"مستقبل وطن المنيا" ينظم 6 قوافل طبية مجانية ضخمة بمطاي.. صور    مؤتمر جماهيري ل«الجبهة الوطنية» في المنوفية استعدادًا لانتخابات الشيوخ 2025    رسميًا بعد الارتفاع الجديد.. سعر الدولار مقابل الجنيه المصري اليوم الأحد 27 يوليو 2025    سعر السمك المرجان والسردين والجمبرى بالأسواق اليوم الأحد 27 يوليو 2025    عيار 21 بعد الانخفاض الكبير.. كم تسجل أسعار الذهب اليوم الأحد محليًا وعالميًا؟    محافظ الدقهلية يتدخل لحل أزمة المياه بعرب شراويد: لن أسمح بأي تقصير    عطل مفاجئ في محطة جزيرة الذهب يتسبب بانقطاع الكهرباء عن مناطق بالجيزة    فيديو| قوات الاحتلال الإسرائيلي تقتحم السفينة "حنظلة" المتجهة إلى غزة    "الخارجية الفلسطينية": العجز الدولي عن معالجة المجاعة فى قطاع غزة غير مبرر    وسام أبو علي: الأهلي نادٍ عظيم ورئيسه محظوظ به    بعثة بيراميدز تعود إلى إزميت بعد الفوز على قاسم باشا استعدادًا للدوري الممتاز    تأكيدا لما نشرته الشروق - النيابة العامة: سم مبيد حشري في أجساد أطفال دير مواس ووالدهم    3 مصابين فى انهيار جزئي لعقار شرق الإسكندرية    درجة الحرارة المحسوسة بالقاهرة 43 مئوية.. الأرصاد تحذر من حالة الطقس اليوم الأحد    خلال ساعات.. التعليم تبدأ في تلقي تظلمات الثانوية العامة 2025    "الصحفيين" تُعلن دعمها لطارق الشناوي.. وتؤكد: تصريحاته عن نقابة الموسيقيين نقد مشروع    وزير الثقافة: نقل الكاتب صنع الله إبراهيم إلى معهد ناصر بالتنسيق الصحة    جامعة الجلالة تُطلق برنامج "التكنولوجيا المالية" بكلية العلوم الإدارية    ثالث الثانوية الأزهرية بالأدبي: القرآن ربيع قلبي.. وقدوتي شيخ الأزهر    تنقلات وترقيات الداخلية 2025 تعيد هيكلة الصفوف الأولى لمواجهة الإرهاب وتحديث الأداء الأمني    بسبب ماس كهربائي.. السيطرة على حريق بمنزل في البلينا بسوهاج    وفاة وإصابة 3 أشخاص إثر انقلاب سيارة ربع نقل داخل ترعة بقنا    القاهرة وداكار على خط التنمية.. تعاون مصري سنغالي في الزراعة والاستثمار    مواجهة كلامية بين ممثلي أمريكا والصين أثناء جلسة مجلس الأمن    إبراهيم صلاح: الزمالك يسير بشكل جيد في ملف الصفقات    عض أذنه وقطع جزءا منها.. سوري يهاجم إسرائيليًا في اليونان (تفاصيل)    قوات الاحتلال تهاجم السفينة «حنظلة» المتجهة لكسر الحصار على غزة (فيديو)    صحة سوهاج تعلن استئناف عمليات جراحات المناظير بمستشفى جرجا العام    بدءًا من اليوم.. مسؤول إسرائيلي: وقف إطلاق النار بمراكز سكنية في غزة    مدير كولومبوس: كنت غاضبا من هاتريك وسام ضد بورتو.. والأهلي نادي عملاق    البنك الأهلي يعلن رحيل نجمه إلى الزمالك.. وحقيقة انتقال أسامة فيصل ل الأهلي    الجونة يضم المدافع صابر الشيمى لتدعيم صفوفه    تفاصيل اتفاق الزمالك والرياض السعودي بشأن أزمة تيدي أوكو (خاص)    سيدة تسبح في مياه