بسبب مواقفه الإشكالية والصدامية وتصريحاته الفارقة، كثيرا ما وجد الدكتور محمد سيد طنطاوى نفسه في مهب المشاكل وخصما في معركة مرة مع الصحافة ومرة مع الشارع المصري بسبب آرائه ومنها رأيه في قضية الحجاب التي جاءت متزامنة مع مشكلة الحجاب في فرنسا وأصبحت القضية مثار جدل بين الفضائيات والصحافة الإلكترونية والورقية، إلا أن مجمع البحوث الإسلامية ساند شيخ الأزهر في موقفه وأيده رسميًا في قرار حظر النقاب داخل فصول المعاهد الأزهرية وقاعات الامتحانات التابعة لها. ومن المعارك الشديدة أيضا التي أغضبت الشارع المصرى بل أعضاء مجلس الشعب المعركة التي كانت في يوليو من العام الماضى عندما صافح شيخ الأزهر شيمون بيريز في مؤتمر حوار الأديان في كازاخستان حيث انقلب مجلس الشعب على شيخ الأزهر وبخاصة نواب الإخوان الذين طالبوا بالإجماع بإقالة شيخ الأزهر وكان رده أن بيريز هو الذي جرى عليه لكى يسلم. وفي أكتوبر 2007 أصدر طنطاوي فتوى تدعو إلى جلد صحفيين نشروا أخبارا تفيد بمرض الرئيس مبارك وأثارت هذه الفتوى غضبا شديدا لدى الصحفيين وطالب عدد من نواب مجلس الشعب بعزله. ورغم ذلك يتعين الاعتراف بالمكانة العلمية الرفيعة للدكتور طنطاوى ومؤلفاته المهمة في المكتبة الإسلامية ومن أهمها التفسير الوسيط للقرآن الكريم والذى يقع في 15 مجلدا والذى صدر في عدة طبعات آخرها عام 1993 وله أيضا بنى إسرائيل في القرآن الكريم ومعاملات البنوك وأحكامها الشرعية والحوار في الإسلام وتنظيم الأسرة ورأى الدين والرأى الشرعى في النقاب والحجاب والتصوف في الإسلام والجهاد من الرؤية الشرعية وغيرها. وكان الشيخ طنطاوى قد رحل عن عالمنا في العاشر من مارس الجارى هذا العام 2010 إثر إصابته بأزمة قلبية في الرياض بعد حضوره حفل تسليم جائزة الملك فيصل العالمية. وتقول سيرة الدكتور طنطاوى إنه مولود في قرية سليم الشرقية في محافظة سوهاج يوم 28 أكتوبر 1928. وتلقى تعليمه بالأزهر الشريف وحصل على الإجازة العالية من كلية أصول الدين جامعة الأزهر في عام 1958 والدكتوراه في التفسير والحديث من نفس الكلية في 1966 وبدأ حياته العملية كإمام وخطيب وفى 1967 نصب عميدا لكلية أصول الدين بأسيوط ثم أستاذاً بقسم أصول الدين بكلية الدراسات الإسلامية والعربية بنين بالقاهرة ثم عين عميدا للكلية في 1985. وتولى منصب مفتى جمهورية مصر العربية في 1986 و«زي النهارده» في 27 مارس 1996 صدر قرار جمهورى بتعيينه شيخا للأزهر الشريف. ويقول الدكتور أحمد كريمة كريمة: قال الله عز وجل: «وإذا قلتم فاعدلوا» «وقولوا للناس حسنا»، على ضوء ما ذكر وما يماثله فإن العالم الجليل الأستاذ الدكتور محمد سيد طنطاوى علم بارز في الأزهر الشريف في العصر الحاضر، فأولا هو مفسر لكتاب الله وهذه الرتبة لا يصل إليها إلا المجتهد من أكابر الراسخين في العلم، وقد فسر القرآن الكريم كاملا في «التفسير الوسيط» بالإضافة إلى تضلعه بعلوم القرآن الكريم. فيعد علم الأعلام في هذا الباب من العلم وبراعته في الدعوة الإسلامية في الخطابة والندوات ومساهماته في الإعلام الدينى التخصصى، فهذه المهام تجعله في مصاف كبار العلماء بالإضافة إلى سعة اجتهاداته وعزوفه عن تقليد موروثات تراثية ففتح باب الاجتهاد الفقهى بشجاعة تحسب له في المعاملات المصرفية المالية المستحدثة مثل الودائع من جهة العوائد فأفتى بأنها مضاربة استثمارية وهذا يتفق مع مبادئ ومقاصد الشريعة الإسلامية لأنه لم يقم الدليل القطعى على ربويتها كما يشيع الجهلاء والمتطفلون على موائد العلم. كذلك اجتهاداته في أمور تتصل بالواقع المحاصر مثل عادة النقاب فهى من قبيل العادات في باب الألبسة وليست أصلا من أصول الإسلام. أما عن شمائله الشخصية فمع انفعالاته إلا أنه كان طيب القلب وقد خلت المشيخة من نظم الشللية والمحسوبية والبيئة المكانية وصمد أمام محاولات التشويه من خفافيش الظلام كالمتسلفة الوهابية وجماعة الإخوان وبعض التقليديين في الأزهر. وفيما يتعلق بواقعة المصافحة مع شخصية يهودية واستقباله لحاخام يهودى فإن الإسلام لا يعادى اليهودية مثل الرموز المسيحية، أما الأمور السياسية فلا توجد مؤاخذات معتبرة على شخصية الإمام فلم يتلون ولم يتحول.