سيادة الرئيس.. السلام عليكم، وألف مليون سلامة.. بعثت إليكم برسالة أمس، أرجو أن تكون قد تسلمتها. بعد الاطمئنان على صحتكم، واطمئنانكم على «دولتكم» بحكومتها وبرلمانها وشعبها.. دعنى أدخل فى الموضوع، دون أن أثقل على مريض فى مرحلة النقاهة، أو «أحشر» نفسى بما ليس لى.. غير أن رسالتى اليوم تتعلق بما لى، وبما ل80 مليون مصرى يتضرعون لله عز وجل بالدعاء أن يعيدكم لنا شافياً معافى..! سيادة الرئيس.. لا تحزن ولا تبتئس.. فمن منا لم يمرض.. ومن منا لم يدخل غرفة الجراحة مرات ومرات.. أنا - مثلاً مثلاً - أجريت 4 عمليات جراحية قبل أن أتجاوز الأربعين من عمرى.. ودخلت المستشفى مرات عدة مريضاً ومحمولاً على «كرسى متحرك».. لم أحزن، وإنما شكرت الله تعالى لأنه يتذكرنى.. المرض - يا سيادة الرئيس - ابتلاء، وفى الابتلاء اختبار لإيمان المرء.. وفى الاختبار تكفير عن الذنوب.. ولكن فى المرض ما هو ثمين أيضاً.. إنه التأمل الهادئ والتفكير العميق فى أمور كنا نراها بعين مختلفة ونحن نلهث فى الحياة، ويأتى المرض ليمنحنا فرصة ثمينة لإعادة النظر فى كل شىء، وفى ذلك حكمة غرسها الخالق فى عباده وأمراضهم..! سيادة الرئيس.. يقول المهاتما غاندى، بفكره الثاقب وفلسفته الحكيمة: «المرء يمرض ليراجع ذاته.. إنها لحظات رائعة تجعله ينظر إلى أعلى.. إلى سقف الغرفة أو الفضاء المتسع.. لا فرق.. المهم أنه يجلس أطول وقت ممكن مع نفسه.. وكثيرون يخرجون من هذه الوقفة بأشياء تغير التاريخ» سيادة الرئيس.. تعرفون قطعاً أن التاريخ يتغير حين يريد البشر.. وتعرفون أيضاً أن الإرادة - إن توفرت - تفعل المستحيل، وتعرفون أكثر منى أن المرء يخشى أحياناً أشياء تبدو له صعبة، ولكن حين يكسر هذا الحاجز يدرك أنها كانت تتحصن خلف جدار هش، والجدران نصنعها بأيدينا، وكلما تجاهلناها ازدادت قوة وارتفاعاً، وكأنها تسكن القلوب، وتغلق الأعين! .. إنى أصدقك القول.. فليس أنسب من هذه اللحظة لتفكر وتتأمل فيما هو أفضل لوطنك وأهلك.. لن أقول لك ما يتجاوز به بعض المعارضين، فكثيرون فى مصر يعترفون بأن أموراً باتت أفضل، ولكننا لم ننطلق، ولم نتقدم إلى مصاف أمم كانت خلفنا بعقود كثيرة.. لذا لا أمتلك لائحة مطالب، بقدر ما يسكن أعماقى حلم أراه فى عيون الناس كلها.. أن نكسر حالة الجمود الراهنة، وأن نقهر عبارة «ليس بالإمكان أبدع مما كان».. فقط تأمل وفكر.. ثم جرب أن تغير ما جعلنا هكذا إلى ما يحملنا إلى أفق جديد..! سيادة الرئيس.. أحبك مثل كثيرين فى مصر.. ربما لا نرى فى بعض المحيطين بك خيراً، ولكننا لا نحمل لك ضغينة.. فإذا حملت لنا ذات الحب وجب عليك أن تفكر فى حالنا، ومستقبلنا، وأيام قادمة نخشى على أبنائنا قسوتها.. إذا تأملت، ربما تجد أن التعليم فى مصر بحاجة إلى ثورة شاملة.. وربما تكتشف أن الفساد أصبح أقوى من الدولة.. وربما ترى أن تعديل المادتين «76» و«77» من الدستور فى صالحنا وصالحك.. وربما تدرك أن بلداً جميلاً مثل مصر لا يستحق أن يعيش أسيراً لحالة الطوارئ 30 عاماً كاملة.. وربما تؤمن أن شعباً أثبت على مدى التاريخ أنه أقوى من الزمن جاهز ليحملك فوق الأكتاف وأنت تقوده نحو الأفضل..! سيادة الرئيس.. أكتب لك صادقاً مخلصاً.. وإن أصبت فلى أجر، وإن تجاوزت، ففى حب مصر ألف مبرر لمن لا يجيد النفاق..! [email protected]