الصرف الصحي دون أن تدري: وثقت تجربتها «وسط الرغوة» حتى فاجأتها التعليقات (فيديو)    5 أبراج «يتسمون بالجشع»: مثابرون لا يرضون بالقليل ويحبون الشعور بمتعة الانتصار    التراث الشعبي بين التوثيق الشفهي والتخطيط المؤسسي.. تجارب من سوهاج والجيزة    ثقافة الأقصر تحتفل بذكرى ثورة يوليو ومكتسباتها بفعاليات فنية وتوعوية متنوعة    تفاصيل بيان الإفتاء حول حرمة مخدر الحشيش شرعًا    حمدي فتحي يشارك في هزيمة الوكرة أمام أتلتيكو سبتة بمعسكر إسبانيا    عاجل- 45 حالة شلل رخو حاد في غزة خلال شهرين فقط    قطاع العقارات يتصدر تعاملات البورصة المصرية.. والخدمات المالية في المركز الثاني    طارق الشناوي: زياد الرحباني كان من أكثر الشخصيات الفنية إيمانًا بالحرية    حلمي النمنم: جماعة الإخوان استخدمت القضية الفلسطينية لخدمة أهدافها    سعيد شيمي يكشف أسرار صداقته مع محمد خان: كنا نناقش الأفلام من الطفولة    أهم الأخبار العالمية والعربية حتى منتصف الليل.. إعلام عبرى يؤكد هدنة إنسانية فى غزة اعتبارا من صباح الأحد.. ترامب يلاحق أوباما بسيارة شرطة.. والرئيس الأمريكى يطلب من كمبوديا وتايلاند وقف إطلاق النار    وزير خارجية الإمارات : الوضع الإنساني في غزة حرج وسنستأنف عمليات الإسقاط الجوي للمساعدات فورا    "الجبهة الوطنية" تكرّم أوائل الشهادة الإعدادية في بنها دعمًا للتفوق والموهبة    تقديم 80.5 ألف خدمة طبية وعلاجية خلال حملة "100 يوم صحة" بالإسماعيلية    جامعة المنصورة تطلق القافلة الشاملة "جسور الخير 22" إلى شمال سيناء    علاجات منزلية توقف إسهال الصيف    ماحكم شراء السيارة بالتقسيط عن طريق البنك؟.. أمين الفتوى يجيب    استنكار وقرار.. ردود قوية من الأزهر والإفتاء ضد تصريحات الداعية سعاد صالح عن الحشيش    هل تجنب أذى الأقارب يعني قطيعة الأرحام؟.. أزهري يوضح    تعرف على موعد الصمت الدعائي لانتخابات مجلس الشيوخ 2025    سويلم: مشروع مقاومة الحشائش بالبحيرات العظمى استجابة مصرية فورية لأوغندا    وزير الأوقاف: مواجهة الفكر المتطرف وكل تحديات شعب مصر هو مهمتنا الكبرى    رسميًا إعلان نتيجة الثانوية الأزهرية 2025 بنسبة 53.99% (رابط بوابة الأزهر الإلكترونية)    دعاء الفجر.. اللهم إنا نسألك فى فجر هذا اليوم أن تيسر لنا أمورنا وتشرح صدورنا    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



«ميكروفون».. الموسيقى جملة مستقلة بين «الحكومة» و«التشدد الدينى»
نشر في المصري اليوم يوم 14 - 12 - 2010

يتنافس ميكروفون ضمن أفلام المسابقة الدولية لواحد من أهم المهرجانات الأوروبية وهو مهرجان سالونيك الذى اختتمت فعالياته أمس الأول وبلغ الدورة الواحدة بعد الخمسين هذا العام.. وكان المهرجان قد عرض العام الماضى «فيلم هليوبوليس» للمخرج نفسه أحمد عبدالله فى مسابقته الرسمية خلال دورة اليوبيل الذهبى.
