رحت أسترجع الأحداث التى مرت علىّ كمواطن مصرى عادى منذ أن أقمت فى باريس فى السبعينيات من القرن الماضى، هالنى أننى اشتركت فى 5 انتخابات لاختيار رئيسا لفرنسا، مرتين الرئيس الراحل ميتران، مرتين الرئيس شيراك، والأخيرة الرئيس الحالى ساركوزى، كم تغيرت الدنيا حولى.. كم من أحداث مرت علىّ.. تذكرت كم كان جيلى.. جيل نهاية الملكية وبداية عهد ثورة يوليو يحلم بغد مشرق وحياة سعيدة.. وهو يقرأ لإحسان عبدالقدوس وتوفيق الحكيم ونجيب محفوظ ويستمع لعبدالحليم حافظ وفريد الأطرش.. كان لكل منا قدوة فى أديب أو صحفى كبير، كان يكفينا رؤية فيلم أبيض وأسود وبعض ساندوتشات الفول والطعمية وكوب شاى على مقهى «ريش»، والتمشية على الأقدام فى شوارع جاردن سيتى الهادئة لكى نشعر بالسعادة!! لم يكن من ضمن أحلامنا مطلقاً أفراح فنادق خمسة نجوم أو شاليه فى الساحل الشمالى أو عربة مرسيدس!! كنا نحلم بأن نستطيع ركوب أتوبيس أو قطار يحافظ على آدميتنا، أن يكون بإمكاننا استئجار شقة. أن نكون أسرة بسيطة.. أن يسترها الله معنا لو احتجنا لدفع كشف عند طبيب أو إجراء عملية دون الاحتياج للسلف.. ببساطة نعيش برواتبنا.. لكم أن تتصوروا مدى حزنى وأنا بعد كل تلك السنين أرى وأسمع وأشاهد أن كل ما كنا نعانى منه منذ أكثر من 35 عاما فى مصر لم يتغير!!.. بل بكل أسف أصبح أسوأ.. من منا، نحن عباد الله، الغلابة يستطيع أن يعيش براتبه؟ من منا يستطيع أن يعلم أولاده فى مدارس حكومية دون أن يدفع دم قلبه فى دروس خصوصية؟.. من منا يستطيع أن يعالج أى فرد من أفراد عائلته دون أن يستدين؟.. من منا يجد وسيلة مواصلات عامة واحدة أتوبيساً أو مترو أو قطاراً تصلح للآدميين؟.. من منا استطاع أن ينجز مصلحته دون وساطة؟.. من منا يستطيع أن يعثر على شقة إيجار حسب دخله؟.. من منا يستطيع أن يتجاهل أن مشكلة واحدة من مشاكلنا منذ أكثر من 30 عاما سواء كانت تخص التعليم أو الصحة أو المواصلات أو البنية الأساسية لم يتم حلها؟!! هل هناك مسؤول واحد له أبناء فى مدارس حكومية، ويعالج هو وأسرته فى مستشفيات حكومية أو يستخدم أى فرد من عائلته مواصلات عامة أو يعرف طوابير العيش أو تقلقه أسعار اللحوم أو تلوث المياه؟! عندنا مجلس شعب ومجلس شورى ومجالس متخصصة لا أذكر مرة واحدة أن أحدها اعترض على أمر رئاسى!! أو جرؤ أن يسأل كم كلف ذلك الأمر من أموال الشعب.. يغمضون أعينهم عن مشاريع التوريث، وحملات النفاق، ولا يعرف أحد من يمثلون، الرئيس أم الشعب. وأستعد أنا المواطن العادى فى فرنسا لانتخابات الرئاسة الفرنسية للمرة السادسة خلال عامين.. تحياتى!! باريس- فرنسا [email protected]