أتلتيكو مدريد 1-1 ريال مدريد.. بنزيمة واحد لا يكفي

في أجواء جماهيرية مرعبة، نجح أتلتيكو مدريد في انتزاع نقطة من ضيفه ريال مدريد، في ديربي العاصمة، بعد أن تعادل الفريقان بهدف لكل منهما، في إطار الجولة السابعة من الدوري الإسباني.
الكل كان يتوقع إضافة المزيد من الانضباط الدفاعي والتكتيكي للريال مع بينيتز، لكن الإسباني المخضرم بالغ في التحفظ اليوم ومال إلى عدم المخاطرة، محملاً بتركة ثقيلة من النتائج الكارثية مع الأتليتي العام الماضي، رغم ذلك نجح بينيتز في إبطال مفعول اندفاع الروخيبلانكوس المتوقع لشوط كامل، بإضافة الرائع كازيميرو لخط الوسط، وهو اختيار أتى ثماره، ولولاه لتلقى الريال هزيمته الثقيلة الأولى في الموسم.
وبذكر خطوط الوسط، فالميرينجي هو النادي الوحيد الذي يمكنه المشاركة بخطي وسط كاملين في كل مباراة، فقط على بينيتز أن يختار اثنين من بين كازيميرو، توني كروس، كوفاسيتش، وإيسكو، ثم يضيف مودريتش، وسيتكفل الذهب الكرواتي السائل بملء أى فراغات في خط وسط الريال أيًا كانت التركيبة، فيبدو لامعًا براقًا والأهم، غير قابل للخدش.
على الناحية الأخرى، افتقد سيميوني المعادل الأزرق والأحمر لمودريتش، وأفضل لاعبي خط وسطه كوكي بسبب الإصابة، ففقد كثيرًا من خطوط الوصل بين خط وسطه وهجومه التي كان يجيد الإسباني الشاب بناءها بتمريراته البينية الذكية، بدا خط وسط الأتليتي بطيئًا ثقيلاً في الشوط الأول، وأضاف لذلك توريس الذي تذكر رعونة أيام البلوز ولعب شوطًا للنسيان.
بدأ بينيتز ب4-4-2 إيسكو، خطة جديدة يؤدي فيها صانع الألعاب الإسباني دور البطولة، فيقرر متى يبقيها على حالها ومتى يطورها ل4-3-3 بانضمامه لصف الهجوم على الأطراف أو في العمق، وهي إجابة مدرب الريال لسؤال المرونة التكتيكية التي افتقدها الميرينجي الموسم الماضي، فوجود الثلاثي إيسكو، مودريتش وكازيميرو في الملعب يمنح الريال القدرة على الانكماش وشن المرتدات إن استلزم إيقاع المباراة، الأمر الذي افتقده الملكي مع أنشيلوتي باستثناء مباراة البايرن في موسم الديسيما، كما يمنح كازيميرو وسط الريال القدرة على مجاراة الأتليتي بدنيًا في وسط الملعب على الأقل، لكن إيسكو لم يكن في حالته، فلم يسفر الضغط الهجومي المكثف للبلانكو سوى عن هدف وحيد برأسية بنزيمة من عرضية كارفاخال بعد مراوغة رائعة.
اللوتشو وعلى عكس المعتاد، ظهر تائهًا في الشوط الأول، وكأنه قرأ أوراق الموسم الماضي كما هي، متجاهلاً رحيل أنشيلوتي، ففشل أوليفر توريس في الضغط على كارباخال الذي كتب الجبهة اليمنى باسمه حتى خرج مصابًا لحساب أربيلوا في الدقيقة 42، وبدا الأتليتي مرتبكًا في الثلث الهجومي، وحتى جريزمان فشل صراعه الثنائي مع مارسيلو فلم ينجح في إيقاف صعوده ولا استغلال المساحات المتخلفة عنه، فكانت انطلاقات أنخيل كوريا هي نقطته المضيئة الوحيدة، هنا حاول سيميوني استثمار حالة الأرجنتيني الشاب فأدخله في عمق الهجوم بعد تأخره بهدف، لتتحول خطة الروخي بلانكوس ل4-3-3 بعد أن يخرج كل من جريزمان وتوريس للأطراف ويتوقع أوليفر توريس كصانع لعب خلف كوريا مهاجم القلب، الوضع الجديد ألقى بكوريّا مباشرة في فرّامة الريال، ابتكار آخر جديد من بينيتز لقتل الهجمة قبل وصولها لمنطقة جزائه، بتقدم راموس وتقهقر كازيميرو، ليشكلا مثلث ضغط عاليا يكمله مودريتش أو كروس بالتبادل، وفي الخلفية يقوم الرائع فاران بتنظيف مناطق الريال من الأشلاء.