فى بداية الفيلم تقف سلمى/ يسرا اللوزى المخرجة المستقلة أمام كاميرا زميلها فى مشروع تصوير فرق الموسيقى «المستقلة» بالإسكندرية ليسألها: إيه الفرق بين الفيلم الروائى والفيلم التسجيلى؟
هذا السؤال هو مفتاح أساسى لقراءة «ميكروفون»، فهو فى التعريف التقليدى يصنف دكيودراما أى دراما روائية مطعمة بعناصر تسجيلية.. ولكن قوة التجربة تكمن فى قدرتها على إذابة الفرق بين الروائى والتسجيلى أو توليد المشاعر الدرامية من المادة التسجيلية سواء عبر إعادة إنتاج الحكايات المعروفة من قبل شخصيات الفيلم لمخرجه قبل التصوير أو إعادة حكيها أمام كاميرا الشخصيات التى يختفى خلفها المخرج أو أناه الآخر (سلمى ومجدى) فالجانب التسجيلى فى الفيلم يضطلع به كل ما يخص المادة المصورة عن فرق الإسكندرية الموسيقية التى تقدم موسيقى بديلة أو مستقلة وكلها مسميات تطلق على فرق مثل «مسار إجبارى» و«صوت ف الزحمة» أو فرق الهيب هوب المصرى، التى تحاول تقديم لون موسيقى مختلف عن السائد.. إنها الفرق التى يحاول الفيلم أن يعطيها «الميكروفون» ليسمع الجمهور صوتها. وهذا هو تحديدا أهم ما قدمه الفيلم عبر ساعتين من الحبكات الصغيرة والأغانى التى تعلق عليها أو تكمل حكيها.
نقطة الانطلاق تبدأ من شخصية خالد أبوالنجا المهندس العائد من أمريكا بعد سنوات، الذى يعمل مع مؤسسة جدران، وهى إحدى المؤسسات التى تهدف لتشجيع الفن فى الإسكندرية.. وهى مؤسسة واقعية يظهر أفرادها ومكتبها فى الفيلم بشكل حقيقى..فقط تندس وسطهم الشخصيات الدرامية مثل خالد وهانى عادل ليشكلا المحرك الدرامى للمادة التسجيلية.. هذه المادة يتم جمعها عبر كاميرا سلمى ومجدى فى شكل المشروع التسجيلى المستقل..وبالتالى نحن أمام فيلم داخل فيلم أو فيلم حقيقى يختبئ خلف فيلم يعيد إنتاج الواقع ليطرح وجهة نظر صانعيه فى اللحظة الراهنة اجتماعيا وسياسيا وإنسانيا. صحيح أن الفيلم يشتبك بشكل كبير مع فيلم المخرج التركى فاتح أكين «صوت اسطنبول»، الذى كان يحاول اكتشاف المدينة من خلال الموسيقى التى تفرزها لكن تجربة عبدالله هنا أكثر انفتاحا على استخدام التوجيه الدرامى للمادة التسجيلية! وهى تجربة خطيرة لأنها لا تعتمد على سرد تقليدى أو أشكال سابقة التجهيز ولكن جزءاً كبيراً منها يعتمد على الارتجال والعفوية، حيث يستخدم عبدالله الشخصيات الحقيقية فى تمثيل أدوارها الحقيقية ويكمل بالشخصيات الدرامية ما ينقص عن الواقع أو يعادله بالدراما.. فلدينا مثلا شخصية صالح رئيس المركز الوطنى بالإسكندرية الذى يدعى طوال الوقت أنه فنان ومع الفن والفنانين وحرية التعبير فى حين أنه يقوم بشكل ماكر جدا بعملية الخنق والتضييق على كل التجارب المختلفة أو الأصوات التى تغرد خارج القطيع - وليس السرب - ولدينا شخصيات العساكر والضباط الذين يقومون بالتضييق على أبطال الفيلم أو باستحضار حادثة شهيرة مثل مقتل خالد سعيد مثلا. ويبدو أحمد متأثرا بتجربة كريستوفر