إنه في ضوء التسريبات الإعلامية العَمْديّة ؛ أو بالونات الإختبار الجاري إطلاقها و متابعتها ؛ للوقوف علي درجة القبول الشعبي ؛ بل و قبول الشارع السياسي عموماً ؛ لفكرة تمديد وجود المجلس الأعلي للقوات المسلحة .. وحتي إجراء إنتخابات الرئاسة بشهر يونيو 2012 ؛ و ما يتخلله ذلك من العمل في ضوء إعلان دستوري وحتي تمام الإنتخابات البرلمانية والرئاسية ؛ علي أن يكون إنجاز الدستور الجديد الدائم لمصر عُهْدَة المجلس و الرئيس المنتخبين .. إلخ ؛ - ( وهو ما سيتم التعقيب عليه بنهاية المقال في ضوء إعادة التعليق من المجلس الأعلي من خلال بيانه الأحدث رقم 28 ) - هذا .. واستمراراً بالسياق التحليلي للخبر الأصليّ أو الأول - قبل إعادة توجيه المجلس لمسار المعلومات مرة ثانية - فإنما قد يشير ذلك لإرتفاع حظوظ و تزايد إحتمالات إعداد الدستور الجديد قبل إنتخابات الرئاسة و بعد إنتخابات مجلس الشعب بموعدها بسبتمبر 2011 ؛ إنما هو مما لا يمكن لمصدر إعلامي أن يخاطر بالزج بنفسه فيه علي سبيل الإجتهاد ؛ ولذلك فهو تسريب إختباريّ عَمْدي ؛ يجب رفضه أو قبوله مُعَدَّلاً .. ! و أيضاً لقد تم من قبل ؛ اختبار قسمة الشارع المصري - بل - وصفوف الثورة ذاتها ؛ ما بين (نعم ) و (لا) وبمجرد إختبار إستفتاء كان يمكن تفاديه ! و لذلك فالخوف – كل الخوف – من محاولة جديدة لإعادة تقسيم الشارع و فَرْزه في شكل مُفَتَّت ! بل إن ذلك التسريب الإختباري ؛ إنما ينفي أن المجلس في عَجَلَة من أمره .. ويستهدف سرعة تسليم السلطة للمدنيين .. و كما صرح بذاك متحدثوه كثيراً ! ؛ إذاً ولطالما أن تلك كانت هي حقيقة النوايا ؛ فلماذا كانت التعديلات الدستورية ؛ ثم نفي أنها تعديلات .. وأنها مبادئ لإعلان دستوري ؛ ثم دستور مؤقت ... ثم ... ؟! ؛ إذا كان الوقت سيُسْتَهْلَك .. فلماذا - إذاً - كانت (نعم ) و لم تكن (لا) ؟! ؛ ألم يروِّج كل أصحاب ( نعم ) أنها للإستقرار و الأمن والأمان ؛ وسرعة الإنجاز بدلاً من الإنتظار لو تم التصويت ب (لا) ؛ بل و لسرعة عودة الجيش لثكناته بعد تسليمهم السلطة للمدنيين ؟!؛ بل لعل ماورد بذلك التسريب العمدي ؛ إنما يؤكد أن قول ( لا ) كان يمثل أماناً يفوق قول (نعم ) بكثير ؛ ولأن ( نعم ) ستنتج دستوراً من خلال مجلس و رئيس مؤقتين ؛ و علي أسس إنتخابية مجهولة ؛ بل وكانوا يراهنون بقول نعم علي اختصار الوقت ! أرأي أحدنا أن رسماً هندسياً يتم لمبنيً – أي مبني – بعد تمام إنشاء المبني .. ؟؟! فالدستور هو الرسم الهندسي و البنية الأساسية لنظام المجتمع و بنية كل شئ به ؛ فكيف نبني نظام المجتمع ومؤسساته بلا دستور ؛ ثم تأتي تلك المؤسسات لتنشئ هي الدستور ؟! عموماً لقد فات وقت ذلك .. إذ أنه وطبقاً لما توافر حتي الآن ؛ فإنه وبعد استهلاك نفس الوقت الأطول و بعد إنتخابات مجلس الشعب و ربما قبل إنتخابات الرئيس ؛ و في ظل إستمرار بقاء المجلس الأعلي حتي يونيو 2012 بالسلطة ؛ بعد كل ذلك ستكون