مسلمو العالم يحتفلون: صلوات ودعوات وسط أزمات سياسية وأمنية

استقبل معظم الدول العربية والإسلامية، الجمعة، أول أيام عيد الفطر المبارك، واكتظت المساجد والساحات فى العديد من العواصم بالمصلين لأداء صلاة العيد، وذلك فى ظل أزمات خانقة وقضايا عالقة تعصف بعددٍ من الدول الإسلامية، مثل اليمن والعراق وليبيا، بالإضافة إلى سوريا التى يحل عليها عيد الفطر الخامس على التوالى هذا العام وسط الحرب.
وكان معظم الدول العربية قد أعلنت الجمعة أول أيام عيد الفطر، بينما أعلنت كل من سلطنة عمان والمغرب وشيعة العراق، الخميس، عدم ثبوت رؤية هلال شهر شوال، معتبرين الجمعة هو المتمم لشهر رمضان، وأن اليوم السبت هو غرة شوال وأول أيام العيد.
واكتظ الحرم المكى الشريف فى المملكة العربية السعودية، الجمعة، بنحو مليونى مصل، وذكرت وكالة الأنباء السعودية (واس) أن جموع المصلين أدوا «صلاة عيد الفطر المبارك فى الحرم المكى الشريف، وفى مختلف أنحاء المملكة، فى أجواء آمنة مطمئنة». وأدى العاهل السعودى، الملك سلمان بن عبد العزيز، صلاة العيد مع جموع المصلين فى المسجد الحرام، ودعا إمام المسجد ب«الأمن والأمان لجميع البلاد الإسلامية، وأن تحقق الأمة وحدتها واجتماع كلمتها وتنبذ الخلافات والانقسامات».
وفى المدينة المنورة، أدى أكثر من مليون مصلٍ صلاة عيد الفطر فى المسجد النبوى الشريف، فى حين أعلن تنظيم «داعش» المتطرف، الجمعة، مسؤوليته عن تفجير بسيارة مفخخة فى العاصمة السعودية، الرياض، أسفر عن إصابة رجلى شرطة، عشية عيد الفطر.
وكان الملك السعودى قد قال، فى كلمة له بمناسبة العيد، الخميس، إن «احتفاء المسلمين جميعا بعيد الفطر المبارك هو مظهر من مظاهر التلاحم، وعنصر من عناصر الوحدة بين سائر أبناء الأمة الإسلامية»، معتبرًا أن «السعودية أصبحت بحمد الله مضرب المثل للوحدة والصفاء والتنمية والبناء».
وفى دمشق، أدى الرئيس السورى، بشار الأسد، صلاة عيد الفطر فى جامع «الحمد»، برفقة «كبار المسؤولين فى الحزب الحاكم والدولة»، حسب وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، وذلك فى الوقت الذى تواصلت فيه المعارك والغارات فى البلاد.
وألقى إمام مسجد «الحمد» خطبة العيد، داعيًا إلى الله «أن يحفظ سوريا وقائدها وجيشها وشعبها وأن ينصرها على الأعداء»، فيما ظهر الأسد مبتسمًا ومحاطًا برجال دين، فى صورة نشرتها وكالة «سانا» على موقع «تويتر». ونادرًا ما يظهر الأسد علنًا منذ اندلاع النزاع الذى تخوضه قواته مع المعارضة منذ أكثر من 4 سنوات.
وفى الوقت ذاته، شن الطيران الحربى السورى، فجر الجمعة، غارات على مدن وبلدات فى شمال البلاد وجنوبها، مخلفًا قتلى ومصابين فى أول أيام عيد الفطر، من بينهم مصلون كانوا يؤدون صلاة العيد فى المساجد، فى حين أعلن تنظيم «داعش» سيطرته على أجزاء من مطار عسكرى فى ريف حمص وسط البلاد.
وفى لبنان، عجّت المساجد، صباح الجمعة، بالمصلين الذين توافدوا بالآلاف لأداء صلاة العيد، صادحين بالتهليل والتحميد والتكبير، فى ظل إجراءات أمنية مشددة اتخذها الجيش وقوى الأمن الداخلى فى الساحات والطرقات وعند أبواب المساجد.
