نائب محافظ الجيزة يتابع مراحل تشغيل محطات رفع الصرف بأبو النمرس وحى جنوب    أحمد موسى من منجم السكري: التعدين مستقبل مصر.. وثرواتها كنز للأجيال القادمة    وزير الخارجية يلتقي رئيس مفوضية الإيكواس لبحث سبل تعزيز التعاون المشترك    وزارة العدل الأمريكية: لم ننقح أي ملفات لحماية ترامب عند إصدار وثائق إبستين    تغريم أليجري 10 آلاف يورو بعد سبّ مدير نابولي    ساكا يقود هجوم أرسنال أمام إيفرتون في الدوري الإنجليزي    تشكيل أرسنال – جيوكيريس يقود الهجوم أمام أيفرتون    مصر الاستثناء التاريخي.. من كسر لعنة الدفاع عن لقب أمم أفريقيا؟    بيطري دمياط يحبط مخططات تجار الصحة ويُنفذ حملة موسعة على المطاعم والمجازر    تلاوة تُلامس القلوب بصوت أحمد نعينع في «دولة التلاوة» (فيديو)    انطلاق الحلقة 12 من برنامج دولة التلاوة بمشاركة كبار القراء.. بث مباشر    وزير خارجية بوتسوانا: المنتدى الروسي - الأفريقي منصة مهمة لتحديد أولويات التعاون    6 أعراض مبكرة للإصابة ب الذئبة الحمراء    المستشفيات التعليمية تحتفل بمرور 100 عام على إنشاء معهد الرمد التذكاري    منتخب مصر    الإدارية العليا تواصل استقبال الطعون على نتائج انتخابات مجلس النواب 2025    محمد صبحي يكشف كواليس لقائه بأم كلثوم: «غنّت لي وحدي وأهدتني 50 جنيهًا»    ايمي سمير غانم تعلق على فكرة زواج حسن الرداد للمرة الثانية    د. محمد العبد: مجمع اللغة العربية منارة ثقافية يواكب احتياجات التحول الرقمي| خاص    موعد شهر رمضان 2026 «فلكيا»    الداخلية تكشف ملابسات واقعة سرقة أسلاك وأدوات صحية من فيلا تحت التشطيب بالتجمع    تحسين حياة المواطن بالأقصر تتصدر اهتمامات البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة    خبير: إعادة التموضع الروسي في أفريقيا تعكس رؤية استراتيجية وتنموية    الدكتور محمد عبد العاطي وزير الري السابق يفتح ملف أمن مصر المائي في حوار مع «صوت الأمة»: القيادة السياسية لن تفرط في نقطة مياه واحدة.. والأمن المائي واجب وطني ومسؤولية جماعية    بدون إصابات.. إنقلاب جرار طوب أبيض أعلى كوبري طما بسوهاج    وزيرتا التخطيط التنمية المحلية ومحافظ الأقصر يتفقدون تطوير كورنيش ومناطق إسنا التاريخية والسياحية    وزير الخارجية يلتقى مفوضة الاتحاد الأفريقى للتنمية الاقتصادية والتجارة    تشكيل الزمالك - كايد في الوسط وعمرو ناصر يقود الهجوم ضد حرس الحدود    تشكيل الاتحاد السكندري لمباراة سموحة في كأس عاصمة مصر    الدكتور أمجد الحداد: المضادات الحيوية ممنوعة تماما فى علاج نزلات الإنفلونزا    خلال 10 أيام.. التفتيش على 3605 منشآت يعمل بها أكثر من 49 ألف عامل    النائب العام يوافق على رفع اسم علاء عبد الفتاح من قوائم الممنوعين من السفر    التنمية الشبابية بالجزيرة يعرض كأس ألأمم الأفريقية علي شاشة عرض عملاقة بالمسرح الروماني    أهالى البلد اتبرعوا بسيارة هدية فوزه بالمركز الأول عالميا فى حفظ القرآن.. فيديو    الضفة.. جيش الاحتلال يغلق مداخل مدينة أريحا    رئيس جامعة بنها يحيل طبيبين بالمستشفى الجامعى للتحقيق    وزير التعليم العالي يشهد حفل تخريج أول دفعة من خريجي جامعة المنصورة الجديدة الأهلية    أمن الجيزة يلقي القبض على "راقص المطواة" بالبدرشين    