خطوة التأسيس للدستور الدائم الجديد هي عُهْدَة ما بعد استقرار مجلس الشعب و قُبَيْل إنتخابات الرئيس ؛ أي بعُهْدَة المجلس الأعلي للقوات المسلحة و بمشاركة مجلس الشعب !! هذا .. بينما كان التصويت ب ( لا ) .. يضمن تأسيس دستور محترم دائم أولاً ؛ ثم يأتي هذا الدستور بالمجلس و بالرئيس ؛ لكنهم استبطأوا الوقت ؛ وطبقاً للوضع الحالي الجاري إختباره ؛ فإن نتيجة (نعم) ستستنزف وقتاً أطول مما لو كانت النتيجة هي فوز (لا) ! بينما السؤال الأهم – هنا – هو ماذا إن لم يتم الإستفتاء أصلاً ؛ و تم العمل الفوري نحو تأسيس الدستور الجديد .. ؟! الإجابة .. أن ذلك كان بمثابة ضمان لتأسيس صحيح يحتكم إلي المنطق ؛ بل و لم تكن قسمة أو تفتيت الشارع السياسي ستكون واردة من ألأساس ! بل إن المشكلة الطَّلْسَم ؛ هي في ذلك الوضع المُلْتَبس الذي يقودنا المجلس الأعلي إليه بإصرار غريب ؛ من خلال تهيئة و حشد كامل الطاقة الذهنية للمجتمع ؛ نحو الدستور واستفتائه و تعديلاته و (نعم ) و (لا) .. ثم يكلف لجنة أولي .. ويكلف لجنة ثانية .. ثم لجنة ثالثة .. ثم لا يأخذ بنتيجة ( نعم) أو (لا) و لا بنتيجة اللجنة الأولي ولا الثانية ولا الثالثة .. بل سيفعل الجديد والإبتكاري كعادته ؛ ويصدر إعلاناً دستورياً ويأتي بمجلس الشعب .. و يُعدّ الدستور الجديد ؛ و يظل معنا بالحكم حتي منتصف عام 2012 ثم يأتي لنا بالرئيس الجديد .. هذا و الله تعالي أعلي وأعلم وأعزّ و أحكم ! ولئنْ فَهِمَ أحدكم شيئاً سوي أن الأمر تتم طلسمته .. أرجوكم ليخبرني ! و لقد تَجَلَّتْ خطورة الإستفتاء ؛ في تداعيات طائفية و تفتيتية ؛ خارج مألوف ما كان بعهد الرئيس المشلوح ما بين مسلم ومسيحي ؛ بل تجاوزت ذلك بقدرات تفتيتية أعتي و أشد بداخل الفصيل الواحد ! و حيث تمت تجربة وإختبار مختلف القوي المُكَوّنَة للمجتمع .. وقوة نفوذها وتأثيرها .. و بما يسمح بإعادة النظر للمستقبل في ضوء خريطة قوي أحدث للمجتمع المصري ؛ يمكن مخاطبته في ضوئها بعد مفاجأة الثورة ! و إنه لمن مُسْتَوْجبَات التأمُّل فعلاً - مجرد محاولة تصوّر أو فَهْم - ميلاد قانون جديد لتقييد الإعتصامات و الإحتجاجات إرتباطاً بأحكام الطوارئ ؛ و لطالما أن الطوارئ ستُلْغَى في ظرف أيام أو أشهر معدودات! أم هو تأكيد علي ضبط حالة الطوارئ بأشدّ مما كان بوقت الرئيس المشلوح .. وبما يعني إعداد الساحة – لحالة الطوارئ – و لبقاء أطول آمِن لكل شئ .. ؟! ذلك .. بالتزامن مع عدد من الحقائق التي لا يمكن إغفالها .. أو مجرد إستبعاد نظري لآثارها من المشهد العام ؛ كبقاء الرئيس المشلوح – في سابقة غير مفهومة – مُعَزَّزَاً مُكَرَّمَاً مُقيماً غير مُبْعَد هو أو أي من أفراد أسرته ؛ أو أي من رجاله المُنْتَمين لموديل الحرس القديم ! مع تغلغل كامل و مستمر - حتي الآن- لكل رجال النظام القديم ؛ بكافة أوصال المجتمع و هيئاته و منظماته و محلياته و مؤسساته المالية و جامعاته و إعلامه .. إلخ و دونما تغيير ؛ بل و بإكتشاف – حتي الآن – يوضح جليل الخدمات التي يتم تقديمها للأسرة الرئاسية المشلوحة من هيئة كالبورصة بإعادة التكويد الخاص بها ؛ و في فترة توقف البورصة عن العمل ! بل و بتأكيد غير حقيقيّ من بعض أعضاء المجلس الأعلي ؛ حين سئلوا عن مصير بعض الشخصيات العامة كزكريا عزمي – مثلاً و علي الهواء - ذكروا أنه بمنزله ؛ ثم ثبت بمداخلة علي الهواء من عزمي لأحد البرامج ؛ أنه يواظب علي أداء مهامه من قصور الرئاسة بتنسيق مع المجلس الأعلي ؛ ولأنه موظف بالرئاسة وليس لدي الرئيس السابق ! فما كان من المجلس سوي الإعلان ؛ عن أن المجلس سيبحث التجاوب مع الرغبة الشعبية في تقاعد عزمي !!!! تلك بعضُ من رتوش المشهد المصري العام .. بالتزامن مع إحداث هدير و دخان بخلفية المشهد و بما يُكْسبه زَخَم العبثية علي نحو دراماتيكي أعلي ؛ بتحقيقات فساد وإهدار مال عام .. إلخ ؛ بل و بحزمة تُهَم تُضْحك الكثيرين من خبراء القانون ؛ ولدرجة توجُّه رهانهم إلي براءة كثيرين من الجاري التحقيق معهم أو بأحكام موقوف تنفيذها - بحكم خبرة و مهنية أهل التخصص - مع سدادهم لبعض الأموال علي سبيل تعويض الضرر العام في أيّ من الحالتين ؛ وبإعتبارهم لم يكونوا علي علم بذلك الضرر العام وقت نشوء الحدث .. و إلي أن كاشفهم الرأي العام بذلك ! وها هي إستمرارية العبثية .. و الرهان علي الوقت .. بل و شراء الوقت الممكن شراؤه ؛ ولطالما هناك بائعون ! و إلي أن تهدأ مشاعر الثورة .. ويمكن وقتها التفاهم مع الجميع في ضوء مفردات و متغيرات واقع مختلفة تماماً و بالكلية عن الآن ! إذاً ليس فقط الوعي هو المطلوب .. لا .. بل و الإستعداد لمفاجآت الحشد الإنتخابي ؛ و التفتيت المجتمعي .. و كما حدث بالاستفتاء .. و لربما أكثر ..! و ليس الشعب بغائب عن الوعي أو عن المشهد ؛ أو بمستقبل ذي هَوَي لرسائل و أداءات المجلس الأعلي أو الحكومة أو أي من أصحاب الأداءات الحاليين .. ولسنا بمنكرين علي الجيش بطولاته وأداءاته العسكرية الأقيم والأروع في تاريخنا ؛ و لكن وخروجاً عن قاعدة أو نظرية الضربة الجوية البغيضة - والتي كانوا يريدون بها إستمرار مكافأة الرجل عليها بحكم مصر هو وذريته – فنحن لسنا بساحة حرب ليثبت فيها الجيش بطولاته ؛ بل هي ساحة لم يشهد تاريخنا فيها أي نجاح للعسكريين ومنذ عام 1952 و حتي الآن .. ساحة الحكم والسياسة .. و لعل الضرورة الآن تتمثل في التفاهم مع المجلس العسكري ؛ بحتمية تشكيل مجلس رئاسي مدني بعضوية المجلس العسكري ؛ ذلك المجلس الذي يقوم علي أمور مصر إنتقالياً ؛ ويُحْشَد له من أقدر الشخصيات و الكفاءات ؛ بل ومن مرشَّحي الرئاسة المحتملين ؛ القادرين علي العبور جماعياً بمصر إلي التأسيس البنيوي الأرسخ .. و ليس الأمرهو مجرد البحث عن السلطة المدنية ؛ للخروج من حيز الأداء العسكري البطئ المرتبك أو عَمْديّ الإرباك ؛ بل هو البحث عن إدارة مرحلية إنتقالية هي الأكفأ لترسيخ أقدام