أكد العاهل السعودى، الملك عبدالله بن عبد العزيز أل سعود، الأحد، إن حرص المملكة على تحقيق التضامن بين المسلمين أمر مستقر لاتتزحزح عنه ولا تتهاون فيه لأنه التزام ناشئ من الأسس التي قامت عليها ، فرعاية وحدة الأمة وتحقيق تضامنها أصل من أصول الكتاب والسنة اللذين هما دستور المملكة والأساس لأنظمتها كافة". ونوه فى كلمته فى افتتاح مؤتمر العالم الإسلامي الثاني بعنوان « العالم الإسلامي المشكلات والحلول»، والذى بدأ أعماله بمكةالمكرمة وألقاها نيابة عنه، أمير منطقة مكةالمكرمة، الأمير مشعل بن عبدالله بن عبدالعزيز، الذى افتتح المؤتمر بأن رؤية المملكة تقوم على الشمولية في المسؤولية نحو تحقيق التضامن فلا تناط هذه المهمة بالحكومات والقادة السياسيين وحدهم، بل لابد من تعاون المنظمات والهيئات غير الحكومية وكذلك العلماء ورجال الفكر والدعوة والإعلام وكل ذي تأثير في الرأي العام وأن الأمر يحتاج إلى إخلاص النيات وتنسيق الجهود في إعداد البرامج والمشاريع المناسبة وتهيئة الشعوب إعلامياً وثقافياً. وقال:«بالتضامن تتوافق الجهود على المستويات الشعبية مع جهود القادة على المستويات الرسمية وتلتقي على خدمة أمتنا الإسلامية التي وصفها بانها تعيش اليوم حالة حرجة من الفتن والصراع المرير ، حتى أصبح إزهاق الأرواح من كثرته وتكراره أمرا مألوفا لا يثير هولا ولا استفظاعا ناهيك عن ما تخلفه تلك الفتن والصراعات من هدم العمران وتردي الاقتصاد وتخلفه ، وتعرض الأفراد والأسر لما لا يخفى عليكم من العناء والمآسي مشيرا إلى أن ما يحل بالشعب السوري الشقيق منذ 3 سنين ما هو إلا مثال شاهد على ذلك». وأكد العاهل السعودى إن «المملكة أعطت اهتماما عمليا للتضامن المنشود وعملت له في الماضي والحاضر من خلال الأطر التي تربطها بالدول والشعوب الإسلامية ، مشيرا إلى ان دعوة المملكة الأخيرة إلى مؤتمر القمة الاستثنائي الرابع الذي كان موضوعه التضامن الإسلامي الذي عقد قبل عامين بجوار بيت الله الحرام قبلة الإسلام ومهوى أفئدة المسلمين إلا رعاية لهذا المبدأ والأصل المتين ، وقد كان الهدف من عقده بجوار بيت الله الحرام أملا في أن يكون المكان الطاهر, مذكرا بأهمية الوحدة والتعاون بين أبناء الأمة الذين يولون وجوههم شطره كل يوم ويتبعون الرسالة التي انطلقت منه يتبعون رسالة الحق والعدل والتوحيد والإنسانية رسالة الرحمة والخير للبشرية جمعاء». وأعرب عن الأمل فى العلماء والدعاة وأصحاب التأثير الفكري والتوجيه الاجتماعي أن يكونوا على قدر ما أتاهم الله من نعمة العلم والفهم والدراية بعلل الأمة وأدويتها وأن يسهموا بما يستطيعون في لم شملها ورأب صدعها ونشر ثقافة التصالح والحوار والوسطية بين مختلف فئاتها وأن يحذروا شبابها من الانزلاق في مسارب الغلو والعصبية للآراء أو الأحزاب أو الطوائف أو الانتماءات الخاصة. ووجه العاهل السعودى الشكر إلى رابطة العالم الإسلامي والمسؤولين فيها على عقد هذا المؤتمر واختيار التضامن الإسلامي موضوعا لأبحاثه ومناقشاته. من جانبه أكد الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي، الدكتور عبدالله بن عبد المحسن التركى، أن التوعية بضرورة التضامن للأمة والعمل على تحقيقه مسؤولية مشتركة بين الجهات الرسمية والشعبية , مبينا أن من أبرز العوائق أمام التضامن الإسلامي تتمثل في الواقع الإسلامي وتصور الحلول لمشكلاته بمنطلقات تتنكر لتراث الأمة الذي يختزن ثقافتها ويحافظ على هويتها الإسلامية المنطلقة من رسالة خاتم الأنبياء والرسل عليهم الصلاة والسلام. وأشار إلى أن التجارب في تاريخ الأمة المسلمة وحاضرها تؤكد على أن حالها لا تصلح بمناهج تعارض الدين والمنهج الذي جاء به في إدارة شؤون المجتمع ولا يمكن السير بها في نهضة حقيقية إلا ضمن إطارها الحضاري ، ومنظوماتها الثقافية , مبيناً أن من العوائق الخلاف بين فئات من المسلمين في توجهاتهم ، سواء أكانت سياسية أم فكرية أم دينية , وهذا لا يعيق الأمة عن تحقيق التضامن وتنمية العلاقات الدولية الإسلامية فحسب ، بل يعد تحدياً كبيراً للاستقرار الداخلي والتنمية الوطنية. وقال إن علاج ذلك يعتمد على ممارسة قدر كبير من الحوار بشروطه وضوابطه لتصحيح المفاهيم والتصورات الخاطئة ، وتهيئة جو من الاعتدال في الآراء والمواقف والتعامل مع المخالف ، وفضاءٍ آمن للتعايش والتعاون بين أبنائها والتعامل بالأخلاق الإسلامية من إحسان الظن بالآخرين والإخلاص في الأقوال والأعمال ، واجتناب التنافس على الزعامة والنفوذ وتحري المصلحة الشرعية قبل المصلحة الدنيوية ، والمصلحة العامة للأمة والوطن الإسلامي كله ، على المصلحة الشخصية أو الحزبية أو الفئوية. ورأى أن مما يؤثر على وحدة الأمة التعصب الطائفي والحزبي ، الذي زاد انتشارهما , محملا وسائل الإعلام ومؤسسات العلم والدعوة والثقافة مسؤولية كبيرة في تأصيل ثقافة التضامن في نفوس الناس ، وتحقيقه في مختلف المجالات والتخصصات وتحذير الأمة من التحزب والطائفية المثيرة للعداء.