أجرى الزميل هشام علام حوارًا مع الدكتور ممدوح حمزة، فى «المصرى اليوم»، صباح الخميس الماضى، قال فيه إن هناك مخططًا أجنبيًا لشراء منطقة وسط البلد، وهدم عقاراتها، وأن هناك عروضًا خيالية على الإنترنت، يتقدم بها يونانيون! وقد فكرت، بعد أن قرأت هذه العناوين الزاعقة، أن أتقدم ببلاغ عاجل إلى النائب العام، ليحقق فى هذه الجريمة التى يحذر منها الدكتور ممدوح.. وحين جربت أن أفكر فى الموضوع بهدوء، اكتشفت أنه ليست هناك جريمة من أى نوع، وأن الدكتور ممدوح يقول كلامًا صارخًا، ليس وراءه أى «موضوع»! وإلا.. تعالوا نتصور ما سوف يحدث، على الصورة الآتية: صاحب عمارة فى وسط البلد يعرضها للبيع، ويتقدم يونانى، أو أجنبى من أى ملة لشرائها، والقانون فى مصر يسمح بإتمام عملية بيع وشراء من هذا النوع، وقد باع صاحب العمارة، واشترى الراغب فى الشراء، وسمح القانون، وانتهى الأمر. أين بالله عليكم الجريمة فى هذه العملية، وأين بالضبط المخطط الذى يسهر أعداؤنا على إتمامه فى الظلام؟!.. سوف يرد الدكتور ممدوح، ويقول إنها ليست عمارة واحدة، وإن هناك رغبة جماعية فى الشراء، وراءها نية مبيتة فى الهدم وطمس معالم وسط القاهرة.. وسوف أصدقه، وسوف أضيف بأن هذه الرغبة، فى حد ذاتها، شىء جيد، لأنها تضع القاهرة، من حيث تهافت المستثمرين عليها، على قدم المساواة، مع عواصم من عينة لندن وباريس، ثم أسأله: هل الهدم، إذا تم، يتم هكذا عشوائيًا، من الشارى لنفسه، أم أنه يجرى بتصريح مسبق من العاصمة؟!.. إذا كان الجواب بأن الشارى لن يستطيع هدم طوبة، إلا بتصريح مكتوب، وهو كذلك فعلاً، فنحن - إذن - نتكلم عن جريمة، لم تتم، وإذا حدث وتمت، فهى مسؤوليتنا نحن، من خلال الأجهزة المختصة فى القاهرة، وليست مسؤوليته هو على الإطلاق! وإذا كان هناك مَنْ سوف يقول إن فى هذه المنطقة عمارات أثرية تاريخية، لا يجوز الاقتراب منها، فسوف أبصم وراءه بالعشرة، ثم أقول إننى أعرف، وغيرى طبعًا يعرف، أن المبانى من هذا النوع، لها سجل فى وزارة الثقافة، وهو سجل مفتوح وليس مغلقًا، بمعنى أنه يستقبل فى قائمته الجديد من المبانى التاريخية، طول الوقت، وقد كنا نتصور، والحال كذلك، أن يتقدم الدكتور حمزة، بقائمة إلى الوزارة، فيها المبانى التى يرى أنها تاريخية، وأنها ينبغى الحفاظ عليها، ولكنه لم يفعل، وراح يصرخ، دون أن يقول لنا ما هو الموضوع على وجه التحديد، ودون أيضًا أن يضع أيدينا معه، على معالم الجريمة التى يحذر منها! ولابد أن يعرف، أن «أردوغان» كان عمدة لمدينة إسطنبول، قبل أن يصبح رئيسًا للوزراء، وأنه قد أعاد الحياة لتلك المدينة، وبعث فيها الروح، وخلق منها مزارًا للسياح من أرجاء العالم، وهو ما كان الوزير طلعت حماد، قد حاول جادًا أن يفعله، فى منطقة البورصة بوسط البلد! زمان.. كانت الإسكندرية معروفة بأنها مدينة «كوزموبوليتان» بمعنى أنها كانت مدينة عالمية، وكانت بهذه الصفة، وهذا المعنى، حاضنة لكل الأجناس من كل الدول، وكان الخواجة يعيش فيها، ويبيع، ويشترى، ويتاجر، ويكسب، ويعمل دون أى مشكلة، من أى نوع.. وكذلك كانت القاهرة، بل إن الخواجات كانوا موجودين فى الريف، وكانوا يتاجرون هناك، ويتحركون، ويستقرون، أما الآن.. فنحن يركبنا ألف عفريت ويصيبنا الهلع، كلما اقترب أجنبى من المطار، ونفترض دومًا، أن وراءه مخططًا، وفى عقله مؤامرة!!.. فمتى نفيق من هذا السخف؟!