النبراوي أول نقيب مهندسين مصري يتقلد رئاسة اتحاد المهندسين العرب    صحيفة أمريكية تكشف تفاصيل جديدة عن العبء المالي على أوروبا في دعم أوكرانيا    رئيس جامعة الأزهر: الجميع مع القرآن فائز.. والإمام الأكبر حريص على دعم الحفظة    تعليم جنوب سيناء تعلن جدول امتحانات الفصل الدراسي الأول لمرحلة الثانوية العامة صباحي ومسائي    محافظ أسوان يبحث توصيل الخدمات والمرافق ل40 مصنعا.. اعرف التفاصيل    «مصر للسياحة» تخطط لتطوير الفنادق التابعة والتوسع في تطبيقات التحول الرقمي    انهيار مبنيين متضررين من قصف للاحتلال الإسرائيلي على غزة    النيابة الإدارية تواصل تلقى طلبات التعيين بوظيفة معاون نيابة إلكترونيا.. المواعيد    بعد إعلان ارتباطه رسميا.. هذا هو موعد زفاف أحمد العوضي    حقيقة فيديو تجاوز إحدى الرحلات الجوية طاقتها الاستيعابية من الركاب    رئيس هيئة التأمين الصحى فى زيارة تفقدية لمبنى الطوارئ الجديد بمستشفى 6 أكتوبر    سحب 666 رخصة لعدم تركيب الملصق الإلكترونى خلال 24 ساعة    الدفاع الروسية: تحرير بلدتي فيسوكويه في مقاطعة سومي وسفيتلويه بدونيتسك    المستشار حامد شعبان سليم يكتب عن : لعنة الله على تلك .. المسماة " ديمقراطية !?    «المنشاوي» يستقبل أسامة الأزهري وزير الأوقاف بجامعة أسيوط    بعد قليل، محاكمة عصام صاصا بتهمة التشاجر داخل ملهى ليلي في المعادي    محاكمة 37 متهما بخلية التجمع.. اليوم    مواقيت الصلاه اليوم السبت 20ديسمبر 2025 فى المنيا    محمد معيط: روشتة صندوق النقد الدولي عادة لها آلام وآثار تمس بعض فئات المجتمع    طائرات ومروحيات أمريكية تشن هجوما كبيرا على عشرات المواقع لداعش وسط سوريا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



فى بلاط صاحبة الجلالة.. الكتابات الأولى ل«الأستاذ»
نشر في المصري اليوم يوم 17 - 02 - 2016

لكل عصر شروطه ومقتضياته ولغته، وحين نقلب فى صفحات التاريخ، خاصة حين نكون بصدد البحث فى مجال الصحافة وتاريخها، أو عن سير الكتاب الكبار، تشدنا المحطات الأولى فى مسيرتهم الحافلة، ولأن الكاتب الكبير الأستاذ محمد حسنين هيكل من القامات الصحفية الكبيرة على مستوى العالم العربى، بل الدولى، فإن الفضول يقودنا للتعرف على بدايات هذه المسيرة الغنية للكاتب الكبير، وتظل البدايات الأولى فى هذه المسيرة، والتى ننتهى فيها عند أول الستينيات حين كانت «الأهرام» الصحيفة العربية الأولى، والتى كانت تزدان بمقال الأستاذ الشهير فى الصفحة الأولى بعنوان «بصراحة»، وفيما كنا نقوم ببحثنا المعتاد فى التراث الصحفى، وجدنا أكثر من مطبوعة تتضمن موضوعات ل«الأستاذ» فى بداية مسيرته الغنية حين كان مُحرِّرًا فى قسم الحوادث، وكانت هذه الكتابات فى «آخر ساعة، وأخبار اليوم، وروزاليوسف».
حسن البنا فى حواره مع هيكل: «شعارنا سيفان.. ودستورنا القرآن»
حسن البنا
قال الكاتب الكبير محمد حسنين هيكل، فى معرض حديثه التليفزيونى مع الإعلامية لميس الحديدى فى 26 ديسمبر 2014، إنه أجرى حوارًا مع حسن البنا، مؤسس جماعة الإخوان المسلمين، مشيرًا إلى أنه نشر فى مجلة «آخر ساعة» عام 1946، ويحمل عنوان «شعارنا سيفان.. ودستورنا القرآن».. «هبى يا رياح الجنة على رهبان الليل.. وفرسان النهار.. هذا نداء الإخوان».
