اختلف سياسيون ومثقفون عرب حول تقييم إنجازات نظم الحكم العربية، ومدى استجابتها لوثيقة الإسكندرية للإصلاح، التى صدرت قبل 5 أعوام من مكتبة الإسكندرية بمبادرة من 500 مثقف عربى. وأكدوا أمس - خلال المؤتمر السادس للإصلاح العربى، الذى يعقد فى مكتبة الإسكندرية تحت عنوان «العالم العربى بين الحاضر والمستقبل» - أن الأوضاع العالمية الجديدة «تفرض على العرب» إعادة التفكير فى لعب دور على الساحة الدولية. وطالب الدكتور إسماعيل سراج الدين، مدير مكتبة الإسكندرية، بالتفكير فى مستقبل العالم العربى فى ظل التغيرات العالمية التى تشهدها المنطقة، متسائلاً عن موقع العالم العربى من الثورة العلمية، وهل يواكبها أم لا. وقال سراج الدين: «رغم أن لدينا علماءً مثل أحمد زويل، لكن أمامنا تحديات كبيرة، خاصة أن الخريطة السياسية للعالم يعاد رسمها من جديد»، لافتاً إلى أن هناك دولاً عديدة تسعى إلى لعب دور على الساحة الدولية، منها الصين واليابان والهند وجنوب أفريقيا. وأضاف: «كل هذا ونحن العرب الذين نمثل ثلث القارة الأفريقية مثلاً بالسكان والأرض، وكنا المؤسسين والرواد فيها، لكن أين نحن الآن؟!». وتوقع سراج الدين أن تولد الأزمة الاقتصادية «نظاماً رقابياً» على الاقتصاد العالمى الجديد خلال عامين من المفاوضات، بينما يحتاج لإعادة هيكلة اقتصاديات العالم العربى من 3 إلى 5 سنوات حتى يتم التوافق عليها، داعياً إلى التفكير فى إعادة صياغة ما يجب أن يكون عليه العالم العربى خلال ال 15 سنه المقبلة. وفى كلمته، شدد الدكتور حسام بدراوى، رئيس لجنة التعليم بالحزب الوطنى، على أن تحقيق الإصلاح لا يقع فقط على عاتق الحكومات، وإنما يجب أن يكون بمشاركة جميع التوجهات، بما فيها المجتمع المدنى أيضاً، مؤكداً أن وثيقة الإسكندرية للإصلاح، «حققت العديد من الإنجازات»، خاصة فى مجال التعليم، حيث تأسست – حسب قوله - هيئات لضمان جودة التعليم فى 9 دول عربية استجابة لتوصيات الوثيقة، إلا أن تلك الجهود «لم تنجح مطلقاً» فى أغلب الدول العربية، فى جعل تلك المؤسسات مستقلة عن الحكومات ومتخذى القرار. وانتقد بدراوى «ارتفاع نسبة الأمية» فى الوطن العربى، وقال: «من العار أن ندخل القرن الواحد والعشرين و40% من سكان العالم العربى يعانون الأمية»، محذراً من أن الخوف الأكبر من الذين يخرجون من النظام التعليمى وهم أميون. واختلف الدكتور أسامة الغزالى حرب، رئيس حزب الجبهة الديمقراطية، مع ما طرحه بدراوى، وقال: «محصلة ما تم تحقيقه لوثيقة الإسكندرية هزيل للغاية، وما تم تحقيقه قليل من المطالب التى تضمنتها الوثيقةسواء فى مصر أو العالم العربى، فضلا عن بروز وتفاقم مشكلتين، هما تدهور التعليم والتفاوت الطبقى والاجتماعى الذى يهدد الأوضاع الداخلية لبلادنا». وأضاف حرب: «حتى الآن لم تحدث أى خطوات للإصلاح وتحقيق الديمقراطية فى وطننا العربى»، مشيراً إلى أن ذلك ينطبق على مصر وعلى العديد من البلدان العربية التى تفتقد الديمقراطية حسب قوله. ودعا حرب إلى حملة «ضغط شعبى» لتحقيق الإصلاح، يكون هدفها – حسب قوله - تحديد فترة انتقالية للحكم يسمح خلالها بتشكيل دستور ديمقراطى جديد، ويحمل مطالبات أخرى، منها إطلاق حرية تأسيس الأحزاب وتحرير الإعلام والصحافة، مشدداً على ضرورة الاستمرار فى الضغط الذى طالبت به وثيقة الإسكندرية للإصلاح قبل 5 سنوات من الآن. وقال عبد الكريم الأريانى، رئيس وزراء اليمن الأسبق، المستشار الحالى للرئيس اليمنى: «فى مجتماعاتنا نمارس كل ما هو مضاد لحرية التفكير»، مؤكداً أهمية طرح مفهومى ديمقراطية التعليم، وتعليم الديمقراطية، باعتبارهما الأساس لتحقيق أى إصلاح فى جميع جوانبه. وقال الدكتور عبدالرحمن المسدى، المفكر التونسى، إن وثيقة الإسكندرية هى أضعف الإيمان «فقد خلّصت المثقف من الحوار مع السلطة وخلّصت السلطة من الإصغاء للمثقف»، مضيفا: «النضال لا يعرف اليأس والفكر لا يعرف الاستقالة». وخلال جلسة «الحريات والحقوق المدنية بين التشريع والممارسة» بالمؤتمر، هاجم الدكتور أحمد كمال أبوالمجد، نائب رئيس المجلس القومى لحقوق الإنسان، تقرير الخارجية الأمريكية لحقوق الإنسان فى العالم، وقال: «هذا التقرير ليست له صلة بالواقع، ونأخذ عليه اعتماده على معلومات تقارير منظمات حقوق الإنسان، وتغافله سماع الطرف الآخر وهو الحكومات». واتهم أبوالمجد التقرير بأنه «ملتبس وغامض» فى بعض الحالات، مشيراً إلى أن المجلس القومى لحقوق الإنسان يعانى أزمة عند لقاء الوفود الأجنبية والأمريكية، قائلا: «ليست هناك لغة مشتركة بيننا».