وزير التعليم العالي يترأس اجتماع مجلس الجامعات الأهلية    صحة غزة: مرضى السرطان يواجهون حكما بالإعدام البطيء    تعرف على تشكيل الأهلي المتوقع أمام المقاولون العرب    راموس يقترب من نيس ليشكل ثنائياً دفاعياً مع محمد عبد المنعم    طاقم تحكيم مصري يدير مباراة السودان وبوركينا فاسو في كأس الأمم الإفريقية    طقس ليلة رأس السنة.. الأرصاد تحذر المواطنين من الأجواء شديدة البرودة مساء    إبطاء حركة قطارات الخط الأول للمترو لمدة أسبوع    مدبولي: نزور مستشفيات ومراكز صحية أو جامعات ومدارس لنعطي رسالة عن مدى اهتمام الدولة بهذين الملفين    كل ما نعرفه عن محاولة الهجوم على مقر إقامة بوتين    شعبة الذهب عن أسعار المعدن الأصفر في 2026: قد يصل ل 5000 دولار    إحالة سائق إلى محكمة الجنايات في واقعة دهس شاب بالنزهة    حمدي السطوحي: «المواهب الذهبية» ليست مسابقة تقليدية بل منصة للتكامل والتعاون    معبد الكرنك يشهد أولى الجولات الميدانية لملتقى ثقافة وفنون الفتاة والمرأة    محمد يوسف: حسام حسن يثق في إمام عاشور.. وكنت أنتظر مشاركته ضد أنجولا    الصحة: تقديم 3.4 مليون خدمة بالمنشآت الطبية بمطروح خلال 2025    تشيلسي يسعى للعودة إلى الانتصارات في مواجهة بورنموث    الأهلى ينعى حمدى جمعة لاعب الفريق الأسبق بعد صراع مع المرض    نقل مقر مأموريتين للتوثيق والشهر العقاري بمحافظتي القاهرة والوادى الجديد    وزاراتا الدفاع والداخلية تعقدان لقاء لبحث التعاون الأمني تزامنا مع احتفالات العام الميلادي الجديد    فيتو فى عددها الجديد ترصد بالأرقام سفريات وزراء حكومة ابن بطوطة خلال 2025    ضبط بؤر إجرامية لجالبي ومتجري المواد المخدرة بعدة محافظات    محافظة الجيزة تعزز منظومة التعامل مع مياه الأمطار بإنشاء 302 بالوعة    وزيرا التموين والتنمية المحلية يفتتحان معرض مستلزمات الأسرة بالسبتية    جهاز القاهرة الجديدة يوضح حقيقة كسر خط صرف صحي بالتسعين الجنوبي    "تبسيط التاريخ المصري القديم للناشئة" بالعدد الجديد من مجلة مصر المحروسة    فيديو.. متحدث الأوقاف يوضح أهداف برنامج «صحح قراءتك»    تراجع معظم مؤشرات البورصة بمستهل تعاملات الثلاثاء    حازم الجندى: إصلاح الهيئات الاقتصادية يعيد توظيف أصول الدولة    الرعاية الصحية: 25.5 مليار جنيه التكلفة الاستثمارية لمحافظات إقليم الصعيد    الصحة تنفذ المرحلة الأولى من خطة تدريب مسؤولي الإعلام    بنك مصر يخفض أسعار الفائدة على عدد من شهاداته الادخارية    وزير الري يتابع موقف مشروع تأهيل المنشآت المائية    الهلال الأحمر المصري يطلق قافلة زاد العزة ال105 مُحملة بسلال غذائية ومواد طبية وشتوية لدعم غزة    حسام عاشور يكشف سرًا لأول مرة عن مصطفى شوبير والأهلي    رئيس جامعة الجيزة الجديدة: تكلفة مستشفى الجامعة تقدر بنحو 414 مليون دولار    فطيرة موز لذيذة مع كريمة الفانيليا    مساعد وزير الخارجية الفلسطيني الأسبق: تهديد ترامب لحماس رسالة سياسية أكثر منها عسكرية    اسعار الفاكهه اليوم الثلاثاء 30ديسمبر 2025 فى اسواق المنيا    كامل الوزير: تكثيف جهود التصدى للتهرب الجمركى والممارسات الضارة بالصناعة    وزير الصحة يعلن خطة التأمين الطبي لاحتفالات رأس السنة الميلادية وأعياد الميلاد المجيد 2026    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الثلاثاء 30-12-2025 في محافظة الأقصر    «التضامن» تقر توفيق أوضاع جمعيتين في محافظة القاهرة    لهذا السبب| الناشط علاء عبد الفتاح يقدم اعتذار ل بريطانيا "إيه الحكاية!"    تعاني من مرض نفسي.. كشف ملابسات فيديو محاولة انتحار سيدة بالدقهلية    موعد بدء إجازة نصف العام الدراسى لجميع الصفوف    إليسا وتامر وعاشور في أضخم حفلات رأس السنة بالعاصمة الجديدة    القبض على المتهمين بقتل شاب فى المقطم    هدى رمزي: مبقتش أعرف فنانات دلوقتي بسبب عمليات التجميل والبوتوكوس والفيلر    إصابة منصور هندى عضو نقابة المهن الموسيقية فى حادث تصادم    إعلام فلسطيني: طائرات الاحتلال تشن غارات شرقي مخيم المغازي وسط قطاع غزة    بيان ناري من جون إدوارد: وعود الإدارة لا تنفذ.. والزمالك سينهار في أيام قليلة إذا لم نجد الحلول    محافظة القدس: الاحتلال يثبت إخلاء 13 شقة لصالح المستوطنين    الناقدة مها متبولي: الفن شهد تأثيرًا حقيقيًا خلال 2025    في ختام مؤتمر أدباء مصر بالعريش.. وزير الثقافة يعلن إطلاق "بيت السرد" والمنصة الرقمية لأندية الأدب    ترامب يحذّر حماس من «ثمن باهظ» ويؤكد التزام إسرائيل بخطة الهدنة في غزة    ما أهم موانع الشقاء في حياة الإنسان؟.. الشيخ خالد الجندي يجيب    هل تجوز الصلاة خلف موقد النار أو المدفأة الكهربائية؟.. الأزهر للفتوى يجيب    تعرف على مواقيت الصلاة اليوم الإثنين 29-12-2025 في محافظة الأقصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



يعقوب .. مِن الاختباء وراء الصمت إلى الجهاد في سبيل الصناديق
نشر في المصري اليوم يوم 26 - 03 - 2011

إنه الشيخ الذي رأى بأم عينه شباب مصر طوال أيام الثورة يصطفون للصلاة في وقتها ويُقتلون على أيدي النظام البائد، فظل صامتاً ولم يقل كلمة الحق.
كتب: أحمد الأقطش
بعد أن حسم شباب الثورة أمرهم وعزموا وتوكلوا على الله ونزلوا إلى الميدان ينطقون بكلمة الحق في وجه النظام الجائر، مضحين بأنفسهم في سبيل نصرة المظلومين والمعذبين في مصر .. وبعد أن حسم المشايخ الأحرار أيضاً أمرهم وعلى رأسهم الشيخ القرضاوي، ولم يخافوا من مهاجمة مبارك نهاراً جهاراً أثناء سخونة الأحداث .. حينئذ انتظر جمهور عريض من الناس أن يسمعوا صوت الشيخ محمد حسين يعقوب الذي كان يملأ الدنيا بأحاديثه وخطبه الرنانة ووجهه الذي لا يفارق القنوات "السلفية".
لكن الرجل التزم الصمت وانتظر قرابة أسبوعين بعد اندلاع الأحداث وبعد سقوط مئات الشهداء وآلاف الجرحى وانكشاف الوجه القبيح للنظام، وإذا به يخرج على أتباعه ومريديه بكلمة بليغة عظيمة يوضح فيها موقفه من هذه الثورة، بثها عبر موقعه الرسمي على الإنترنت. قال الشيخ بصوت هادئ متزن: "أن تعيش في وسط هذه الفتن المتلاطمة هذه الأيام في كل المسائل وفي كل الأحوال، الكل يتكلم ولا يسمع، والكل يظن أن الناس تسمعه، ولا أحد يسمع أحدًا. العلاج: الزموا المساجد". ثم قال: "إياكم والجدل الكثير واللجاجة، فما غضب الله من قوم إلا رزقهم الجدل ومنعهم العمل ... والحل: في لزوم الصمت، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمسك عليك لسانك، وليسعك بيتك، وابك على خطيئتك". ثم قال بعدها: "إياكم والدنيا، والزموا الآخرة". ويضيف الشيخ في وصاياه لجمهوره: "الزموا الجماعة، وفارقوا العامة. فارقوا الرعاع والغوغاء".
هكذا لخص الشيخ وجهة نظره في أحداث الثورة: تفرغ للعبادة، والتزم الصمت، واترك الدنيا، واعتزل الناس!! فإنا لله وإنا إليه راجعون! وماذا عن الدماء الزكية التي سالت والنفس التي حرَّم الله قتلها إلا بالحق فاستحلها رجال النظام؟ وماذا عن سيارات الأمن التي دهست الناس في الشوارع؟ وماذا عن التعذيب البشع الذي تعرض له الأبرياء؟ ألم يكن شباب مصر يستحقون منه أن يترحم عليهم ويدعو على من قتلهم؟ ألم يكن واجباً عليه أن ينصرهم ولا يخذلهم؟ ألم يكن يعلم أن خير الشهداء بعد حمزة هو رجل قام في وجه سلطان جائر فأمره ونهاه، فقتله؟ هل بعد كل هذا .. تكون وصيته هو اعتزال الرعاع؟!