وعثرنا على حوار صحفى مع حسن البنا فى «آخر ساعة» بتاريخ 15 مارس 1946، لكننا لا نستطيع القطع إذا ما كان الحوار الذى عثرنا عليه هو الحوار الذى أشار له «الأستاذ» أم لا؟، خاصة أننا وجدنا الحوار منشورًا دون توقيع الصحفى الذى أجراه ولا يستطيع النفى أو التأكيد فى هذا السياق سوى «الأستاذ»، رغم أن طريقة الحوار الذى يجمع بين «البورتريه القلمى» و«السؤال والجواب»، واللغة، وطريقة العرض الأقرب إلى السرد الأدبى، والوصف الدرامى قريبة الشبه جدًا بكتاباته فى تلك المرحلة وننشر نص الحوار.
فى «بورتريه» قلمى لشخصية «البنا» قال كاتب الموضوع: «رأيت الأستاذ حسن البنا المرشد العام للإخوان المسلمين منذ عامين مرتين، الأولى يخطب جماعة من طلبة الطب، ورأيته فى الثانية يناقش مجموعة من الشبان المثقفين، ورأيت سامعيه فى الحالتين يقابلونه بالابتسام والضحك والسخرية والصفير، لكنه تكتم وتغلب وسيطر وانتصر بسهولة على معارضيه فى الحالتين، وفى كلتا الحالتين رأيته فيهما صامتًا، ورأيته يتكلم وجهه على الحالين مشوب بمسحة وقار لطيف، حاد الملامح بين التعابير تحت جبين عريض، لماح بقبس من الذكاء، تقتعد وسطه زبيبة صلاة كبيرة داكنة من أثر السجود، عيناه هادئتان بسيطتان، دائم الابتسام، فاره القامة، رحيب الهيكل، يبدو قويًا كشجرة سنديان، فى صوته عمق وعرض وطول، وللسانه سحر، إذا تكلم يتلاعب فيه بالألباب، وقد أمده الأدب العربى على شتى أصوله بفيض هائل من الآيات والأحاديث وأمجاد المجد الإسلامى يطلقها من فمه كالمدفعى الماهر فى أنسب وقت وأنسب مكان، فيكون لها فعل القذائف فى معارضيه، ترى هل يمكن أن تتألف من مجموعة هذه الألوان والخطوط صورة زعيم؟».
أما عن حوار «الأستاذ» مع «البنا» فلم يكن حوارًا خالصًا، وإنما كالمعتاد تخلله الوصف السردى، والحكى الوصفى، الذى تتخلله الأسئلة، حيث كان ضمير «المتكلم» لكاتب الموضوع حاضرًا طوال الوقت من قبيل «حين التقيتناه»، و«رأيت».
فيبدأ الكاتب الحوار بقوله: «هذا مقال كتبناه وحديث أخذناه من الأستاذ حسن البنا منذ نحو 3 أسابيع، أى عقب حوادث (يوم الجلاء)، ولكن تطورات الموقف السياسى وحوادث الأسبوعين الأخيرين كانت تحملنا على تأخير نشره لكى نخصص هذه الصفحة الأولى للحوادث الجارية واليوم بإذن الله ننشر المقال والحديث».
ومضى الكاتب يصف أحوال مصر فى كبواتها وصحواتها، ثم يسأل: «من هم الإخوان المسلمين، الذين يمثلون ثورة وإفاقة رابعة من بعد كبوة، والذى يزعم الرواة أنهم وراء كل مظاهرة وكل حركة إضراب؟ وأنهم القوة المحركة الدافعة لهذه الفورة الجديدة، التى توجه الشعور الوطنى هذه الأيام؟».
ويمضى الكاتب مجددًا ليضيف المزيد من الوصف لشخصية «البنا» فيقول: «مدرس خط، ومع ذلك فإن خطه بشهادته ليس جميلًا، بل ولا مقروءًا، وزعيم لمليون من المصريين، ولكنه وبشهادته ليس زعيمًا، وإنما هو مدرس فقط، ولعل هذا هو مصدر لقبه الرسمى، وهو المرشد العام للإخوان المسلمين، أما الإخوان المسلمون، أعنى الجمعية نفسها، فهى شعار مكون من سيفين متقاطعين بينهما مصحف كتبوا تحته كلمة (وأعدوا)، ثم المرشد العام ذلك الرجل الملتحى ذو العينين البراقتين، والصوت الحازم القوى المكين، وليس هناك بعد ذلك إلا المليون رجل فقط على استعداد لبذل آخر قطرة من دمائهم عندما يأمر بذلك المرشد العام، وهذا هو كل شىء».