نولان «تذكار» فى مسألة الخطوط الزمنية التى تسير عكس بعضها وبشكل غير مرتب. خاصة فى الحبكة الخاصة بعلاقة خالد بمنة شلبى حبيبته التى عاد ليجدها تستعد للرحيل بعد أن فشلت فى الإجابة عن كل الأسئلة الاجتماعية والسياسية الوجودية التى تخص بقاءها فى مجتمع كمجتمعنا تضطر فيه لإغلاق باب سيارتها خوفا من أن يقتحمها أحدهم عليها!! ونجح عبدالله فى استخراج بطله الدرامى من داخل أغانى الفرق التى نسمعها عبر شريط الصوت فى علاقة جدلية رائعة، حيث كأن خالد شخصية مستوحاة من الأغانى وفى الوقت نفسه تقوم الأغانى بالتعليق على مشاعره وأفكاره. وقدمت شخصية خالد الكثير من الإشارات الكلامية والبصرية التى تدعم فكرة الميكروفون مثل لقطة سقوط سماعة الرأس عنه فى أول مرة يستمع فيها لإحدى الفرق وهى تغنى فى الشارع بشكل «غير قانونى» هنا نشعر أنه لم يعد فى حاجه لأن يسمع موسيقى قادمة من جهاز بل صار فى إمكانية أن يستمع إلى موسيقى حية شكلا وموضوعا.
أزمة الفيلم تكمن فى استغراقه داخل إحدى الحبكات الصغيرة مثل الحبكة الخاصة بالمحل الذى تستخدمه فتاة الجرافتى آية، والذى يعرض للبيع من قبل أهلها وتحاول مؤسسة جدران شراءه دون أن تدرى بأهميته الفنية (فى الماضى والحاضر) حيث تستغرق تلك الحبكة التى يتورط فيها والد خالد/محمود اللوزى -ذلك الموسيقى الصامت المعتزل- وقتا طويلا يثقل إيقاع الفيلم خاصة قرب النهاية.. والتى كان يجب التحضير لها بتسارع وصعود.. كذلك بدت الأزمة «العاطفية» بين سلمى ومجدى أثناء تصوير فيلمهما مبهمة وغير مفهومة.. وكأنها أزمة وجودية كلاسيكية ليس لها رأس أو أقدام، فقط ظل ثقيل بلا ملامح، يمكن أن تشرح لنا لماذا حدثت الجفوة بينهما!
ولكن أميز ما فى النهاية هو أنها استكملت الشكل الواقعى/ التسجيلى للتجربة.. حيث لم ينته الفيلم مثل أكلاشيهات الأفلام الموسيقية، التى يشتهر فيها الفنان ويقبل الجمهور على موسيقاه فى حفلة شعبية مهيبة! ولكن جاء عنصر إلغاء الحفل سواء من قبل المركز الوطنى (القومى) أو تدخل الشرطة بحجة إشغال الطريق أو العناصر المتزمتة بحجة قرب المسرح فى الشارع من مكان للصلاة ليحقق تحديدا فكرة أن الفيلم هو الميكروفون الحقيقى.. ليس فقط لتيار الموسيقى المستقلة ولكن لكل الأسئلة التى طرحت أو الأفكار التى تم التصريح بها.. ويكفى أن مشهد إيقاف الاستعداد للحفل حصر تكوينيا خالد والمجموعة بين بوكس الشرطة والمجموعة المتزمتة المعترضة على الحفل الموسيقى وهما قوسا الأزمة الاجتماعية والسياسية فى مصر (الحكومة والتيار الدينى المتزمت) بينما بدا اتجاه الجميع للبحر فى المشهد الأخير هو أفق الأمل الباقى فى حرية تحاول أن تكتسب ولو بالموسيقى والأغانى..حرية تؤكد عليها أغنية النهاية بكل دفئها وشجاعتها فى الإعلاء من الإرادة والاستهانة بكل ما يمكن أن يكبل الفرد أو يعوق استمتاعه بالحياة والآخرين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.