يوم السبت الماضى احتفل العالم باليوم العالمى لحرية الصحافة. وحدها لجنة الإعلام بالمجلس الأعلى للصحافة أقامت احتفالا يليق بهذا اليوم، فقد حضره وتحدث فيه ممثل منظمة اليونسكو بالقاهرة والنقابى البارز رجائى المرغنى، ومقرر اللجنة الدكتور حسن عماد مكاوى، عميد كلية الإعلام وإعلاميون آخرون. أما نقابة الصحفيين فتجاهلت تماما هذه المناسبة وتجاهلها أيضا المجلس الأعلى للصحافة، وأقامت إحدى المؤسسات الصحفية حفلا فنيا غنائيا فى هذه المناسبة كرمت فيه عددا من الإعلاميين من دون أن نعرف سبب تكريم كل واحد منهم. وإذا كانت المنظمات الدولية المعنية بحرية الصحافة تنشر سنويا أسماء ضحايا المهنة الذين لقوا حتفهم وهم يمارسون عملهم الخطر، ونحن فى مصر فقدنا عددا كبيرا من الصحفيين والإعلاميين خلال هذا العام خلال تأدية واجبهم فى البحث عن الحقيقة، وذلك على النحو الذى ورد فى أكثر من تقرير دولى أو محلى أو بيان صحفى صدر السبت الماضى، فإننى أعتقد أن أفضل ما كان يمكن أن نقوم به فى هذا اليوم هو أن نبدأ إجراءات عملية من أجل تحقيق هدفين لا ينفصلان، أولهما وضع القوانين التى تضمن حرية الصحافة واستقلالها. وبالتالى كنت أتوقع أن تصدر نقابة الصحفيين بيانا فى اليوم العالمى لحرية الصحافة توضح فيه رؤيتها للقوانين المطلوب صدورها مع بدء اجتماعات مجلس النواب، وتعلن فى البيان عن آليات اتخذتها من أجل وضع هذه التشريعات بواسطتها هى وتحت إشرافها بمشاركة كل المهتمين بحرية الصحافة واستقلالها وهم كثيرون فى مصر، ولكن ذلك لم يحدث للأسف، وبالتالى أرى أن النقابة فوتت فرصة ذهبية لكى تبدأ فيها عملية تنقية التشريعات الموجودة التى تعوق الصحافة عن أداء دورها بسهولة ويسر وأمان. وإذا كانت هناك ائتلافات من ناشطين ومنظمات مجتمع مدنى تنشط فى هذا الأمر، فإن الغطاء الشرعى للنقابة كان مهما من أجل تسهيل عمل هذه المجموعات التى أعرف أن منها من قطع شوطا كبيرا فى وضع تصورات للقوانين المطلوب صدورها، من أجل ضمان حرية واستقلال الصحافة، ومن أجل تحويل الإعلام المملوك للدولة إلى إعلام خدمة عامة كبديل عن كونه إعلاما للسلطة منذ أن تم تأميم الصحافة فى بداية ستينيات القرن الماضى وحتى الآن. وبافتراض أن هذه المجموعات توصلت إلى صياغات مناسبة فأعتقد أن غياب النقابة عن هذه الجهود سيجعل من الصعب تمرير أى منها. أما الهدف الثانى فهو أن الإعلان عن ضوابط وآليات تضمن سلامة الصحفيين الميدانيين، وهذه لا يجب أن تلزم مؤسسات الدولة فقط، خاصة جهاز الشرطة، وإنما يجب أن تشمل الصحف التى عليها تدريب محرريها على العمل الميدانى الاحترافى الآمن، وأن تمدهم بالتجهيزات التى تضمن لهم سلامتهم على النحو الذى تقوم به كل الصحف الكبرى فى العالم مع المحررين الذين يغطون الأحداث الساخنة ميدانيا. فما نراه الآن جهد فردى من النقابة من أجل حماية أعضائها ولا نعرف كيف تضمن النقابة أن تحمى الصحف العاملين فيها من غير النقابيين، وهؤلاء مثلوا العدد الأكبر من الضحايا خلال العام المنصرم. وإذا كان ما لا يدرك كله لا يترك كله فإننى أدعو نقابة الصحفيين إلى البدء، من الآن، للإعداد للاحتفال بيوم الصحفى المصرى فى 10 يونيو القادم، وأن تعلن فى هذا اليوم عن خطتها للتعامل مع التشريعات المطلوب صدروها من البرلمان القادم، وعن خريطة طريق زمنية، وورش ومجموعات عمل تهدف إلى التوصل إلى صيغ مناسبة لهذه التشريعات، حتى لا نفاجأ بتشريعات لا تضمن حرية الصحافة أو استقلالها.