ثم يدخل كاتب الموضوع لمرحلة الحوار مع «البنا»، ويسأله عن دلالة «السيفين» فى شعار الإخوان، فيقول: «هما رمز الجهاد»، ثم سأله المحاور: «والمصحف؟»، فقال «البنا»: «دستوره»، فسأله: «والكلمة المكتوبة بين السيفين وأعدوا؟»، فقال «البنا»: «هى الكلمة الأولى من الآية الكريمة (وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة ومن رباط الخيل ترهبون به عدو الله وعدوكم».
ويضيف المحرر: «لم نستطع أن نكمل بقية الحديث، فقد قام المرشد العام لأن 5 آلاف من أنصاره جاءوا يتلقون تعليماته بعد حوادث (يوم الجلاء)، ويظهر أن ميزة هذا الرجل الكبرى هى أنه يعرف كيف يخاطب الناس، وكيف يلهب شعورهم، والذى يسمعه وهو يقول لهم: «اسمعوا يا خير أمة أخرجت للناس»، أو وهو يناديهم: «اسمعوا يا جند محمد ويا جيش الخلاص ويا كتائب الإنقاذ ويا رهبان الليل وفرسان النهار»، الذى يسمعه وهو يقول هذا ثم يسمعهم يجيبون عليه بدوى كهزيم الرعد يدرك فورًا أن هذا الرجل أوتى قدرة خارقة على فهم نفسية الجماهير، وكيف يلهب مشاعر هذه الجماهير، وسمع الشيخ بعد هذا يحدثهم عما جرى أخيرًا فيقول إنه يأسف لأنه كان يريدها مظاهرات سلمية لا لأنه يعتقد أن حقوق مصر تنال بالمظاهرات السلمية فقط، ولكن لأنه يرى أن الوقت لبذل الدم لم يحن بعد، وأن كل القوة وكل البأس يجب أن يدخرا ليوم الدم، ولكنه مع أسفه لهذه الحوادث يؤمن بأن هذه هى إرادة الله وما يريد الله إلا الخير للعباد، وتسمع بعد ذلك هزيم الرعد: «الله أكبر.. ولله الحمد».
ويتابع المحرر قائلًا: يعود إلينا الأستاذ حسن البنا يتخذ مجلسه بيننا، ويتحدث إلينا عن دعوته فقال: «لا أستطيع أن أحدد متى وكيف نشأت دعوتى هذه، فهناك أفكار تنشأ مع الإنسان يوم ينشأ على أنها برزت عقب تخرجى من دار العلوم فى شعبتين إحداهما فى الإسماعيلية، حيث كنت أقيم، والأخرى فى شبراخيت».
وقال «البنا»: «أنا وراء كل رئيس وزراء يدعو إلى الجهاد»، فسأله المحاور: «وهل عندك القوة؟»، فأجاب: «عندى مليون»، فسأله المحاور: «والسلاح؟»، فأجاب «البنا»: «سلاحنا الإيمان، وكل أخ من الإخوان يؤمن بأن الله اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة يجاهدون فى سبيل الله، فيقتلون ويقتلون وستجدنا يوم يبدأ الجهاد نستقبل الرصاص صائحين هبى يا رياح الجنة.. ونقف عند هذا الحد من الحوار المطول».
أم كلثوم: «الفن والسياسة توأمان»
هيكل في حوار مع ام كلثوم
وفى مجال الفن كان الأستاذ هيكل قد أجرى حوارًا مع «كوكب الشرق» أم كلثوم، وقد نُشر هذا الحوار فى 1967 فى مجلة «آخر ساعة»، وكانت الزميلة ثناء الكراس قد نشرت مقتطفات من الحوار فى أحد المواقع الإلكترونية فى فبراير 2014.
هيكل: كيف استطعتِ إلغاء الفارق بين السياسة والفن.. أعتقد أنك قمت بهذا الدور والواحد يحتار فى أعمالك.. إيه فيها سياسة، وإيه فيها فن؟ إزاى تقدرى تعملى كده؟
أم كلثوم: فى رأيى أن الفن والسياسة توأمان، يعنى مثلا لما مصر أرسلت آثار توت عنخ آمون إلى باريس كان ده عمل سياسى، وعمل فنى أيضا، بمعنى أن الفرنسيين رأوا حضارتنا، وتبادلنا معهم الثقافة فى نفس الوقت.. وهذه هى السياسة.
