شكاوى واستغاثات عديدة أطلقها المواطنون نتيجة ما وصفوه بالمعاناة اليومية التى يعيشونها فى ظل استمرار وجود مسابك صهر المعادن بالقرب منهم، رغم مئات التوصيات الرقابية والشعبية التى شددت على ضرورة نقل هذه المسابك خارج نطاق الكتل السكنية، التى كانت نتيجتها استجابة المجلس التنفيذى للمحافظة – منذ أكثر من 15 عاماً – وموافقته عام 1996 على نقلها بشكل كامل. وتسبب مرور أكثر من 15 عاماً على صدور قرار النقل دون تنفيذه فى تزايد حدة الانتقادات الشعبية الموجهة للجهات القائمة على تنفيذ المشروع الجديد، نتيجة ما اعتبره البعض «تأخيراً غير مبرر» من جانبها، نظراً لتوافر جميع الإمكانيات والتجهيزات الكفيلة بإنهاء هذا المشروع خلال فترة وجيزة لدى تلك الجهات منذ سنوات طويلة. وطبقاً لأحدث الإحصائيات الصادرة عن جهاز شؤون البيئة فى المحافظة فإن عدد المسابك الموجودة فى منطقتى اللبان وأبو الدرداء بحى الجمرك، وكذلك مناطق الفراهدة والعطارين، التى تشمل مسابك النحاس والألومنيوم والزهر بلغ نحو (240) مسبكاً. فى البداية انتقد حسانين أحمد حسانين، عضو المجلس المحلى لحى الجمرك، ما وصفه بتأخر تنفيذ قرار نقل المسابك الواقعة فى منطقة اللبان منذ فترة طويلة، نتيجة استمرارها فى نشر التلوث فى المنطقة السكنية المحيطة بها، واستمرار شكاوى السكان منها، خاصة أن معدلات الكثافة السكانية بها شهدت ارتفاعاً كبيراً خلال السنوات الماضية – وفق قوله. وحذر «حسانين» من استمرار ما سماه «سياسة المسكنات» من جانب مسؤولى الجهات المختصة فى المحافظة، وقال: «علمنا أن أعمال الإنشاء بدأت منذ فترة طويلة، ولكننا منذ صدور قرار نقل هذه المسابك فى عهد المحافظ الأسبق إسماعيل الجوسقى حتى الآن لم نر أى شىء جديد، رغم استمرار شكاوى المواطنين بشأن تضررهم من الأدخنة والروائح الناتجة عن عمليات صهر المعادن داخل هذه المسابك البدائية». وتساءل «حسانين»: «لماذا لم يتم نقل المسابك حتى الآن، على الرغم من انتهاء المسؤولين من حل جميع المعوقات التى واجهتهم فى بداية الأمر؟ وأين منحة وزارة التعاون الدولى التى تم تخصيصها لتنفيذ هذا المشروع.. وهل هناك معوقات لاتزال تواجه تنفيذه أم لا؟!». وأكدت المهندسة هدى خالد، مدير مكتب الأمن الصناعى بحى الجمرك، انتهاء إدارة السلامة والصحة المهنية بمديرية القوى العاملة فى المحافظة من عملية إجراء حصر شامل للمسابك الموجودة فى الحى منذ أكثر من عام. وأوضحت «هدى» فى تصريحات ل«إسكندرية اليوم»، أن دور الإدارة كجهة تنفيذية يقتصر فقط على عمليات التفتيش والمتابعة المستمرة، بالإضافة إلى تحرير المحاضر للمخالفات التى يتم التثبت من وجودها فى هذه المسابك، «أما عملية نقلها فهى لا تقع ضمن اختصاصنا». وقال المهندس صلاح متولى سالم، مدير إدارة الرخص بحى الجمرك، إن أكبر عدد من المسابك الموجودة فى المحافظة يقع ضمن النطاق الإدارى للحى، إذ يصل عددها – بحسب تأكيده – إلى 169 مسبكاً مرخصاً، بخلاف عدد آخر يعمل دون تراخيص. من جانبه، نفى اللواء محمد عيد يوسف، رئيس حى الجمرك، وجود علاقة للحى بموضوع نقل المسابك ورفض الإدلاء بأى تصريحات حول قرار النقل ومشروع المسابك الجديد الذى يتم تنفيذه منذ سنوات. وأرجعت الدكتورة منى جمال الدين، رئيس الإدارة المركزية لجهاز شؤون البيئة فى المحافظة، تأخر تطبيق قرار نقل المسابك – الذى سيحد من معدلات التلوث داخل الكتل السكنية - إلى تعدد مراحل تنفيذ مشروع مجمع المسابك الجديد فى منطقة النهضة، بالإضافة إلى رغبة القائمين على عمليات التنفيذ فى تجهيز الوحدات وفقاً لأحدث النظم والطرز العالمية فى هذا المجال. وأضافت «منى»: «خصصت المحافظة مساحة 28 فداناً فى منطقة البتروكيماويات الصناعية بالنهضة التابعة لحى العامرية، لنقل المسابك من داخل الكتلة السكنية إليها، وتم الحصول على موافقة وزارة الدولة لشؤون البيئة بشأن دراسة تقييم الأثر البيئى للمشروع الذى يتم تنفيذه بتمويل من وزارات التعاون الدولى والمالية والبيئة والمحافظة، حيث تبلغ تكلفته الكلية شاملة إدخال المرافق نحو 46 مليون جنيه». وأوضحت رئيس جهاز البيئة بالمحافظة، أنه تم الانتهاء من المرحلة الأولى للمشروع بتكلفة إجمالية قدرها 21 مليون جنيه، والتى تضمنت– بحسب قولها- إنشاء عدد (128) مسبكاً، تم تقسيمها وفقاً للمساحة إلى مسبك صغير بمساحة 60م، ومسبك متوسط بمساحة 120م، ومسبك كبير بمساحة 240م. وأضافت: «إن العمل فى المرحلة الثانية بدأ منذ شهر يناير الماضى، وأنه من المقرر بدء إنشاء وحدة معالجة للصرف الصحى، بالإضافة إلى عمل نظام مجمع لسحب الأدخنة من كل وحدة بحيث تشمل (مدخنة المسبك– مدخنة رئيسية– غرفة خدمات) ضمن المراحل اللاحقة التى سيتم تنفيذها بالمشروع. وأكدت أنه يجرى حالياً الانتهاء من أعمال المرحلة الثانية للمشروع، والتى تتضمن– وفق قولها- إنشاء عدد 112 مسبكاً (88 مسبكاً متوسط و 28 مسبكاً كبيراً)، فضلاً عن إنشاء عدد 15 مدخنة رئيسية ومداخن فرعية ومبنى إدارى ومسجد وغرف محولات الكهرباء تقرير رقابى يكشف مخالفة المسابك الحالية للاشتراطات الصحية والبيئية كشف تقرير رقابى للجنة شؤون البيئة بالمجلس المحلى للمحافظة، عن استمرار مخالفة المسابك الموجودة داخل الكتلة السكنية فى منطقة اللبان للمعايير والاشتراطات الصحية والبيئية المفترض التزامها بها. وحذر التقرير من تزايد المخاطر التى تتسبب فيها المسابك، نتيجة استخدام أصحابها لزيوت منتهية الصلاحية فى عمليات التشغيل، فضلاً عن عدم التزامهم بمواعيد العمل الرسمية واستمرارهم فى العمل حتى الساعات الأولى من الصباح. وانتقد استمرار تصاعد أبخرة أكسيد النحاس والزنك فى المنطقة المحيطة بتجمعات المسابك، نظراً لتضرر المواطنين المقيمين فيها طوال اليوم وارتفاع معدلات الإصابة بالأمراض الصدرية فيما بينهم. وأوصى التقرير بمخاطبة مسؤولى مديرية القوى العاملة فى المحافظة، للتنبيه على إدارة السلامة والصحة المهنية (الأمن الصناعى) بشأن تكثيف عمليات المرور الميدانى والتفتيش على المسابك الواقعة داخل نطاق الكتلة السكنية فى الجمرك بصفة منتظمة ودورية، بالإضافة إلى التأكد من توافر الاشتراطات الصحية والصناعية بها. وطالب باتخاذ جميع الإجراءات القانونية اللازمة تجاه المحال والمسابك غير المرخصة، فضلاً عن تغليظ العقوبات والغرامات المقررة فى القانون، خاصة فى حالة ثبوت عدم التزامها بجميع المواصفات والمعايير- بيئياً وصحياً – على حد سواء.