«تنسيق الجامعات 2025».. فتح باب تقليل الاغتراب لطلاب الثانوية العامة    قرار جمهوري بإنشاء حساب المشروعات ب10 ملايين يورو مع البنك الأوروبي.. تفاصيل    «أسيوط تواصل استرداد الأراضي».. إزالة 24 حالة تعدٍ ضمن الموجة 27    14 أغسطس 2025.. أسعار الأسماك في سوق العبور للجملة اليوم    قانون الإيجار القديم 2025.. إخلاء الوحدات بالتراضى أصبح ممكنًا بشروط    رئيس هيئة الدواء المصرية يبحث مع سفير ناميبيا لدى مصر تعزيز التعاون فى قطاع الدواء    الإسكان: 3 قرعات لتسكين المواطنين بأراضى توفيق الأوضاع بالعبور الجديدة..18 أغسطس    أداء مالي وتشغيلي قوي للمصرية للاتصالات في النصف الأول من 2025    سؤال برلماني لمعرفة أسباب ارتفاع الأسعار رغم انخفاض الدولار الجمركي    وزير خارجية الاحتلال: حل الدولتين انتحار لإسرائيل    زوجة "بيليه فلسطين" توجه نداءً عاجلاً إلى محمد صلاح    اليونان تشهد تحسنا طفيفا في حرائق الغابات.. وحريق خيوس لا يزال الخطر الأكبر    زد يواجه سيراميكا في صراع قوي بالدوري الممتاز    ريبيرو يستقر على بديل ياسر إبراهيم أمام فاركو    موعد مباراة منتخب مصر وإثيوبيا فى تصفيات أفريقيا المؤهلة لمونديال 26    فراعنة اليد في مواجهة نارية أمام إسبانيا بربع نهائي مونديال للشباب    تحرير 867 مخالفة ملصق إلكتروني ورفع 32 سيارة ودراجة نارية متروكة    «الأرصاد» تُحذر من حالة الطقس غدًا | إنفوجراف    اليوم.. جنايات القاهرة تنظر محاكمة عاطلين لحيازتهما الآيس بالوايلي    وزارة التعليم: دخول امتحانات الثانوية العامة للدور الثانى ب 50% من الدرجة    تطورات الحالة الصحية ل«أنغام»    غدًا .. انطلاق أولى فعاليات مهرجان القلعة فى دورته الجديدة    بعد تعرضها لحادث سير.. ليلى علوي تتصدر تريند "جوجل"    لهذا السبب.. بدرية طلبة تتصدر تريند "جوجل"    فرق 100 يوم صحة بالإسماعيلية تواصل تقديم خدماتها للأسبوع الخامس (صور)    «100 يوم صحة» تُقدم 45 مليونًا و470 ألف خدمة طبية مجانية في 29 يومًا    موعد التصويت في جولة الإعادة بانتخابات الشيوخ    إعلام عبري: الجدول الزمني بشأن خطة العمليات في غزة لا يلبي توقعات نتنياهو    بالأسماء.. حركة محلية جديدة تتضمن 12 قيادة في 10 محافظات    مواعيد مباريات الخميس 14 أغسطس 2025.. 4 مواجهات بالدوري ومنتخب السلة واليد    بسبب أمم أفريقيا.. الأهلي السعودي يسعى للتعاقد مع حارس مرمى جديد    حركة القطارات| 45 دقيقة تأخيرًا بين قليوب والزقازيق والمنصورة.. الخميس 14 أغسطس 2025    نتنياهو: يمكننا قصف غزة كما فعل الحلفاء بدرسدن الألمانية في الحرب العالمية الثانية    التايمز: بريطانيا تتخلى عن فكرة نشر قوات عسكرية فى أوكرانيا    شقيقة زعيم كوريا الشمالية تنفي إزالة مكبرات الصوت على الحدود وتنتقد آمال سيول باستئناف الحوار    ياسين السقا يروي كواليس لقائه الأول مع محمد صلاح وأول تواصل بينهم    أدعية مستجابة للأحبة وقت الفجر    سموتريتش يعطى الضوء الأخضر لبناء 3400 وحدة استيطانية    تفاصيل القبض على «أم ملك وأحمد» صانعة المحتوى    طريقة عمل مكرونة بالبشاميل، لسفرة غداء مميزة    أروى جودة تطلب الدعاء لابن شقيقتها بعد تعرضه لحادث سير خطير    في ميزان حسنات الدكتور علي المصيلحي    أزمة نفسية تدفع فتاة لإنهاء حياتها بحبة الغلة في العياط    ناهد السباعي عن انتهاء تصوير «السادة الأفاضل»: زعلانة    الأحزاب السياسية تواصل استعداداتها لانتخابات «النواب» خلال أسابيع    الصين تفتتح أول مستشفى بالذكاء الاصطناعي.. هل سينتهي دور الأطباء؟ (جمال شعبان يجيب)    أصيب بغيبوبة سكر.. وفاة شخص أثناء رقصه داخل حفل زفاف عروسين في قنا    كمال درويش: لست الرئيس الأفضل في تاريخ الزمالك.. وكنت أول متخصص يقود النادي    انطلاق بطولتي العالم للشباب والعربية الأولى للخماسي الحديث من الإسكندرية    تحذير بسبب إهمال صحتك.. حظ برج الدلو اليوم 14 أغسطس    محافظ الغربية يعلن حصول مركز طب أسرة شوبر على شهادة «جهار»    الجامعة البريطانية في مصر تستقبل الملحق الثقافي والأكاديمي بالسفارة الليبية لتعزيز التعاون المشترك    المركز الإفريقي لخدمات صحة المرأة يحتفل باليوم العالمي للعمل الإنساني تحت شعار "صوت الإنسانية"    البحيرة: ضبط المتهمين بقتل شخصين أخذا بالثأر في الدلنجات    تداول طلب منسوب ل برلمانية بقنا بترخيص ملهى ليلي.. والنائبة تنفي    ما حكم من يحث غيره على الصلاة ولا يصلي؟.. أمين الفتوى يجيب    خالد الجندي يوضح أنواع الغيب    خالد الجندي ل المشايخ والدعاة: لا تعقِّدوا الناس من الدين    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



رسالة «أوباما» ومقال «عز»
نشر في المصري اليوم يوم 27 - 12 - 2010

«فى هذا الوقت من السنة، يتبادل الأمريكيون فى مختلف أنحاء البلاد الرسائل القلبية مع الأصدقاء والأحباء، التى تعكس إنجازات ونكسات العام السابق، فيحكون عمن وُلِد ومن تخرّج، من ترقى أو تنقل... هذه الرسائل تسمح لنا بأن نتغلب على المسافات الفاصلة بيننا، وأن نداوم على واحد من التقاليد الأمريكية الأساسية لعدة قرون، وهو التبادل البسيط للقصص.. وبينما تتجمع العائلات حول موائد عطلة هذا الموسم، فإن لدينا فرصة لتبادل قصص التغيير الذى حققناه معا من خلال هذه الحركة».
هكذا جاءت رسالة الإيميل من باراك أوباما، التى سمحت التكنولوجيا بتوجيهها لكل شخصٍ «باسمه» من مؤيدى الحزب الديمقراطى والمشتركين فى «خدمة تلقى الرسائل» من الرئيس الأمريكى، فمن المعروف أن حملة أوباما الانتخابية المنادية ب«التغيير» قد وصفت ب«الخلاّقة» «والمجددة» لقدرتها على استقطاب الشباب الأمريكى للتصويت فى الانتخابات الرئاسية عام 2008. الآن وبعد فوز أوباما بالرئاسة، مازلت تلك الحملة نشطة فى تواصلها مع المؤيدين، استعدادا للانتخابات الرئاسية المقبلة فى 2012. ففى رسالته يُذكّر أوباما:
«بعد سنوات من سياسات الجمهوريين الفاشلة التى أدت إلى أسوأ أزمة أقتصادية منذ (الكساد الكبير) سنة 1929، اقتصادنا يبدأ فى النمو ثانية.. الديمقراطيون عملوا على: خلق وظائف جديدة، جعل الرعاية الصحية فى متناول الجميع، دعم الاستثمار فى الأعمال الصغيرة، التوسع فى فرص التعليم، وتمهيد الطريق لابتكارات الطاقة المتجددة».
إذن ها هو أوباما يحاول «توجيه» الخطاب The Discourse أثناء احتفال الأمريكيين بعيد الميلاد ليشمل «قصص النجاح والتقدم» الذى أحرزه حزبه وحكومته بدلا مما يمكن أن تكون عليه تلك القصص من فقدان وظائف، أزمات ديون، طرد من البيوت لعدم سداد الأقساط أو أى من التداعيات الأخرى للأزمة الاقتصادية الراهنة. وليبرهن فعليا على «تلك القصص الإيجابية»، فرسالته تحوى روابط لكل ولاية، بل كل مدينة وكل حى، من خلالها يعرف المواطن العدد الفعلى للوظائف، للمشروعات الصغيرة وللبيوت التى حافظ عليها أصحابها بعد التعديلات القانونية التى أقرّها الكونجرس بدفعٍ من الديمقراطيين. كذلك فإن مصادر المعلومات موثّقة من أجهزة ووزارات الدولة، ومن قصص شخصية لأفراد تحسنت أوضاعهم، لمن يريد الاطلاع.
ثمة مقارنة مع الفارق، إذن، يمكن أن تُعقد بين خطاب الرئيس باراك أوباما «المتودِّد» لمؤيديه ليظلوا على تأييدهم فى الانتخابات الرئاسية القادمة خاصة، بعد أن خسر الديمقراطيون فى انتخابات التجديد النصفى الشهر الماضى، ومقال السيد أحمد عز حول نتائج الانتخابات المنتهية، الذى نُشر فى الجريدة القومية، مقترنا بردود أفعال القراء على موقع الجريدة.
