فى الخامس عشر من يناير سنة 1918 بُشر أب مصرى بميلاد طفل سوف تسوقه الأقدار فيما بعد ليكون بعد ثلاث حقب من الزمان فتى مصر الأول، وقائد ثورتها فى الثالث والعشرين من يوليو سنة 1952! أتحدث عن الفتى جمال نجل عبدالناصر حسين فى ذكرى ميلاده الثالثة والتسعين ومازال هو الغائب الحاضر على الرغم من رحيله فى 28 سبتمبر سنة 1970 بعد حياة حافلة وسيرة عطرة لا تفارقه، وقد أدى رسالته كاملة غير منقوصة فى عمر قصير مثل الزهور، وقد مات فى الثانية والخمسين من عمره بعد أن غير وجه التاريخ، وقد ساقته الأقدار ليقود ثورة خالدة أدت إلى نهاية عصر أسرة محمد على التى توالت على حكم مصر منذ سنة 1805 ورحيل الاستعمار البريطانى البغيض بلا رجعة عن مصر، التى جثم عليها منذ سنة 1882 وهذا وحده يكفيه! الفتى جمال هو ابن القدر وقد شاءت الأقدار أن تفتح الكلية الحربية أبوابها لأبناء المصريين البسطاء فى أعقاب معاهدة 1936 لتكون أول دفعة من ضباطها هم من غيروا وجه التاريخ فهم النواة لتنظيم الضباط الأحرار الذى قام بالثورة فى يوليو 1952. مجدداً لسنا بصدد التأريخ لحياة جمال عبدالناصر ولكننا نتحدث عن جمال عبدالناصر المصرى المكافح الثائر، ذى الكاريزما التى تفرد بها وحده، وكل هذه المقومات جعلته يدخل القلوب، وقد تخطى الحدود ليكون فى ذاكرة البشرية قاطبة، سيما وقد ساند كل حركات التحرر ليصل تأثيره إلى الهند وإندونيسيا وأمريكا الجنوبية وأفريقيا بأسرها والتاريخ لا يكذب! بل كان من أحد أسباب غروب شمس الإمبراطورية التى لا تغرب عنها الشمس وهى بريطانيا بعد فشل العدوان الثلاثى الغاشم على مصر فى عام 1956 واستقالة رئيس وزراء إنجلترا أنتونى إيدن الذى قاد الغرب نحو إسقاط عبدالناصر فإذا به يسقط ويبقى عبدالناصر صامداً خالداً. الفتى جمال.. ترك فى حرب فلسطين بطولات وفى كل خطى مشاها أثراً.. ومع ذلك هوجم ومازال يهاجم بضراوة وهذا لن ينال منه أبداً ويكفيه أنه قد غادر الدنيا قبل نحو أربعين عاماً ولسان حال منتقديه يردد بيت أبى الفراس الحمدانى (وفى الليلة الظلماء يفتقد البدر)، ومن كان بلا خطيئة فليرمه بحجر! ولا تعليق؟! اليوم هو 15 يناير واحتفاءً بمولده لم تجد أسرته سوى القرية الفرعونية لتهديها كل متعلقاته الشخصية نواة لمتحف جمال عبدالناصر، سلام على الفتى جمال، وقد رحل جسداً تاركاً جمال الأثر! محام - بنها