حفلت أزمة مهرجان «لقاء الصورة» الذى ينظمه المركز الثقافى الفرنسى فى القاهرة بالعديد من الخلط والمغالطات والتناقضات وتشويه المعلومات بقول نصف الحقيقة أو صياغتها على نحو أيديولوجى مضلل. وعلى سبيل المثال كان الاعتراض على مبدأ عرض فيلم لمخرجة إسرائيلية، وليس على الفيلم ذاته، والذى لم يكن قد شاهده أحد بعد، ومع ذلك نشر أنه يصور الشعب المصرى على أنه شعب من الهمج غير المتحضرين، ومن دون أن يقول الكاتب على أى أساس ينشر هذا الكلام. وجرى نقاش حول هل أرض المركز الثقافى الفرنسى فرنسية أم مصرية، بينما هذه مسألة لا تقبل المناقشة لأن كل أراضى السفارات والمراكز التابعة لها فى كل دول العالم هى أراض أجنبية حسب كل القوانين، بل إن أراضى طائرات الشركات الوطنية هى أراضى الدولة التى تمثلها أينما حلت. وفى الوقت الذى كان فيه البعض يطالبون فرنسا بالاعتذار عما كانت تنوى أن تفعله وتراجعت عنه، تم اتهام فرنسا بالتعالى على المصريين، فمن الذى يمكن وصفه بالتعالى فى هذه الحالة، أم أن الكلمات أصبحت تتردد من دون إدراك معانيها. وقد عبر المتحدث الرسمى باسم وزارة الخارجية الفرنسية وهو يعلن إعادة الفيلم إلى المهرجان، بعد أن سحبه مدير المركز الفرنسى، أنه لا يوافق المخرجين المصريين على سحب أفلامهم، ولم يناقش حريتهم فى فعل ذلك، ولم يناقش حرية المصريين الذين استقالوا من لجنة التحكيم فلماذا رد عليه المتحدث باسم وزارة الخارجية المصرية بأن هذا تدخل فى حرية السينمائيين المصريين حسب الدستور المصرى! لقد ساهمت فرنسا فى تعليم الدنيا ما هى الحرية عبر مفكريها من فولتير إلى سارتر، ونحن الذين لم نعد نعرف ما هى الحرية. الحرية التى غابت فى تلك الأزمة أن يكون المركز الفرنسى حراً، فى عرض فيلم لمخرجة إسرائيلية، وكل سينمائى مصرى حر فى أن يشارك فى المهرجان أو لا يشارك، وكل مصرى حر فى أن يشاهده أو لا يشاهده، وحر فى أن يعتبره تطبيعاً مع إسرائيل، أو لا يعتبره، بل حر فى أن يوافق على التطبيع أو يرفضه، هذه هى الحرية، ومن يبع الحرية من أجل أى شىء يفقد الحرية ويفقد كل شىء. [email protected]