شباب يحلمون بالسفر وعندما يتحقق يتمنون العودة

سنوات الغربة التى تضيع من عمر أى مصرى يمكن أن تغير كثيرا فى عمق انتمائه وحبه الذى يحمله لوطنه، لكن الحنين يظل هو الرابط المقدس الذى لا ينمحى.. الكل يسعى للسفر هاربا من واقع لا يستطيع تغييره، والكل أيضا يُمَنِّى نفسه بعودة حميدة وقريبة إلى حضن الوطن والأهل والجذور.
18 عاما قضاها أشرف فى الأردن، كل يوم مر عليه خلالها تجدد حلمه بالعودة إلى أرض الوطن، لا لشئ أكثر من الإحساس بالأمان: «فى بلدك عمرك ما تقلق على ولادك، تقدر تسيبهم فى أى مكان من غير خوف، ورغم إنى نفسى أرجع وأستقر فيها، بس ظروفها الصعبة هى اللى مخليانى أبعد عنها، هو الواحد بيتغرب ليه، ما هو عشان لقمة العيش، وده اللى مخلينى مأخر رجوعى لمصر لحد ما الأوضاع تتحسن والواحد يعرف يعمل قرشين فيها».
زيارة قصيرة فى إجازة هى كل علاقة سامح بمصر، إذ سافر إليها وهو طفل ابن 3 سنوات، لم يعِ وقتها أيًا من تفاصيل الدولة، ومفاهيم الوطن، ولا يعرف عنها سوى معلومات بسيطة: «مصر دى بلد فقير بس جميل وشبابه يعانى البطالة بس مليان آثار جميلة، ده غير شعبها الطيب..كتير بافكر أرجع وأعرف بلدى بجد، بس خايف من التجنيد».
قبل 3 سنوات خرج مختار حسن من مصر يائسا غير عابئ بأفكار وشعارات الوطن، ولا مكترثا بالعودة يوما ما إلى وطنه، لكنه وبعد خبرة 3 سنوات غربة يرى أن نار مصر ولا جنة الغربة..
رأْى مختار الذى تغير 180 درجة كان مبنيا على تجربة: «الحياة فى مصر أحسن من غيرها، لأن المصريين فى الخارج مظلومين والكل بيتعامل معاهم باعتبارهم حمير شغل، بيشتغلوا ليل ونهار بأقل أجر ومن غير كلمة شكر»..
فى أول أيام غربته عرف مختار معنى: «إنك تتبهدل فى بلدك ووسط ناسك أهون بكتير من البهدلة على إيد الغريب، وكفاية إن فى أول أيام غربتى إتنصب عليا فى 350 جنيه كانوا اللى حيلتى وقتها، ده غير التفرقة فى المعاملة بينى وبين أبناء الجنسيات التانية، بس الواحد مضطر يستحمل، كل حاجة تهون عشان تمن شقة وقرشين يأمِّنوا المستقبل، مستقبلنا فى مصر».