الجيش الإسرائيلي يواصل قصف مواقع جنوب سوريا ويكشف عن عمليات دقيقة لتدمير "مواقع عسكرية"    محافظ الغربية: خدمة المواطن على رأس أولوياتنا    رئيس مياه القليوبية يتفقد مشروعات الصرف الصحي بشبين القناطر    نقيب المعلمين يفتتح دورة تدريبية حول "استراتيجيات الأمن القومي" بالإسكندرية    كجوك: نتطلع إلى بصمة واضحة ل«البريكس» في مساندة الاقتصادات الناشئة    معتز وائل يتوج بذهبية نهائي كأس العالم للخماسي    ضبط سائق نقل سار عكس الاتجاه بالقليوبية    عمرو دياب يتصدر تريند «X» ب «إشارات» و«حبيبتي ملاك»    هل يجوز الخروج من المنزل على جنابة؟.. أمينة الفتوى تجيب    منتخب مصر الأولمبي يفوز على كولومبيا في البطولة الدولية للسلة بالصين    قفط وقوص تستضيفان فعاليات ثالث أيام اللقاءات التوعوية الصيفية    الإعدام شنقا للمتهم بقتل أبناء عمه في الشرقية    تفاصيل اجتماع مجلس جامعة الفيوم بشأن العام الدراسي الجديد    فيلم أحمد وأحمد يسيطر على صدارة شباك تذاكر دور السينما والمشروع X يتراجع للمركز الثاني    خبر في الجول – الزمالك يتفق مع البنك الأهلي على ضم أحمد ربيع    تعرف على شروط حجز وحدات مشروع سكن لكل المصريين    أسد الحملاوي يصدم الأهلي ويقترب من نادٍ روماني    طائرة خفيفة تجوب سماء الساحل الشمالي بعبارة "شكرًا شيكابالا".. فيديو    بايرن ميونيخ يعلن رسميًا إصابة موسيالا بكسر في الكاحل وغيابه لفترة طويلة    سوريا: الوضع مأساوي مع حرائق اللاذقية و10 آلاف هكتار باتت رمادًا (صور)    الأرصاد: غدًا طقس شديد الحرارة رطب والعظمى بالقاهرة 37    مرورا ببنها.. جدول مواعيد القطارات من الإسماعيلية إلى القاهرة اليوم الأحد 6 يوليو    محمد السيد الشاذلى: القضية الفلسطينية ستظل هي قضيتنا الأولى    موعد تشغيل مونوريل شرق النيل من العاصمة لمدينة نصر    «يرددون مع عم ضياء: كله رايح».. ما هي الأبراج الأكثر تشاؤمًا؟    4 رؤساء أقسام جدد بكليتي الزراعة والعلوم بجامعة بنها    ارتفاع جديد للكيلو.. أسعار الفراخ اليوم الأحد 6 يوليو 2025 في بورصة الدواجن    أمينة الفتوى: الإسراف في استخدام الماء أثناء الوضوء والغُسل من المكروهات    دعاء السفر.. اللهم احفظنى فى سفرى وارزقنى السلامة    لطلاب الثانوية العامة، كل ما تريد معرفته عن المعهد الفني للتمريض بجامعة حلوان    الخارجية الفلسطينية تطالب بتحرك دولي عاجل لردع العدوان الإسرائيلى على القدس والأقصى    بعد امتلاء البحيرة، باحث بالشأن الإفريقي يكشف: إثيوبيا تملأ خرانا جديدا مع سد النهضة    محافظ الدقهلية يوجه بسرعة الانتهاء من تطوير كورنيش شربين على النيل    كورتوا يدافع عن دوناروما أمام انتقادات التسبب في إصابة لموسيالا    ما موقف طالب الثانوية العامة المتخلف عن موعد أداء اختبارات القدرات 2025؟    سلاح الجو الأمريكي يعترض طائرة فوق نادي ترامب بولاية نيوجيرسي    كهرباء الإسماعيلية يكشف لمصراوي كواليس صفقة أوناجم    كلية الألسن بجامعة الفيوم تعلن عن وظائف شاغرة لأعضاء هيئة التدريس.. تعرف على الشروط والأوراق المطلوبة    قصور الثقافة تنظم يوما ثقافيا ضمن مشروع جودة الحياة بالمناطق الجديدة الآمنة    19 مرشحًا لانتخابات مجلس الشيوخ يخضعون للكشف الطبي في أسيوط    رفع قيمة وثيقة التأمين من الحوادث للمصريين بالخارج إلى 250 ألف جنيه    ميتسوبيشي تطلق سيارتها Grandis الجديدة في الأسواق.. صور وتفاصيل    إعدام 13 