تكشف المناقشات الدائرة حول ترشح الدكتور البرادعى للرئاسة عن رسوخ بل تقبل فكرة الرئيس الفرعون الذى يمسك بكل خيوط اللعبة، ويتدخل فى كل كبيرة وصغيرة، ويقرر كل شىء، من أول رسم سياسة الدولة إلى الأمر بإنجاح طالبة فى أولى ثانوى كتبت موضوعاً فى التعبير!! وقد ظهر هذا واضحاً فى كثير من الآراء- منها آراء لكتاب مشهورين- يرى أصحابها أن الرئيس القادم لابد أن يكون عارفاً بالعلوم العسكرية والسياسية والاقتصادية والاجتماعية والقانونية وربما الهندسية والطبية، وألا يكون قد غاب عن البلاد مدة طويلة، ويفضل أن يكون من داخل النظام للمحافظة على الاستقرار!! هذه الآراء تكشف- كما بدأنا- عن رضا أصحابها بهذا الوضع الذى تختص به الدول المتخلفة ذات الرئاسة الأبوية، التى تعتبر الرئيس أو الملك كبير العائلة وبالتالى فلا مناقشة ولا مراجعة ولا محاسبة ولا تداول للسلطة، فلا أحد يستطيع عزل أبيه من رئاسة الأسرة. وأصحاب هذه الآراء التى ليست لوجه الله دائماً لا يعرفون أو يتجاهلون أن الرئيس فى الدول المتقدمة لا يملك كثيراً من الصلاحيات التى تمتع بها حكام العالم الثالث، وإنما يحكم عن طريق مؤسسات متخصصة ذات كفاءة عالية، وهيئات من كبار المستشارين فى كل المجالات، ويكفى أن يتصف هو برجاحة العقل والشخصية القيادية، والإرادة القوية، والقدرة على الاستماع والتنسيق بين المؤسسات، والرغبة فى النجاح، والحرص على أمن ومصلحة بلاده ومكانتها، وعلى شعبيته فهى المعيار الأهم لقياس مدى نجاحه!!.. وأعتقد أن هذه الصفات تتوافر فى الآلاف من المصريين، ولا ينقصنا إلا تغيير نظرتنا لأسلوب الحكم وإفساح المجال لذوى الكفاءة.