دائرة «الباجور».. ودائرة «مصر»

فتحت وفاة النائب الكبير المرحوم كمال الشاذلى جدلاً حقيقياً حول الموقف الانتخابى من وفاة أحد المرشحين بعد غلق باب الترشيح وإعلان الكشوف النهائية، ورغم الحسم القانونى لمسألة عدم إعادة فتح باب الترشح، رداً على من يحاولون الدفع بنجل الشاذلى على مقعد والده، فإن البعض ذهب وفق هذا القياس وأنا منهم لطرح سؤال حول افتراض وفاة مرشح رئاسى عقب غلق باب الترشيح، وكأن ذلك يمكن اعتباره تدخلاً قدرياً لإحداث التغيير.
والحقيقة أننى قبل 4 أشهر تماماً كنت طرفاً فى جدل مبكر جداً حول هذا السؤال الافتراضى، فى لقاء استرخائى جمعنى بالكاتبين الكبيرين د.حسن نافعة ومحمد أمين فى قلب البحر بساحل منتجع «الجونة»، يومها طرح «أمين» السؤال، وغرقنا- ثلاثتنا - فى تفسيرات بين الجدية والتندر، ويومها قلت متندراً إن الحزب الوطنى «قادر» على أن يعلن فوز مرشحه المتوفى ليطعن على الانتخابات ويضمن إعادتها، وكان حديثى فى سياق هزلى ساخر، خاصة أن السؤال الافتراضى كان مباغتاً وبلا سوابق للقياس عليها.
حتى إننى سألت قيادياً بالحزب فحدث له الارتباك نفسه، وذهب إلى إمكانية ترشيح الحزب لاثنين أحدهما رئيسى والآخر احتياطى، مؤكداً أن القياس على الانتخابات البرلمانية يجعل الحزب يفقد فرصته فى المنافسة إذا ما توفى مرشحه بعد غلق باب الترشيح، خاصة إذا لم يكن لديه بديل «مستخبى» أو آخر يمكن استقطابه للترشح باسم الحزب.
لكن وفاة الشاذلى وتغيّر الحسابات فى دائرة «الباجور» أعادا طرح السؤال، وقياسه بما يمكن أن يحدث فى الانتخابات الرئاسية، وتابعت وشاركت فى نقاش مع مهتمين من اتجاهات متعددة عبر موقعى «فيس بوك» و«تويتر» حتى تأكدت أن القياس بين الانتخابات البرلمانية والرئاسية فى غير محله قانوناً، فإذا كان القانون لا يلزم لجنة الانتخابات بإعادة فتح باب الترشيح فى الدوائر التى يتوفى أحد مرشحيها، فقد نظم إجراءات مغايرة بخصوص الرئاسة عبر جملة فى نص المادة 76 من الدستور تقول: «كما يحدد القانون القواعد المنظمة لترشيح من يخلو مكانه من أحد المرشحين لأى سبب غير التنازل عن الترشيح فى الفترة بين بدء الترشيح وقبل انتهاء الاقتراع‏».
وعندما عدت لنص قانون تنظيم الانتخابات الرئاسية، وجدت المادة «18» منه قد حسمت المسألة بنصها على أنه: «إذا خلا مكان أحد المرشحين لأى سبب غير التنازل عن الترشيح خلال الفترة بين بدء الترشيح وقبل إعلان القائمة النهائية للمرشحين، تتولى لجنة الانتخابات الرئاسية الإعلان عن خلو هذا المكان، وفتح باب الترشيح لخمسة أيام على الأكثر، ويكون لغير باقى المرشحين التقدم للترشيح خلال هذه المدة، وإذا كان الخلو خلال الفترة بين إعلان القائمة المذكورة وقبل انتهاء الاقتراع ، يتم الإعلان عن هذا الخلو وتأجيل الموعد المحدد للاقتراع مدة لا تزيد على خمسة وعشرين يوماً، ويكون لغير باقى المرشحين التقدم للترشيح خلال سبعة أيام على الأكثر من التاريخ، الذى أعلن فيه خلو المكان».
تلك معلومة غير مدققة إذن، قدمتها لك قبل 4 أشهر، واكتشفت خطأها، وواجبى تصحيحها، وأوقع التباسها كتاباً كباراً وسياسيين وحزبيين فى ذات الاتجاه، واحتاجت 4 أشهر حتى تحدث سابقة فنكتشف أن «الترزية» فى أدغال قوانينهم وصياغاتهم، تحسبوا لكل كبيرة وصغيرة.. هؤلاء «الترزية» هم فخر الصناعة المصرية بحق..!
sawyelsawy@yahoo.com