طن أغذية فاسدة خلال حملات رقابية مكثفة بالمنيا    "معلومات الوزراء" يكشف تفاصيل أول جهاز تنفس صناعي مصري    تظهر في العين.. أعراض تكشف ارتفاع نسبة الكوليسترول بشكل خطير    ارتفاع حصيلة ضحايا الفيضانات بتكساس ل50 قتيلا على الأقل    ورش للأطفال عن السمسمية والأمثال الشعبية ضمن مبادرة "مصر تتحدث عن نفسها"    إصابة 4 أشخاص فى حادث تصادم سيارتين بالدقهلية    البحوث الإسلامية يطلق سلسلة الأطفال المرئية (أخلاقنا الجميلة) لتعزيز الوعي القيمي والتربوي    «المصري للتأمين» يكشف دوره في دعم السلامة المرورية    أحدث ظهور ل«هالة الشلقاني» زوجة الزعيم عادل إمام    صحة مطروح: الانتهاء من البرنامج التدريبي على أساليب التعامل مع حالات الطوارئ    بيراميدز يكشف موقفه من ضم ثنائي الزمالك    «الداخلية»: ضبط سائق نقل ذكي تحرش بسيدة خلال توصيلها بمصر الجديدة    محافظ الدقهلية:إحالة مديرة مستشفى مديرة للصحة النفسية للتحقيق لعدم تواجدها خلال مواعيد العمل    «كان بيتحكيلي بلاوي».. .. مصطفي يونس: الأهلي أطاح بنجلي بسبب رسالة ل إكرامي    عمرو الدجوي ينعى شقيقه الراحل بكلمات مؤثرة    "أنا بغلط... وبأندم... وبرجع أكرر! أعمل إيه؟"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خلاص مسافر
نشر في المصري اليوم يوم 14 - 01 - 2011

«سمعت هذه الأغنية لأول مرة وأنا خارج الوطن، الكلمات لمحمد حمزة، اللحن لبليغ حمدى، والغناء لشادية، كنا مجموعة من الأطباء العرب المسافرين وراء الرزق، منا المصرى ومنا السورى والسودانى، أصغينا إلى الأغنية، أصغينا وبكينا. لم أكتب أنا هذه الكلمات، وإنما كتبتها الدموع».
حينما يتحول الوطن إلى منفى، والمدن إلى سجون، وتثور الزوابع لكى تقتلعك، تنزعك من الأرض إلى قلب العاصفة، تحملك كجناح مكسور، تتحول مصر إلى مكنسة عملاقة، تغضب وتقول:
«خلاص مسافر»
حينما تنتشر المحسوبية، وتجد نفسك عاجزا بغير واسطة، مهانا بلا سبب، فى كل مكان مهان، فى الشارع مهان، فى العمل مهان، فى الميكروباص مهان، فى كل المصالح الحكومية، فى الأقسام والمكاتب والمستشفيات، عاجزا معدوم الحيلة، تغضب وتقول:
«مسافر مسافر»
عندما تشعر بأن النفوس موصدة، والقلوب مغلقة، والأرواح صدئة، أقاربك حالهم حال، وأصدقاؤك كل واحد فى واد، إذا وقعت فى حفرة لن يخرجك أحد، وإذا مددت لهم يدك فلن يمسكوا يدك، وإذا مت فلن ينتشلوا جثتك، أخلاقيات الزحام تفرض نفسها، والكل يتسابق على الهروب من السفن الغارقة، يبحثون عن مخرج، عن سترة نجاة، يتقاتلون على الزوارق الباقية، والزوارق قليلة، يطلبون الحياة التى لا تطلبهم، وأنت وحدك، دائما وحدك، إلى الأبد وحدك، تحزن وتقول:
«صحيت فى يوم من الأيام/ حسيت إنى يا عينى غريب/ حسيت بغدر الصحاب/ واللى افتكرته حبيب».
لم تكن تتصور أن يصبح هذا حالك، كنت مستعدا لمواجهة الكون، لتغيير العالم، تحلم بأن تكتشف آفاق الدهشة، وتحفر اسمك على الأهرامات العتيقة، تصبح شاعرا، مغامرا فى الأصقاع البعيدة، باحثا فى معمل معقم، ما أكثر أحلامك التى لم تتحقق!!، ما أجمل أحلامك التى لم تتحقق!!، ما أقسى أحلامك التى لم تتحقق!!
«وأنا اللى يا ما غنيت على الليالى/ فى الفرح موال/ وفى الجرح موال/ وفى الصبر موال/ أصبح على دى الحال/ غريب، أصبح أنا غريب/ غريب، ولا حد جنبى قريب/ وقلت أسافر.. مسافر مسافر»
لكنك تنسى وأنت تعد حقائبك، تنسى وأنت تحرق أوراقك القديمة، تنسى أغلى من عندك، تنسى حبيبتك!!.