وفى العراق، أدى المسلمون صلاة العيد فى مساجد العاصمة، فى ظل ظروف أمنية صعبة، حيث تشهد محافظات، مثل: الأنبار وصلاح الدين، عمليات عسكرية أسفرت عن نزوح الآلاف من منازلهم. واعتذر رئيس الوزراء العراقى، حيدر العبادى، الجمعة، عن عدم استقبال المهنئين بمناسبة عيد الفطر من المسؤولين فى الحكومة والسياسيين والقادة العسكريين، داعيًا إياهم إلى إجراء زيارات لعوائل القتلى من القوات الأمنية ومخيمات النازحين، وشاطر بعض أعضاء البرلمان العراقى توجه رئيس الوزراء، وعلقوا على صفحاتهم فى مواقع التواصل الاجتماعى بأن «فرحة العيد غابت هذا العام عن المدن العراقية، بسبب المعارك ومعاناة النازحين».
وكان الرئيس العراقى، فؤاد معصوم، قد هنأ الشعب العراقى بمناسبة عيد الفطر، وقال، فى كلمة، الخميس : «نتضرع إلى الله أن يمن علينا بفضل منه ليجعل هذه الأيام المباركة بداية الانتصار الشامل على الإرهاب وانتهاء العنف والمآسى». وعقب أدائه صلاة العيد فى جامع «السلطان أحمد» بولاية اسطنبول، قال رئيس الحكومة التركى المكلف، أحمد داوود أوغلو، إن «تركيا التى تسعى دائمًا لترسيخ مبادئ السلام والطمأنينة، ستواصل دعم المظلومين فى جميع أنحاء العالم والوقوف إلى جانبهم»، فيما هنأ الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامى، إياد مدنى، الأمة الإسلامية بمناسبة حلول عيد الفطر، وناشد المسلمين «أن يجسدوا الدين الإسلامى الحنيف فى أخلاقهم وسلوكهم، لإبراز قيم الشريعة السمحة التى تدعو إلى التسامح والتعايش والتعاون على فعل الخير ونبذ العنف والتطرف».
وفى حين أدى الآلاف من مسلمى فرنسا صلاة العيد، بمسجد باريس الكبير، فى قلب العاصمة الفرنسية باريس، وسط إجراءات أمنية مشددة، شهدت نيجيريا عيدًا دمويًا بسقوط عشرات القتلى والجرحى فى عدة تفجيرات انتحارية شنتها جماعة «بوكو حرام» المتطرفة، وقال مسؤولون بوكالتى إغاثة إن هجومين بالقنابل نفذهما متشددون يشتبه فى انتمائهم للجماعة أسفرا عن مقتل حوالى 50 شخصًا وإصابة 70 آخرين على الأقل فى سوق بمدينة جومبى بشمال شرق نيجيريا، مساء الخميس.
كما قُتل 13 شخصًا على الأقل فى 3 تفجيرات أخرى فى داماتورو، عاصمة ولاية يوبى، بشمال شرق نيجيريا، حسب متطوع أمنى ومصدر طبى. ووقع التفجير الأول قرب ساحة مخصصة لصلاة عيد الفطر، تلاه تفجير ثانٍ على بعد 500 متر من المكان، ووقع التفجير الثالث بالقرب من مسجد.
وفى تلك الأثناء، وجه عدد من زعماء العالم تهانيهم بمناسبة العيد، إذ تمنى الرئيس الأمريكى، باراك أوباما، للمسلمين فى الولايات المتحدة والعالم «عيدًا مباركًا»، مشيدًا بالمبادرة التى أطلقتها بلدية نيويورك لجهة جعل هذا العيد يوم عطلة مدرسية.
وقال أوباما، فى بيان، الخميس، إن «يوم العطلة هو وسيلة لتذكير كل أمريكى بأهمية احترام جميع الديانات والمعتقدات»، مشيدًا بالمبادرة التى قامت بها مدينة نيويورك من خلال إضافة عيدى الفطر والأضحى إلى أيام العطلة المدرسية، وأضاف أن هذا القرار يمثل «اعترافًا بالتنوع والطابع الشمولى اللذين يضيفان إلى ثراء أمتنا».
كما توجه رئيس الوزراء البريطانى، ديفيد كاميرون، للمسلمين بالتهنئة، قائلاً: «شهدنا فى رمضان أهم القيم عند المسلمين البريطانيين فى تقديمهم الآلاف من الجنيهات كزكاة للمحتاجين، وتنظيمهم موائد الإفطار فى مناطق عديدة من بريطانيا». وتابع كاميرون، فى رسالة وجهها للمسلمين: «دعونا ونحن نودع رمضان نفكر فى عملنا معًا لبناء بريطانيا أفضل وعالم أفضل. اسمحوا لى أن أتمنى لكم عيدًا هانئًا وسعيدًا».