ثم كلل الله بالنجاح جهود أبناء مصر وثوارها المخلصين وانتصر لأرواح شهدائهم الأبرار، فتنحى مبارك والتزم الجيش بإرادة الشعب. ولما تسارعت الخطوات الإصلاحية وأصبحنا أمام أهم حدث تاريخي في ديمقراطيتنا الوليدة وهو الاستفتاء على التعديلات الدستورية، إذا بالشيخ يطل علينا من جديد بعد أن وافق أغلب المصريين على هذه التعديلات وهو يهلل ويكبر وكأنه كان يقود معركة التغيير والتحرر من الطاغية وضحى بنفسه وأمواله (!) في سبيل نصرة المظلومين والمستضعفين. خرج علينا هذه المرة جنرالاً يعلن انتصار قواته في معركة فاصلة خاضوها في سبيل الصناديق! غزوة على غرار الغزوات التي كان الرسول والصحابة يخوضونها ضد كفار قريش!
من الأخطاء الجسيمة التي وقع فيها فضيلة الشيخ يعقوب أنه اعتبر التصويت بلا هو رفضاً للشريعة والإسلام والتحاقاً بركب الملحدين والعلمانيين! وهذا إن لم يكن تكفيراً مقصوداً، فهو استهتار بأحكام الله واستخفاف بحدوده. ثم بناءً على هذه السخافة، أمر الناس بأن يكبروا تكبير العيد ابتهاجاً بهذا النصر المؤزر! ثم يأمر أتباعه بأن يمشوا وراء أقواله سواء قال نعم أو لا: لإنك لو خالفت قول الشيوخ ستكون من المعسكر الآخر وما أدراك ما المعسكر الآخر! ثم يطمئن الشيخ جمهوره بأن البلد خلاص بلدنا، واللي مش عارف يعيش فيها "ألف سلامة"!
والكل رأى وسمع كيف كانت ردود الأفعال الغاضبة من هذه الكلمات التي تفوه بها الشيخ، وصار حديث الساعة في الواقع وفي الفضاء الإلكتروني. العجيب والغريب أن الرجل بعد أن دافع عشاقه ومريدوه دفاعاً مستميتاً عنه وعن كلماته العصماء، خرج علينا ليقول على الملأ: الكلام كان بضحك .. كان بهزار! مجرد مزحة ليس أكثر! لقد حُمل كلامي على محمل سيئ .. وأنا مش قصدي البلد بلدنا .. كانت "نكتة يا عم .. عديها"! والبلد بلدكو .. نحن نريد الآخرة. بلد إيه؟ نحن في واد وأنتم في واد!
المثير للتأمل أن الشيخ أثناء كلامه اعترف أنه التزم بيته ولم يشارك في الاستفتاء أصلاً!! فيا سبحان الله .. يفرح ويكبر لشيء لم يتعب فيه ولم يناضل من أجله! تملكته مشاعر النشوة العارمة، ثم يقول إنه كان يمزح ويضحك ليس إلا. ألم يعلم أن يوم الاستفتاء كان ثمرة تضحيات عظيمة دفع ثمنها شباب مصر في معركة مهولة أذهلت العالم ربحوها ولم يكن في أيديهم سلاح ولا معهم عتاد إلا قوة الحق؟ ألم يعلم أنه لولا خروج هذه الثورة وثباتها رغم الأرواح التي زهقت والعيون التي فقئت والأجساد التي عذبت، ما كان له أن يرى جموع الشعب تخرج للتصويت على تعديلات الدستور؟ وما كان له أن يأتي اليوم الذي يفرح فيه هذه الفرحة وينبسط هذا الانبساط؟
إن الذين لاذوا بالصمت في الوقت الذي يتوجب فيه الكلام .. وتكلموا في الوقت الذي يتوجب فيه السكوت، لا يحق لهم أن ينصبوا أنفسهم أوصياء على جموع المواطنين بعد أن خذلوهم ورفضوا ثورتهم ضد الظلم ولم يكونوا على قدر الشجاعة التي كان عليها المصريون، بل آثروا السلامة حفاظاً على أنفسهم وأموالهم. الذي نعرفه عن السلف أنهم كانوا لا يخافون في الله لومة لائم، وكانوا يقفون في وجه الحكام إذا زاغوا عن الحق، وسجنوا وعذبوا وطردوا وبعضهم قتلوا على أيدي هؤلاء الحكام. فلماذا لم يقتد الشيوخ بهم وهم أحق الناس باتباعهم؟
من حق الجميع في مصرنا الجديدة أن يعبر عن رأيه بكل حرية ونزاهة، لكن استغلال العواطف الدينية للناس والفهم السطحي لما يدور الآن في مصر وانعدام الثقافة السياسية .. كل هذه الأمور كفيلة بأن تفتك بمستقبل البلد مالم يحدث انفتاح فكري وتثقيف حقيقي للجماهير المهمشة. حينها سيدرك الناس حقيقة الوضع، بلا هزار ولا تنكيت.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.