حين سألت وزير الإعلام الأسبق «محمد فائق»، فى حوار تليفزيونى، عن مسؤولية الإعلام عن تضليل الرأى العام بعد نكسة 67.. أجابنى بهدوئه المعروف: (كنا نذيع البيانات، ولا نصنعها)!! إنها واحدة من أخطاء «الديكتاتور العادل» - «أبو خالد». «ناصر - الثورة» اختار صوته: (الست، حليم، جاهين)، ورسم صورته بريشة «هيكل»، وصدّرها للعالم عبر إذاعة «صوت العرب».. إن كنا «رواداً» بالفعل فى ساحة الإعلام، فلأننا كنا نعرف «الخطاب الإعلامى» المناسب للمرحلة. حتى بعد النكسة رفع الإعلام شعار: «البحث عن نغمة صحيحة»، ربما أفرزت تلك المرحلة نغمة «تخدير»: (السح الدح إمبو).. فالخريطة السياسية (داخليا وخارجيا) لم تكن تتسع لأكثر من «ديكتاتور»! لكن المناخ السياسى أصبح - فيما بعد - معمل تفريخ ل«مراكز القوى»، ممن يتاجرون ب«السلام» و«الانفتاح» و«الأفكار»! ويشترون المواقع بتصفية «جيوب الناصرية»! أصبح «بقلظ» بطلاً قومياً!. وتحولت «فوازير رمضان» إلى هم عام، وتصدرت صور «السيدة الأولى» المشهد الإعلامى: (تناقش الماجستير، وتضمد جرحى أكتوبر)!. ارتدى «السادات» ثوب «الرئيس المؤمن» ووشاح «القضاء» وأمسك عصا «المارشال»، بينما خلعت زوجته «عباءة» التقاليد البالية، وجسدت دور «الليدى» صاحبة الأصول الإنجليزية.. وانتهى المشهد بقطع البث المباشر لاحتفالات 6 أكتوبر: «اغتيال السادات»! وبقيت فكرة «الريادة الإعلامية» هوساً يسكن عقول المصريين. بالرجال أنفسهم: (رفع الرئيس «مبارك» العلم المصرى على «طابا»، وأمسك يد «أبوعمار» على مدخل «الأراضى المحررة».. وبادر بإنهاء «المقاطعة العربية»). لانزال نكسر صمت الصحراء بدراما «أسامة أنور عكاشة»، وخصر «سهير زكى»، وقفشات «مدرسة المشاغبين»! الشعب العربى أدمن مصر – الدراما.. مصر – الثقافة والفن والإعلام، ليس لأننا الأفضل أو الأسبق، بل لأننا «الأوحد»: (إعلام بلا منافس، يبهر العرب بمناقشات «مجلس الشعب» ورقصات «شيريهان»، وخطب «الشعراوى»).. إنه الإعلام ب «الألوان». الدكتور «ممدوح البلتاجى» كان آخر وزير إعلام يملك «رؤية»، هو الأب الشرعى لمحطة «البيت بيتك»، وتجديد الشاشة، وكشف وقائع الفساد وإهدار المال العام - (راجع تقرير الجهاز المركزى للمحاسبات) - وهذه هى الجريمة التى أطاحت ب «البلتاجى»(!!). فى غمضة عين توج «أنس الفقى» على إمبراطورية «ماسبيرو»، من القنوات المحلية إلى «النايل سات»، بينما احتفظ رئيس مجلس الشورى «صفوت الشريف» بملف «الصحافة» بحكم منصبه وخبرته. فجأة «تحولت الهيئة العامة للاستعلامات» إلى أرجوحة: (رئيس يدخل وآخر يخرج، والمركز الصحفى يتقلب على نار «أهل الثقة»). ثم اشتعلت نار «الجزيرة» و«العربية» والتهمت قطاع الأخبار – بهيئته القديمة -، لم يَنْجُ من الحريق إلا لقطات نادرة لمظاهرة أو إضراب، أفلت بها «عبداللطيف المناوى» بعد انهيار «سقف» الحرية! «الدراما» خطفتها «دبى»، و«السياسة» حملتها الكوادر المصرية لمن «يدفع»! سقط الإعلام سقوطا مدويا فى تسويق «انتخابات الرئاسة»، كان «باهتا» و«كاذبا» فى «إخراج» جولات الرئيس، حتى «الوجوه القبيحة» التى استعان بها لتبرير أخطاء الحكومة، زادت من غضب الناس! (الريموت كنترول) سيد المرحلة، وبرامج «التوك شو» تعزف جيدا على مناطق «الوجع»: (طوابير الخبز، اغتصاب «الكبير».. الدويقة، بدو سيناء.. إلخ)! الجمهور ملَّ «التضليل الإعلامى» وذهب يبحث عن الحقيقة فى قنوات أخرى. فحين يصبح «شعبولا».. بطلا لحملات التوعية، قل على «التطوير» السلام. «التقصير الإعلامى» لم يبدأ بالحرب على «غزة»، ولن ينتهى بحادث تفجير «الحسين»! «الإعلام الرسمى» يشوه صورة البلد والشعب والنظام، لدرجة «مخجلة» تستحق المساءلة.. إنها فزورة تفتقر للإبداع والإبهار، والحبكة الدرامية، «فزورة» يحتكر بطولتها وحلها الوزير «أنس الفقى»!. [email protected]