هيكل: هذا المثال جزء صادق من الجواب عن السؤال.. وأنا باعتبر أن السياسة بتستعمل الفن.. زى ما السياسة بتستعمل الاقتصاد وأشياء أخرى، لكن انتى عملتى حاجة تانية غير كده.. أقصد عملتى توافقا بين العمل السياسى والعمل الفنى.
.. و«الهضيبى» بعد «حادث المنشية»
حسن الهضيبي
بعد «حادث المنشية» الشهير، الذى شهد محاولة الإخوان اغتيال الرئيس جمال عبد الناصر، ألقى القبض على بعض قيادات الجماعة، ومنهم حسن الهضيبى، حيث أجرى معه الأستاذ هيكل حوارًا فى 30 أكتوبر 1954 فى محبسه فى داخل السجن الحربى، ونشر فى جريدة «أخبار اليوم»، كما أجرى حوارًا مع الجانى، وفيما يلى جزء من الحوار:
هيكل: هل ترى أن الإسلام يبيح إنشاء تنظيمات سرية مسلحة للإرهاب وهل السياسة فى هذا البلد والحريات التى نتطلع إليها يمكن أن تسمح بقيام منظمات سرية مسلحة؟
سكت «الهضيبى» فترة أطرق خلالها برأسه إلى الأرض، ثم قال: «من قال هذا؟.. لست أنا الذى أنشأ التنظيم السرى، هذا التنظيم أنشأه حسن البنا سنة 1946، وكان الغرض الأول منه محاربة أعداء الإسلام، والذى حدث بعدها أن هذا التنظيم السرى انحرف عن هدفه الأصيل، واتجه إلى أعمال العنف والاغتيال، فلما جئت أنا منذ 3 سنوات وتوليت منصب المرشد العام كان أول ما فعلته أن قلت: إننى لا أريد تنظيمات سرية، وأخرجت من الجماعة أولئك الذين عرفت أنهم كانوا يتزعمون الإرهاب المسلح، وأقمت مكان النظام القديم نظامًا جديدًا حددت له أهدافه، وهى أن يقوم أفراده بنشاط رياضى وكشفى».
«الأستاذ» عن مصرع «كاميليا»: «نار احترقت فى نار»
كاميليا
ويظل الأستاذ هيكل صاحب أسلوب مختلف، حتى فى كتاباته المبكرة لصفحة الحوادث، وحين قام بتغطية صحفية لمصرع الفنانة «كاميليا»، كونها نجمة سينمائية، فقد كتبه فى شكل لوحات درامية متتابعة ومتصاعدة مُشوِّقة ومُثيرة فى شكل سيناريو.
وكان «الأستاذ» قد كتب عن هذا الحادث فى «أخبار اليوم» موضوعًا صحفيًا يحمل عنوان: «نار احترقت فى نار»، حيث بدأ سرد تفاصيل الحادث، قائلًا: «بدأ القدر أول خطوة فى لوحته المروعة فى الساعة الثانية عشرة والنصف من صباح يوم الخميس آخر أيام أغسطس، وبدأ يختار أبطال لوحته فى مطار فاروق! كان مشهد المطار لحظتها عادياً.. وكانت الطائرة رقم 903 نجمة ميريلاند قد هبطت أرض المطار، قادمة من بومباى، ونزلت هيئة القيادة كى تترك الطائرة لهيئة قيادة جديدة تتولاها باقى الرحلة، وأمام الطائرة التقى القائدان، الذى انتهت نوبته والذى عليه الدور.. وقال أولهما كابتن ريجنوز للثانى وهو الكابتن بوب:
- تَسَلَّم الطائرة.. كل شىء فيها على ما يُرام.
وصعدت هيئة القيادة الجديدة إلى الطائرة، وهكذا خطا القدر أولى خطواته. اختار الطائرة وهيئة قيادتها من الضحايا، إلى قوله: «وأقبلت السابعة تجرى بعد قليل.. وكانت فرنسية، طويلة، شقراء وجميلة، اسمها لورنزى، وصاح بعض الركاب الذين كانوا قد فرغوا من إجراءات الجمارك والجوازات: هذه هى مضيفة الطائرة».
