِذ عن المجمّعات الاستهلاكية، حيث يتاح للمجمعات الاستهلاكية بيع السلع لحاملى البطاقات، فضلاً عن التوزيع الحُر. يرشِح أحد العطارين بمنطقة «الناصريّة» منافِذ التموين لشراء كيس سُكر «لو لقيتِ عنده سُكر، اشتريه منه بأى سِعر من غير بطاقة»، فى إشارة لبوادِر سوق سوداء للسُكر على هامِش الأزمة. يعتذِر محمد خليفة، مدير منفذ السلع التموينية من مُحررة «المصرى اليوم» حيث لا تحمِل بطاقة تموين، فيما يوفِر لكُل زبون من زبائنه من حاملى البطاقات من ثلاثة لخمسة أكياس من السُكر كمتوسِط حسب الطلب.
بعد مرور «المصرى اليوم» على 27 متجَرا فى محيط السيدة زينب، على مدار ثلاث ساعات من البحث عن كيس سُكر، بينها مجمع استهلاكى، وفرع من فروع سلسلة تجارية شهيرة، ومنفذ توفير سلع تموينية، استطاعت مُحررة «المصرى اليوم» شراء كيس واحِد من السُكر من أحد محال العِلافة بمنطقة «الناصرية» بقيمة تسعة جُنيهات للكيس الواحِد، يُصِر صاحب العلافة على توزيعها بالكيلو، ولا يوفِرها لمبتغى التخزين، فى محاولة منه لتحجيم الأزمة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.