ورشة عمل بعنوان "الملكية الفكرية والذكاء الاصطناعي" بجامعة الوادي الجديد    وزير الزراعة يلتقي نظيره الغيني لبحث تعزيز التعاون في الإنتاج الحيواني والداجني    محافظ أسيوط يناقش الاستعدادات النهائية لاستقبال عيد الأضحى المبارك    وزارة العمل تكشف عن الخطة السنوية للتدريب على الصحة والسلامة المهنية    جيش الاحتلال الإسرائيلي يشن غارات على جنوب لبنان    فيديو وصور- مقتل 30 وإصابة العشرات في حريق هائل بالكويت    الاستخبارات الداخلية الألمانية ترصد تزايدا في عدد المنتمين لليمين المتطرف    نقيب الصحفيين الفلسطينيين ل"قصواء الخلالي": موقف الرئيس السيسي تاريخي    رقم تاريخي جديد لكريستيانو رونالدو مع البرتغال    فيديو| إجراءات تفتيش طالبات بالثانوية العامة في السويس قبل انطلاق امتحان الاقتصاد    ضبط 16 طن دقيق مهرب خلال حملات على المخابز بالمحافظات خلال 24 ساعة    مواعيد تشغيل مترو الأنفاق والقطار الكهربائي الخفيف LRT خلال إجازة عيد الأضحى    «الداخلية» تودع أسر الشهداء المُتجهين إلى الأراضي المقدسة لأداء فريضة الحج    إلغاء عروض خاصة واحتفالات حدادا على رحيل المنتج فاروق صبري    عزيز الشافعي: أغاني الهضبة سبب من أسباب نجاحي و"الطعامة" تحد جديد    عصام السيد يروي ل"الشاهد" كواليس مسيرة المثقفين ب"القباقيب" ضد الإخوان    في ذكرى ميلاد شرارة الكوميديا.. محطات في حياة محمد عوض الفنية والأسرية    لماذا سمي يوم عرفة؟ .. أحد علماء الأزهر يجيب على السؤال عبر قناة الناس (فيديو)    رئيس جامعة أسيوط: فريق مدرب من الصيادلة لتجهيز أدوية أطفال الأورام بعد علاج الكيماوي    حازم إمام يصدم الزمالك في ملف نادي القرن الأفريقي    كومباني يحدد أول صفقاته في بايرن    حزب الله يعلن مقتل أحد عناصره من جنوب لبنان متأثرا بجرح أصيب به قبل أيام    تحرك برلماني بشأن استمرار ارتفاع أسعار الدواجن رغم انخفاض سعر العلف    جواو فيليكس: مستعدون لليورو والهزيمة أمام كرواتيا أعادتنا للمسار الصحيح    «أوقاف شمال سيناء» تقيم نموذج محاكاه لتعليم الأطفال مناسك الحج    شبانة: حسام حسن عليه تقديم خطة عمله إلى اتحاد الكرة    «الصحة»: إجراء 2.2 مليون عملية جراحية ضمن مبادرة إنهاء قوائم الانتظار    «التضامن الاجتماعي» توافق على قيد جمعيتين بالشرقية    يونيسف: نحو 3 آلاف طفل في غزة معرضون لخطر الموت    إصابة سيدة صدمتها سيارة أثناء عبورها الطريق فى أكتوبر    السكة الحديد تعلن تعديل مواعيد القطارات الإضافية خلال عيد الأضحى    ماس كهربائي.. تفاصيل نشوب حريق داخل شقة في العمرانية    البورصة المصرية تطلق مؤشر الشريعة "EGX33 Shariah Index"    محافظ الغربية يتابع مشروعات الرصف والتطوير الجارية ببسيون    إي اف چي هيرميس تنجح في إتمام خدماتها الاستشارية لصفقة الطرح العام الأولي لشركة «ألف للتعليم القابضة» بقيمة 515 مليون دولار في سوق أبو ظبي للأوراق المالية    سويلم: إعداد برامج تدريبية تستفيد من الخبرات المتراكمة للمحالين للمعاش    محافظ أسوان يشهد حفل التخرج السنوي لمدارس النيل المصرية الدولية    «التعليم» تحدد حالات الإعفاء من المصروفات الدراسية لعام 2025 الدراسي    أفضل أدعية يوم عرفة.. تغفر ذنوب عامين    "مواجهة الأفكار الهدامة الدخيلة على المجتمع" ندوة بأكاديمية الشرطة    عضو لجنة الرقابة الشرعية: فنادق الشركات المقدمة للخمور تنضم لمؤشر الشريعة بشرط    توقيع بروتوكول تعاون ثنائي بين هيئة الرعاية الصحية ومجموعة معامل خاصة في مجالات تطوير المعامل الطبية    افتتاح صيدلية التأمين الصحي لمرضى أورام الأطفال بجنوب مصر للأورام في أسيوط    وزير الأوقاف يهنئ الرئيس السيسي بعيد الأضحى المبارك    "مقام إبراهيم"... آيةٌ بينة ومُصَلًّى للطائفين والعاكفين والركع السجود    تفاصيل مشاجرة شقيق كهربا مع رضا البحراوي    مصطفى مدبولى يهنئ الرئيس السيسى بعيد الأضحى المبارك    رئيس إنبي: لم نحصل على أموال إعادة بيع حمدي فتحي.. وسعر زياد كمال 60 مليون جنيه    وزير الدفاع الألماني يعتزم إعادة نظام تسجيل المؤهلين للخدمة العسكرية    وزير الصحة: تقديم كافة سبل الدعم إلى غينيا للتصدي لالتهاب الكبد الفيروسي C    أفلام عيد الأضحى تنطلق الليلة في دور العرض (تفاصيل كاملة)    موعد مباراة سبورتنج والترسانة في دورة الترقي للممتاز والقنوات الناقلة    استشهاد 6 فلسطينيين برصاص إسرائيلي في جنين بالضفة الغربية    زواج شيرين من رجل أعمال خارج الوسط الفني    عاجل.. تريزيجيه يكشف كواليس حديثه مع ساديو ماني في نهائي كأس الأمم الإفريقية 2021    الفرق بين الأضحية والعقيقة والهدي.. ومتى لا يجوز الأكل منها؟    خلال 3 أشهر.. إجراء عاجل ينتظر المنصات التي تعمل بدون ترخيص    حظك اليوم| الاربعاء 12 يونيو لمواليد برج الميزان    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



حسن خضرة
نشر في المصري اليوم يوم 03 - 02 - 2014

أريدك أن تعلم أنه لا يوجد خطأ فى عنوان المقال. إنه بالفعل «حسن خضرة»، وستعرف حالا لماذا يُنسب إلى أمه بدلاً من أبيه. فقط يهمنى أن تعلم أن كل كلمة فى المقال حدثت بالفعل للأسف الشديد.