وصاح أحدهم بالمضيفة:
- متى نمشى؟!
وقالت الباريسية الشقراء لورنزى وهى تنظر فى ساعتها:
- بعد ربع الساعة.. لايزال هناك وقت!
وضحكت وهى تنظر لأحدهم، قائلة:
- على أى حال، لن يكون هناك شىء تفعله الليلة إلا أن تنام.. سوف تستيقظ فى الصباح لتجد نفسك فى بلد آخر!
وصعدت الباريسية الشقراء لتلحق بهيئة القيادة. وهكذا اختار القدر الضحية السابعة.
وفى أرجاء المطار كان القدر يمهد للوحته بحكايات ساخرة وعجيبة، وقف رجل اسمه مستر فريمان أمام الأستاذ جمال زيتون، من موظفى شركة الخطوط الجوية العالمية، وقال له:
- ألا تفهم.. يجب أن أسافر الليلة بالذات، وعلى هذه الطائرة، لا يمكننى الانتظار للغد!
وفى الساعة الخامسة والنصف صباحاً، كان أول خيوط الشمس يسقط على الرمال عند حدود مديرية البحيرة مع الصحراء عند قرية «دست»، ومن مركز «كوم حمادة»، تحرك قطار صغير تابع لشركة خطوط الدلتا، وكان القطار فى طريقه إلى المحاجر فى وادى النطرون، وشاهد ركابه حطام الطائرة فى الصحراء، فأبلغوا البوليس، مؤكدين وجود جثث كثيرة فوق الرمال، وطار الخبر إلى كل أنحاء مصر.
«هيكل» يكتب: «من هم ضباط محمد نجيب؟»
عبدالناصر فى زيارته لمبنى الأهرام الجديد
كتب الأستاذ محمد حسنين هيكل مقالًا عن يوسف صديق، أحد الضباط الأحرار، وصاحب الضربة الأولى فى الثورة، فى 27 أغسطس 1952، بعد الثورة بشهر واحد، ونشر فى مجلة «آخر ساعة»، ويحمل عنوان «من هم ضباط محمد نجيب؟».
وفى سياق هذا المقال كتب «الأستاذ» عن «البكباشى يوسف صديق»، وقال: «العملاق الأسمر ذو العينين الحمراوين..عملاق طويل عريض.. لفحته الشمس فى معسكرات الجيش، فجعلته أشبه ما يكون بتمثال من البرونز لفارس محارب مدرع من القرون الوسطى.. دبت فيه الحياة بمعجزة، فخرج إلى عالم المغامرات، هناك لازمتان تميزانه دائما.. شعر منكوش مهوش، وعينان حمراوتان من قلة النوم وكثرة ما يبذل من جهد قدمه لى لأول مرة اللواء محمد نجيب، وكان ذلك قبل حركة القوات المسلحة ببضعة أيام، فكنت جالسًا مع اللواء محمد نجيب، وكان ساخطًا على كل ما يحدث وقال لى بين ما قال: «لقد فكرت فى أن أستقيل من الجيش، وفجأة ظهر العملاق الطويل القامة، الذى يشبه تماثيل البرونز السمراء على باب الشرفة، واشترك فى المناقشة، وهو فى مكانه قائلًا: «لا يجب أن تستقيل.. كلنا نرى أن تبقى معنا». ويمضى «هيكل» فى «البورتريه» القلمى، الذى كتبه عن يوسف صديق فيقول: «كان شكله يوم فجر حركة القوات المسلحة رائعًا، كان هو الذى قاد جزءًا هامًا فى عملية القبض على قواد الأسلحة من لواءات الجيش القدامى، لقد قام بهذه العملية الخطيرة بمنتهى الثبات والجرأة والسرعة، وبعد الحركة بثلاثة أيام، وعلى وجه التحديد فى يوم السبت 26 يوليو، اليوم الذى خلع فيه الملك عن العرش لقيته جالسًا فى إحدى الشرفات فى مركز رئاسة قوات الجيش، وكان قد حلق ذقنه، وخلع عنه البدلة، التى ظلت على جسده 5 أيام متواصلة ليل نهار، وكان يحتسى فنجانًا من القهوة، وفى عينيه صفاء غريب أشبه ما يكون بأحلام الشعراء، وهو الذى كان ليلة الثورة إعصارًا هائجًا لا يبقى ولا يذر».


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.