فى جامعة تل أبيب.. أعلن ياسر رضا، سفير مصر فى إسرائيل، أمنيته كسفير لمصر بيوم يأتى يلعب فيه منتخب مصر لكرة القدم مباراة مع منتخب إسرائيل.. ولست أعرف هل كانت زلة لسان من سفير أراد المجاملة فأحالها إلى فضيحة وخطيئة.. أم رؤية قديمة ودائمة لدبلوماسى مصرى يرى كرة القدم سلاحا سياسيا صالحا للقفز فوق كل حواجز تاريخ الكراهية والغضب وصنع السلام والتطبيع مع الأعداء.. وأنا شخصيا لا أؤمن بأنها كانت زلة لسان.. وإنما أظنها رؤية السفير المصرى وقناعته.. وبالتالى يصبح من حقى مناقشة هذه الرؤية ورفضها ليس بطريقة وأسلوب الشارع المصرى غاضبا وثائرا وساخرا رغم اقتناعى بموقف الشارع واقتسامى معه المشاعر والأفكار نفسها، حيث سبق له أن رفض سفر المنتخب الأوليمبى وسيرفض غدا سفر المنتخب الأول للعب مع فلسطين بتأشيرات سفر إسرائيلية.. ولكننى سأناقش سعادة السفير بنفس قواعد الفكر وحسابات السياسة التى يلتزم بها.. ولم يكن من اللائق أولا أن يعلن السفير أمنيته فى وقت تعالت فيه أصوات بعض السذج كفرا بالعروبة والعرب.. من الجزائر والصدام معها إلى بيروت والصور الموجعة والمهينة التى جاءت منها.. لتصبح مصر الرسمية أو الدبلوماسية وكأنها هى الأخرى تستدير وتعطى ظهرها للعرب ولتاريخها ومستقبلها أيضا.. وثانيا كان من الواجب أن يذاكر السفير أولا بعض ملفات الدبلوماسية الإسرائيلية منذ أن بدأ سلفان شالوم، وزير خارجيتهم الأسبق، مشروعه الداعى لاستخدام الكرة كسلاح سياسى ودعائى لإسرائيل فى أفريقيا وأوروبا أو غطاء إنسانى وإعلامى لكل جرائم إسرائيل ضد الفلسطينيين.. ومع هذا التصور لوظيفة كرة القدم.. لم يكن يليق بدبلوماسى مصرى أن يتحدث عن رؤيته الحالمة أو الساذجة بشأن الكرة والأمنيات الطيبة.. والنقطة الأخيرة تتعلق بالصفقة التى بموجبها ستلعب مصر مع إسرائيل.. فليس صحيحا أن الكرة تصنع السلام ولكنها فى كل مرة كانت هى جائزة السلام.. فهل مصر ستلعب غدا مع إسرائيل كجائزة لها على مشروعها الداعى لحرمان مصر من مياه النيل أم لأن إسرائيل قررت الانسحاب من الأراضى المحتلة أم لأنها ستفرج عن الأسرى العرب.. فلا يمكن للسفير المصرى أن يخونه ذكاؤه إلى هذا الحد فيقدم الهدية دون أن يملك سببا أو مناسبة لتقديمها.. ولعل السفير يجهل كم الجهود والمحاولات التى بذلتها إسرائيل ولاتزال من أجل أن تلعب مع مصر هذه المباراة.. بل إنها طلبت ذلك رسميا من بلاتر، رئيس الفيفا، ومن كوفى أنان، السكرتير السابق للأمم المتحدة.. لأن إسرائيل تدرك قيمة الكرة وتأثيرها أكثر من الخارجية المصرية بأسرها.. فالتضامن مع غزة على فانلة أبوتريكة فى غانا كان أقوى سلاح عربى للمقاومة فى السنين الأخيرة.. سلاح لاتزال إسرائيل تحاول أن تكسره.. وبعضنا للأسف الشديد.. بسذاجة أو غفلة أو حسابات خاطئة يساعدها على ذلك. [email protected]