البداية فى قرية منسية قرب بسيون. اسمها «خضرة»، لا تحمل نصيبا من اسمها. هى الرماد واليباس. عجوز، ضامرة الجسد، لم تلبس فى حياتها حذاءً قط. لذلك تبدو قدماها كحوافر الحفريات المنقرضة. طعامها المش والبصل والخبز اليابس، تمضغه بالحركة الميكانيكية الناشئة من تلاقى فكيها الخاليتين من الأسنان.
ابنها «حسن». أسمر الوجه، واسع العينين، ضعيف البنية، يلهث عند أقل مجهود. تقتحمه العين، ولا يعبأ به أحد، التصق به اسم «حسن خضرة» بدلا من اسم أبيه لهوانه على الناس. تنتشر على وجهه البقع الناشئة من سوء التغذية المزمن. واحد من ملايين الفقراء فى مصر. لم يتلق تعليما، ولا يعرف القراءة والكتابة، ويعمل فى التراحيل. يأتى المقاول فيأخذه مع أمثاله من البؤساء ليغيب عن القرية مدة شهر، يحمل معه زوادته من الخبز الجاف والبصل والمش. أما النعيم الذى يطلبه من أمه فهو «ثلاثة أيام عيش لين»، وهى بلهجتهم تعنى (القُرص) أو السميط.
لكن الجزء السرى فى حياة حسن، والذى سيفسر ما حدث بعد وفاته، هو الطيبة الكامنة فى قلبه. رجل بهذا البؤس، هل تتخيلون أنه حينما كانت تتجمع لديه بضعة قروش كان لا يبتاع بها طعاما لنفسه، وإنما يشترى بها «هريسة» ثم يجمع حوله أطفال الشوارع، ليوزعها عليهم. كرم لا يقدر عليه الملوك والسلاطين.
عاش (حسن خضرة) حياة خاملة، منسيا من الناس، ثم كانت وفاته - رحمة الله عليه - فى العراق. ذهب مع الذاهبين باحثا عن الرزق، عمل حارسا لمخزن، وهناك اقتحمها لصوص فشجوا رأسه بالحديد وقتلوه. عاد جثمانه إلى قريته البائسة بجوار بسيون. كان ذلك فى أوائل التسعينيات من القرن الماضى. عرفت خضرة الخبر، تجلت فى عينيها نظرة يائسة حزينة عمياء، لكنها فى الحقيقة لم تستغرب، ذلك أنها كانت تعرف حقيقة وضعها فى الحياة بوضوح: لقد جاءت، وجاء أمثالها، لتُضرب فى هذه الدنيا بالسياط، بعدها يُسمح لها أن تموت.
جاء جثمان حسن خضرة موضوعا فى تابوت خشبى. فلما فتحوه وجدوا صندوقا معدنيا محكم الغلق، فشلوا فى فتحه رغم المحاولات. وهكذا دفنوه بالصندوق، حارمين خضرة من إلقاء النظرة الأخيرة عليه.
مات حسن خضرة، وماتت بعده خضرة، كما عاش ومات ملايين من الأبرياء يتعذبون لغير سبب واضح بالنسبة إليهم، ربما لأنهم كانوا بسطاء أميين. أما أنا وأنت فنعرف جيدا أن المسؤولية الرئيسية عن بؤسهم تقع على الحكام الذين تعاقبوا على حكم مصر، ويتكالبون عليها اليوم، ولا يعبأون فى سبيل الحصول عليه بأن يحيلوا حياة الملايين إلى جحيم. مُتناسين أنهم سيموتون فى نهاية المطاف، وسيقفون أمام خالقهم ويُسألون.
وكانت نهاية القصة هكذا: حينما مات أبوه بعدها بسنوات طويلة، فتح أهل القرية المقبرة لدفنه. ثم خرجوا منها وهم يرتجفون. شرعوا يصفون الصندوق المعدنى الذى مازال بهيئته كأنما دُفن بالأمس، لم تأكله الأرض، ينز منه المسك، يفوح بعبير زكى! رائحة أجمل من كل الروائح التى يعرفونها، لم يستنشقوا مثيلها فى حياتهم.
سلام على «حسن خضرة» فى العالمين.
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.