الثورة و بنيتها ؛ وليست الإدارة المفروضة بحُكْم الأمر الواقع .. و لا حرج في ذلك .. بل لابد و أن تكون تلك الأولوية هي المُحَرّك لمليونيات قادمة إن شاء الله ؛ بدلاً من تفتيت الجهود في حشود لمجرد مطالبات ببند هنا أو بند هناك .. .. و لأن الموضوع قد خرج عن حد إلتماس التبريرات و إختلاق المسببات و التفسيرات .. إلي درجة أنه قد أصبح " الحلّ الضرورة " لمستقبل مصر ؛ ولترسيخ ثورتها و نتائجها ببنية المجتمع الداعمة لحاضره و مستقبله ... بعيداً عن كل أنواع الطلسميات وبالونات الإختبار ! تعقيب و تحديث مواقف ( 1): نتيجةً لرغبة المجلس الأعلي في القياس الأسرع لنتائج إطلاقه لبالون اختباره ؛ وحتي لا يتراكم الأثر الإختباري كمتغير حقيقي بالمشهد السياسي و الذهنية المجتمعية المصرية ؛ فقد تَلَقَّفَ المجلس الأعلي نتيجته سريعاً ؛ مُصْدِرَاً بيانه رقم 28 - بعد أقل من 24 ساعة من إطلاق البالون الإختباريّ ؛ و بعد أن استشعر طَعْم النتيجة و قبل أن يبيت المجتمع ليلته مُصَدّقَاً للخبر – نافياً تماماً أية علاقة له بهذه المعلومات ؛ بل ومؤكِّدَاً علي رغبته في التسليم الأسرع للسلطة !؛ و هو ما لا نلوم جريدة المصري اليوم - تحديداً - علي التَّعَاطي معه ؛ كشاشة عرض يظهر عليها بالون إختبار المجلس الأعلي ؛ ولأنه كان يؤدي دوراً تحليلياً تحتاجه القيادة المصرية الحالية المؤقتة ؛ وبما يصبُّ – إفتراضاً – في صالح المجتمع ! ولقد كان المجلس يحتاج لشاشة عرض لبالونه بمواصفات معينة ؛ لا تقل عن ذيوع الإنتشار وقبول عام من الشارع المصري ؛ ويمَثِّل جمهوره - قُرَّاؤه و ذوو الثقة بمصداقيته - عينةً جيدة التمثيل للمجتمع الجاري إتمام الإختبار عليه ؛ وكمثل التركيز علي بدايات الظهور الإعلامي لمُمَثّلي المجلس الأعلي ببرنامج العاشرة مساءً – تحديداً – ليؤدي لهم البرنامج الشهير دوراً تأثيرياً علي الصورة الذهنية العامة بالمجتمع ؛ وهو ما أدَّاه لهم مشكوراً المصري اليوم علي مستوي الصحافة المطبوعة هذه المرة ! تعقيب و تحديث ( 2) : ستظل آثار التبعية التي حكمنا بها الرئيس المشلوح ونظامه ؛ سارية في شرايين الدولة المصرية لفترة من الزمن ؛ وستبدأ في الإنسحاب و الإنزواء – إن شاء الله تعالي – كمثل إنسحاب السموم من بنيتها الراسخة المُتَجَذِّرَة بأجساد المُدْمنين ؛ ولكن بعد جهود تطهيرية إبداعية جهيدة ! فالكِبَار يفضلونها ديكتاتورية ترعي مصالحهم ؛ ولأن الديمقراطيات شديدة الإزعاج والإرباك لهم ولحلفائهم ؛ بل وغير مضمونة القرارات في النهاية ؛ بخلاف كلمة الرجل المُسَيطر الوَاحِد ؛ فَهُم يفضلونها " كَلَمَة رَجُل " لا كلمة شعب ! تعقيب و تحديث ( 3) : ما كان بخصوصه بالون الإختبار .. قد يظل مكنوناً متأهّبَاً بأعمق قرار .. لا يُغَادر بل يَقْبَع في إنتظار ! ...................................................... ( موضوعات مرتبطة ) : http://www.facebook.com/notes.php?id=100000117333784