فى تلك اللحظات الصعبة، وأنت تمزق أشعارك الساذجة، ومذكراتك الطفولية، وأشياءك المُعوقة، تنسى أيامك الحلوة مع امرأة أحببتها وأحبتك، ترقبك وأنت تحزم أمتعتك، صامتة دامعة، مخطوفة بالحزن، مشنوقة باليأس، محكوماً عليها بالإعدام!!.
«وخايفة لما تسافر/ على البلد الغريب/ تنسى إنك فايت/ فى بلدك حبيب».
أشياء لن يفهمها الرجل ماذا تعنى لامرأة: رائحة عرقك، ملمس بشرتك، أنفاسك الرجولية، علبة تبغك، إحساسها بالأمان وهى معك. أنت مأخوذ بالسفر، ولا تشعر بوجودها، فيما هى لا تفكر إلا فيك.
«مستنى بأشواق، تعبان/ تعبان من الفراق/ ومولعلك شمعة/ نورها مستنيك».
ذكرياتكما القديمة. كل ذكرى ترفع رأسها، دقة القلب الأولى، كل دقة ترفع صوتها، حالمة، ناعمة، دافقة راجفة. أيام الحب الأول. ملاحقتك لها عند زوايا الدروب، نظراتك المغموسة بالعشق، ابتسامتها المفعمة بالحياء، وتلك الأيام القلقة: أيام الحب الأول والشك يتلبس باليقين، ثم يأتى مؤكدا مع أول مصافحة، يرتعش البدن، يرتعد القلب كتيار الكهرباء.
«وفى عيونه دمعة/ تمسحها بإيديك/ لما تجيلى تانى/ من البلد الغريب».
لكن هذه المرة، تدق حبيبتك على جدار أصم، الماضى صار حِمْلاً ثقيلاً وأنت تتأهب للسفر، وذكرياتك المرة حين تخلى الجميع عنك، الناس يتحدثون بلغة المال، وهى تخاطبك بلغة القلب والروح. هذه اللغات المندثرة!!. لذلك تقول:
«يومين وأسافر/ يمكن ألاقى الصبر فى سكتى/ يمكن ألاقى الراحة فى غربتى/ يومين وأسافر».
هى لا تسمعك، تصغى لنداء القلب، تحبك، تعشقك، تدور فى فلكك، كإلكترون أنهكه الطواف، كشحنة مفعمة بالحب، وفراقكما يعنى انشطار الذرة والإشعاعات المهلكة، أحلامها أن تظلا معا، تلمسك طيلة الوقت، تتحسس كنزها الثمين.
«كان نفسى أكون جنبك/ حبيبة من بلدك/ تسهر على راحتك».
لا ترحل، أى شىء إلا أن ترحل، أو خذنى معك، أشاطرك رغيف الخبز، أطهو طعامك بنكهة الحب، نشرب معا كأس الغرام، فقط أكون معك.
«تفرح لك فى فرحك/ وتقاسمك فى جرحك/ والهم تزيله عنك/ لما تيجى تانى/ من البلد الغريب».
لكنك تشعر بأن ماضيك كله، بما فيه هى، أحلام مزيفة. الواقع هو تذكرة السفر، جواز السفر، رحلة السفر، رحلة تُضمر أن تجعلها بلا عودة، ولماذا تبقى وبلادك خذلتك؟ مصر القاسية التى تضطهد عشاقها وتُكافئ أعداءها:
«يومين وأسافر/ يمكن ألاقى الصبر فى سكتى/ يمكن ألاقى الراحة فى غربتى/ يومين وأسافر».
القلق ينهشها، والغيرة تعصف بها، ماذا لو أحببت غيرها!، فى البلاد البعيدة!!، ماذا لو هجرتها!، الرجال متقلبون كالريح، غامضون كالبحر، أطفال كبار، يفرحون بلعبة، حتى لو كانت مزيفة، ويهجرون أشياءهم النفيسة، ولا تعرف أنك- مهما فعلت- لن تجد امرأة تحبك نصف ما أحبتك.
«خايفة تلاقى وردة تحلى فى عينيك/ تنسانى وتميل وتقطفها بإيديك/ وتجرحك الأشواك وتتعذب هناك».
فقط لا تتألم، لا ينكسر قلبك مع امرأة أخرى، وأنت بعيد، لا تملك أن تواسى حزنك وتداوى جرحك وتمسح دموعك، تغرس فى صحرائك صبّار الأمل، وقلبها ينزف أشواك الغيرة. كن سعيدا واصنع بعدها ما شئت، المهم أن تكون سعيدا، هكذا حبها الكبير، هكذا قلبها الكبير.
«أقطفها بإيديا، وما تجرحش إيديك/ سيب الجرح لىّ وخلِّى الفرح ليك/ بس ارجع لى تانى من البلد الغريب».
[email protected]


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.