العمالة «غير المؤهلة» تغزو صيدليات العامرية وبرج العرب والنهضة

تعانى صيدليات المناطق النائية فى العامرية والنهضة وبرج العرب من انتشار ظاهرة العمالة «غير المؤهلة»، الذين لا تتوافر فيهم المقومات المناسبة للقيام بدورهم كبائعين داخل الصيدليات، خاصة أن معظمهم بل جميعهم من حملة الدبلومات، مما يشكل خطورة داهمة على صحة قاطنى تلك المناطق فى ظل انخفاض المستوى الاقتصادى والثقافى لدى غالبيتهم، بالإضافة إلى بعد هذه المناطق عن نطاق وجود العيادات والأطباء المتخصصين.
وعلى الرغم من أن الشعبيين والمسؤولين فى المحافظة أقروا بوجود المشكلة فى العديد من المناطق الواقعة على أطراف المدينة، فإنهم أكدوا صعوبة مواجهتها فى ظل تدنى الإمكانيات المادية التى تقررها وزارة الصحة للمرور على الصيدليات، مطالبين بزيادة الدعم لإحكام الرقابة وتشديد العقوبة التى اقتصرت على غرامة 10 جنيهات وإغلاق الصيدلية لمدة يوم واحد.
وأكد إسلام فراج، مزارع من قرية بورسعيد بالعامرية، أن أهالى منطقة مريوط يجدون ملاذهم الوحيد عند الشعور بالمرض فى الوصول إلى أقرب صيدلية للتعامل مع الشخص الذى يتواجد بها، ويكون عادة من أهالى القرية، ليطالبوه بعلاج لأمراض أو آلام طارئة مثل المغص أو الصداع أو الحموضة وغيرها من الأمراض، فيقوم الشخص المتواجد بالصيدلية بصرف علاج مناظر لحالة عرضت عليه من قبل، وهو ما يتسبب فى بعض الأحيان فى حدوث مضاعفات، مؤكداً أن بعض الصيدليات تصرف أدوية دون مشاهدة المريض بناءً على شرح شخص للمرض.
وقال فريد مسلم، محاسب: «السبب فى تفاقم مشكلة الصيدليات فى قطاع مريوط وقراه هو بعد المنطقة عن مناطق الخدمات فى العامرية وصعوبة المواصلات بسبب تهالك الطرق، الأمر الذى يجعل الأطباء والصيادلة يرفضون التواجد فى تلك القرى، وهو ما يجعل أصحاب الصيدليات يشترون اسم أى طبيب لترخيص الصيدلية، ويحضرون بعدها أى شخص للعمل بها».
وانتقد جمال أحمد عوض، رئيس لجنة الشؤون القانونية بمجلس محلى العامرية، انتشار العمالة غير المؤهلة فى صيدليات مريوط والنهضة والكينج ووادى القمر، وبعض مناطق العامرية، خاصة فى القرى التابعة له التى تبلغ قرابة 40 قرية، مؤكداً أن بعد هذه القرى عن الرقابة سمح بتشغيل أشخاص غير مؤهلين بها، ويجهلون قراءة اللغة الإنجليزية التى تكتب بها «روشتة العلاج»، كما أنهم لم يدرسوا الطب لتشخيص الأمراض فى ظل انخفاض مستوى الدخل لغالبية ساكنى قطاع مريوط الذين يلجأون إلى الصيدليات لصرف علاج سريع بدلاً من الذهاب لأطباء متخصصين.
وقال عوض: «عدد من أصحاب صيدليات قطاع مريوط استغلوا بعد القرى عن الرقابة لتشغيل عمالة غير مؤهلة، نظراً لصعوبة توفير طبيب صيدلى بهذه المناطق البعيدة، الأمر الذى سيؤدى إلى كارثة لجهل القائمين على هذه الصيدليات بالطب، وقيامهم بصرف الأدوية بتشابه الأمراض دون النظر لتاريخ الشخص المرضى، الأمر الذى قد يودى بحياة المريض فى حالة صرف علاج خاطئ».
وأكد أن الغرامة الموقعة على المخالفين لا تتماشى مع حجم «الجرم» الذى يقومون به، حيث إن الغرامة المفروضة على الصيدلية المخالفة 10 جنيهات فقط، رغم أن الواقع يؤكد قيام المخالفين بإنتحال صفة الصيدلى، ومزاولة مهنة بدون ترخيص.
وطالب عوض بالنظر فى القوانين المنظمة لمخالفات العاملين بالصيدليات ورفع الغرامة لتصل إلى ألف جنيه، وإغلاق الصيدلية فترة كافية، نظراً لخطورة الأمر على أرواح المواطنين، متسائلاً عن المسؤولية فى حالة وفاة مريض تعاطى علاجاً خطأ.
من جانبه أكد جابر عبدالمولى، رئيس المجلس المحلى لحى العامرية، خطورة الأمر، واصفاً أصحاب الصيدليات المخالفة بالمتاجرين فى أرواح المواطنين، مطالباً بتشديد الرقابة من قبل المديرية الصحية، والإدارات التابعة لها لاتخاذ إجراءات صارمة لإجبار أصحاب الصيدليات على تواجد مختصين من الصيادلة، والعمل على تحرير محاضر انتحال صفة طبيب صيدلى فى حالة وجود مخالفة فى أى صيدلية تقوم ببيع الأدوية.
وأضاف عبدالمولى أن العقوبة التى يتم التعامل بها مع الصيدليات المخالفة لا تتماشى مع حجم المخالفة التى ستؤدى إلى كارثة يدفع ثمنها المواطن البسيط الذى لا يستطيع دفع ثمن تذكرة الكشف الطبى لدى أحد الأطباء المختصين.
من جانبها أكدت الدكتورة نورهان فاروق، مفتش صيدلى بمنطقة العامرية الطبية، أن الصيدليات المسجلة فى منطقة العامرية الطبية، يبلغ عددها 241 صيدلية، وأنه من واقع السجلات تم المرور عليها حوالى 474 مرة، مروراً مفاجئاً.
من جانبه أكد جمال عبدالوهاب، أمين عام نقابة الصيادلة فى المحافظة، أن النقابة عقدت بروتوكولاً خلال الأيام الماضية مع منطقتى العامرية الطبية وبرج العرب، للحد من انتشار ظاهرة العمالة غير المؤهلة فى الصيدليات، والتفتيش الدورى على هذه المناطق، التى تقع فى أماكن نائية.
وطالب عبدالوهاب بتفعيل دور وزارة الصحة من خلال توفير الإمكانيات المادية لمساعدة المفتشين بدورهم فى مراقبة الصيدليات غير الملتزمة فى القطاع الريفى بالمحافظة، خاصة قرى منطقتى برج العرب والعامرية، مشيراً إلى أن النقابة فى المحافظة تحاول التغلب على هذه الظروف من خلال الطرق الودية، بتوفير وسائل مواصلات لمفتشى الصيدليات، لمزوالة أعمالهم فى ضبط المنشآت غير الملتزمة.
وأكد «عبدالوهاب» أن القانون نص على إغلاق الصيدلية غير الملتزمة، وتحريك دعوى قضائية جنائية ضد صاحبها إذا تبين أنه غير مؤهل، بتهمة انتحال صفة، موضحاً أن الصيدلى الذى يبيع اسمه يتعرض لعقوبة الفصل من النقابة والحبس لمدة عامين.