فبالرغم من الإحصاءات والأرقام والأدلة التى حاول السيد عز طرحها ليبرهن على استحقاق الحزب الوطنى الحاكم الفوز بنسبة 87% فى انتخابات مجلس الشعب وهى معلومات قابلة لأن تكون مقنعة ولو جزئيا (لو حُقق فى مصادر النسب والأرقام) فإن تعليقات القراء التى وصفت المقال ب«المضحك» تارة وب«اللامنطقية» تارة أخرى كأن تصف كاتبها بأنه «يتحدث عن دولة أخرى» ما يجعل المقال عاكساً لانفصال شديد ما بين ممثلى «الحزب والدولة» فى صورة المقال وممثلى «المجتمع» فيمن كتبوا التعليقات.
فمثلا رسالة أوباما لمؤيدى الحزب الديمقراطى «المتشككين»، التى يحاول فيها أن يؤثر عليهم بدعوتهم للحديث الإيجابى حول الإنجازات أثناء مآدب العيد، فيها نوع من «الاستقراء» ومحاولة التأثير فى النتيجة «المقبلة» عن طريق شىء مجرّب قِبلا، وهو قدرة أوباما «الشخصية» على التأثير. فالآن وقد حاول «توجيه» الحديث أثناء التجمع العائلى ليكون أكثر «إيجابية» قد يكون لذلك مردود فعلى فى الانتخابات المقبلة حتى وإن ضَعُفت الاحتمالات. إذن فلأوباما هدفٌ مستقبلىٌ يُخطّط له، فهل لمقال السيد أحمد عز هدف مشابه؟
هنا تصعب المقارنة. فالأخير يبدو كمقالٍ «تبريرى» بالمقام الأول يُعدِِّد أسباب النجاح فى انتخاباتٍ قد تمت بالفعل، ويبدو أن المجتمع المصرى قد حسم تزويرها فى «مخيلته» على الأقل حتى وإن لم تثبت ادعاءات التزوير قضائيا بدرجة تُبطِل النتيجة وتحل المجلس. فإن دل هذا المقال عن شىء فقد يدل على أن«الدولة» لا يمكن أن تستخدم «القوة الفعلية Actual Force» طوال الوقت، بل إنها تعاود و«تستقطب» و«تتحاور» و«تبرر«» و«تتقرب». فهى لا تحكم ذاتها ولا تتحكم كليا فى المجتمع الذى « تُصوِّر» ذاتها حاكمة له.
ففى كتابه الأكاديمى الشهير «الدولة فى المجتمع» يطرح «جول مجدال» رؤية لمفهوم «الدولة» التى يقسمها ما بين «صورة» و«ممارسات». ففى نظر مجدال «الدولة» ليست كيانا «قويا» «متكاملا» «مهيمنا» «تأثيره أحادى الاتجاه» على المجتمع ولكن «الدولة» دائما ما تحاول رسم تلك «الصورة» رغم سمات التفكك التى تتسم بها. فبالرغم من «الصورة» فإن «ممارسات الدولة»، كفرض سياسات محددة لإحداث تأثير معين، ليست دائما تحت السيطرة التامة نظرا لوجود منظمات اجتماعية تتمثل فى الأسرة، والعشيرة، والشركات، والأحزاب وعناصر أخرى تجعل «ممارسات» الدولة فى الواقع أضعف مما هو متعارف عليه تقليديا فى العلوم السياسية. إذن باختصار منهج «الدولة فى المجتمع» لا يجعل مبدأى «السيطرة» و «التغير الاجتماعى» حكرا على «الدولة» ولكنه يفسح مجالا لتصور عناصر «المجتمع» المختلفة تتشارك فى هذين المبدأين.
فى هذا السياق أرى فى مقال السيد عز وردود الفعل له علامة إيجابية «لقوة ما» فى المجتمع ذاته.
ويبقى التساؤل الآن للحزب الوطنى: هل حقق هذا المقال أهدافه؟ إذا كانت الأهداف مشابهة لرسالة أوباما من «تذكير بالإنجازات لاستقطاب المؤيدين استعدادا لانتخابات رئاسية قادمة» فمن التعليقات المكتوبة لا يبدو أن أياً من هذه الأهداف قد حُقق على نطاقٍ واسع، أما إذا كان لملء فراغٍ ما، فيبدو أن للمصريين «بحياتهم اليومية المعاشة» ما يبرهن على عكس ما يقال فى مقال، أو خطاب، أو خبر أو تصريح. فما «الدولة» فاعلة بهذا التضاد بين «المقال» و «المُعاش»؟
زميل قسم دراسات الشرق الأوسط
جامعة واشنطن، سياتل، الولايات المتحدة الأمريكية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.