كل شيء كان يسير بشكل سيئ للأتليتي حتى منحهم القائد راموس ركلة جزاء بتدخل متهور لم يكن الأول ولن يكون الأخير، لكن الكوستاريكي نافاس رأى فيها فرصة جديدة ليثبت أحقيته من دي خيا بحراسة مرمى الريال، فتصدى لركلة جريزمان الصعبة، وأنقذ فريقه من تلقي هدفين آخرين من تسديدات الأتليتي الصاروخية، بينما كان دي خيا يؤدي أسوأ مباريات الموسم أمام أرسنال.
مقاتلو الأتليتي لا يعترفون بنقاط التحول في المباراة، ورغبتهم في الفوز لا تفنى، وبينما توقع الجميع شوطا آخر للميرينجي بعد تصدي نافاس الخرافي، فاجأهم اللوتشو بتعديل خطته وقرر تنشيط الأطراف بعد مشاورة ناجحة مع مساعده التقطتها كاميرات الكالديرون، فأشرك كاراسكو بدلاً من أوليفر توريس، ولوشيانو فييتو بدلاً من كوريّا في الدقيقتين 46 و58 على الترتيب، وقرر منح توريس ست دقائق أخرى أساء النينو استثمارها فأخرجه في الدقيقة 64 لحساب الوحش جاكسون مارتينيز، قبل أن يقرر بينيتز أن المزيد من إيسكو لن يكون مجديًا ويشرك القرصان الويلزي جاريث بيل ليكتمل مثلث الريال الهجومي الشهير.
في رهان خاسر كان على بينيتز توقعه، أخرج المدرب الإسباني أحد أهم لاعبيه بنزيمة في الدقيقة 77، تحت تأثير هاجس الإصابة، فبينيتز أعلم الناس بالأثر الذي يسببه غياب المهاجم الفرنسي، لذا يبدله باستمرار خشية إصابته، خاصة مع غياب البديل، ليعتمد على رونالدو وبيل في الهجوم، ومن المعلوم بالضرورة أن رونالدو لا يأتي لمباريات الأتليتي، وبيل وحده لا يمكنه صناعة الفارق، في ظل مع انعزال الثنائي في الشوط الثاني نتيجة اندفاع الروخي بلانكوس في محاولة التعديل، خاصة أن خبرة البديل كوفاسيتش القليلة لم تسعفه في تأدية دور صانع اللعب والدخول في أجواء المباراة المشتعلة في آخر عشر دقائق.
الوحش لم يستغرق كثيرًا حتى يجد فريسته في أربيلوا أسوأ لاعبي المباراة على الإطلاق، فكال له المراوغات واحدة تلو الأخرى حتى نجح الكولومبي الدولي في صناعة هدف التعادل بعرضية هيأها جريزمان على القائم القريب بكعب قدمه قبل أن بتابعها فييتو في المرمى، لتنفجر الهيستيريا في الكالديرون ويركض سيميوني جهة مساعده جيرمان بورجوس الذي جاءت نصائحه بالتعادل.
أخطأ بينيتز بمبالغته في التحفظ وسوء تقديره لقوة الأتليتي الذي دعم صفوفه بذكاء في الصيف ولم يعد العامل النفسي هو نقطة قوته الوحيدة، ولكن تحميله مسؤولية التعادل كاملةً سيعد تجنيًا لا شك فيه، الإسباني عانى من سوء حالة اثنين من أبرز نجومه هما رونالدو وإيسكو وغياب مؤثر لجيمس روديجيز، ومازالت كوابيس إصابة بنزيمة تطارد يقظته وتؤثر على قراراته في الملعب، التعاقد مع مهاجم بديل ضرورة قصوى للريال في يناير القادم.